يَا مَنْ شَكَتْ أَلَمِي مَعِي
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
يَا مَنْ شَكَتْ أَلَمِي مَعِي | طيَّبْتِهِ فِي مَسْمَعِي |
شَكْوَاكِ ألْطَفُ بَلْسَمٍ | لِجِرَاحَةِ المُتَوَجِّعِ |
مَا أعْلَقَ الشَّدْوَ الرَّخيمَ | بِكُلِّ قَلَّبٍٍ مُولَعِ |
غَنِّي أهَازِيجَ النَّوَى | وَعَلَى نُواحِي أَوْقِعي |
بِنْتَ الكِنَانةِ مَا رَمَى | بِكِ بَيْنَ هَذِي الأَرْبُعِ |
فِيمَ اغْتَرْبتِ وَكنْتِ فِي | ذَاكَ الأَمَانِ الأَمْنَعِ |
أَحُمِلْتِ مَحْملَ سِلْعَةٍ | جَلَباً بِغيْرِ تَطَوُّعِ |
فَفَرَرْتِ مِنْ قَفَصِ الْكَفِيلِ | إلى الْفَضَاءِ الأَوْسَعِ |
وَبِوُدِّكِ الْعَوْدُ الْقَريبُ | لِسِرْبِكِ الْمُسْتمْتِعِ |
فِي مِصْرَ مَصْرَخَةِ اللَّهِي | فِ وَمَلْجَإ الْمُتَفَزِّعِ |
مِصْرَ السَّمَاءِ الصَّحْوِ مِصْرَ | الدِّفْءِ مِصْرَ المَشْبَعِ |
مِصْرَ الِّتِي مَا رِيعَ سَا | كِنُهَا بِرِيحٍ زَعْزَعِ |
حَيْثُ المَرَاعِي وَالنَّدَى | لِلْمُرْتوِي وَالمُرْتَعِي |
حَيْثُ السَّوَاقِي الْحَانِيَا | تُ عَلَى الطُّيُورِ الرُّضَّعِ |
حَيْثُ الْحَرَارَةُ مَا تُوَا | ل ربِيبَهَا يَتَرَعْرَعِ |
أَمْ أَنْتِ مِنْ تِلْكَ الْجَوَا | لِي فِي الْفصُولِ الأَرْبَعِ |
لاَ تَعرِفِينَ مِنَ الزَّمَا | نِ سِوَى المَكَانِ المُمْرِعِ |
تَثِبِينَ مِنْ مُتَرَبَّعٍ | أَبَداً إِلَى مُترَبَّعِ |
بِهِدَايَةٍ صَحَّتْ عَلَى | طَلَبِ الأَحَبِّ الأَنْفَعِ |
وَثُقُوبِ فِكْرٍ فِي | التَّوَجُّهِ وَاخْتِيَارِ المَنْجَعِ |
وَغَنَاءِ رَأْيٍٍ عَنْ دَلاَ | لةِ إِبْرَةٍ أَوْ مَهْيعِ |
وقناعةٍ مِنْ قِسمةٍ | لَكِ عِنْدَ خَيْرِ مُوَزِّعِ |
فِي السِّرْبِ أَنَّى سَارَ لاَ | تَخْشيْنَ سُوءَ المَوْقِعِ |
السِّرْبُ مَا فِي السِّرْبِ مِنْ | عَجَبٍ لِذِي قَلْبٍ يَعِي |
تَنْضَمُّ حِينَ جَلاَئِهِ | أَشْتَاتهُ فِي مَجْمَعِ |
مِنْ غيْرِ مِيعَادٍ تَقدَّ | مَ لِلرَّحِيلِ المُزْمَعِ |
فَإِذا عَلاَ أَزْرَى عَلَى | سِرْبِ السَّفِينِ المُقْلِعِ |
آلاَفُ آلافٍ بِغَيْرِ | تَلَكُّؤٍ وَتضعْضُعِ |
وَبِلاَ هَزِيزِ تَقَلْقُلٍ | وِبِلاَ أَزِيزِ تَخَلُّعِ |
وَبِلاَ اصْطِدَامٍٍ فِي الزِّحَا | مِ مُحَطِّمٍ وَمُصَدِّعِ |
إنْ تَلْتئِمْ فَمُرُورُهَا | كَالعَارِضِ المُتَقَشِّعِ |
أَوْ تَفْتَرِقْ فهِي الْجُيُو | شُ بِقَادَةٍ وَبِتبَّعِ |
كُلٌّ يسِيرُ ولا يُخَا | لِفُ فِي الطَّرِيقِ المُشْرَعِ |
كُلٌّ يُجَارِي رَأْيَهُ | وَالرَّأيُ غَيْرُ مُوَزَّعِ |
كُلٌّ كَرُبَّانٍ يُدِيرُ | زِمَامَ فلْكٍ طَيِّعِ |
بِالْيُمْنِ يَا غِرِّيدَةَ الْوَادِي | إلى الْوَادِي ارْجِعِي |
إِنِّي لَأَسْمَعُ فِي غِنَا | ئِكِ رَقْرَقَاتِ الأَدْمُعِ |
وَيرُوعُنِي شَجَنٌ بِهِ | كَشجىً بِحَلْقِ مُوَدِّعِ |
تِلْكَ الْبَرَاعَةُ مَا | اسْتَتَمَّتْ فِي جَمَالٍ أَبْرَعِ |
جِسْمٌ كحُقٍّ لِلْحَيَا | ةِ مُعَرَّقٍ ومُضَلَّعِ |
يَغْشَاهُ ثوْبٌ دَبَّجَتْ | أَلْوَانَهُ يد مُبْدِعِ |
أَلْمَتْنُ يَزْدَهِرُ ازْدِهَا | رَ الأَخْضَرِ الْمُتَجَمِّعِ |
وَالصَّدْرُ فِيمَا دونَهُ | يُزْهَى بِأَحْمَرَ مُشبَعِ |
وَالْجِيدُ زِينَ مِنَ النُّضَا | رِ بِحِلْيَةٍ لمْ تُصْنَعِ |
دَعْ كُلَّ نَقْشٍ فِي الْخِلاَلِ | مُوَشَّمٍ وَمُبَقَّعِ |
وَدَعِ الْقوَادِمَ تَسْتَقِلَّ | بِرِيشِهَا المُتنوِّعِ |
آياتُ خلْقٍ مَنْ يُجِلْ | نظراً بِهَا يَتَخَشَّعِ |
أَعْظِمْ بِهَا فِي ذلِكَ الْجِ | سْمِ الصَّغِيرِ الأَضْرَعِ |
لَوْلاَ الْحَرَاكُ لَخِيلَ مِنْ | ثَمَرٍ هُنَالِكَ مُونِعِ |
حُلْوُ الشَّمَائِلِ إنْ يُجَا | رِ الطَّبْعَ أَوْ يَتَطَبَّعِ |
يَرْنو بِفَائِضَتَيْ سَنىً | كَالجَوْهَرِ المُتَطلَّعِ |
يَسْهُو بِغَاشِيَتَيْنِ | تَنْسَدِلاَنِ سَدْلَ الْبُرْقُعِ |
مُتَطَاوِلُ الْخَدَّيْنِ فِي | وَجهٍ حَدِيدِ الْمَقْطَعِ |
مِنْقَارُهُ كَقُلاَمَتَينِ | مِنَ الظَّلاَمِ الأَسْفَعِ |
أُخْتِ الشَّوَادِي الخُضْرِ حَا | نتْ لَفْتَةُ المُتنَوِّعِ |
بِكِ نَزعَتِي نَحْوَ الْحِمَى | وَعَدَاكِ قَيْدِي فَانْزِعِي |
أَلْقِي الْوَدَاع تَأَهُّباً | وَاسْتَوفِزِي وَاسْتَجْمِعِي |
لِلهِ وَثْبَتُكِ الْبَدِيعَةٌ | إِذْ وَثبْتِ لِتطْلُعِي |
حَيْثُ الضُّحَى مُتَسَاكِبٌ | كِطلاً بِكَفِّ مُشَعْشِعِ |
وَالرِّيحُ تَحْضُنُ آخِرَ | النَّغَمَاتِ حَضْنَ المُرْضِعِ |
وَالدَّوْحُ مَيَّادُ الرُّؤو | سِ مُشَيَّعٌ بِالأَذْرُعِ |
وَتَعَطُّفُ الأَفْنَانِ شِبْهُ | تَقَصُّفٍ فِي أَضْلُعِ |
خُضْتِ الضِّيَاءَ عَلَى غَوَا | رِبِ مَوْجِهِ المُتَدَفّعِ |
تَتَصَاعَدِينَ وَمَا الشِّهَا | بُ المُسْتَطَارُ بِأَسْرَعِ |
يَرْمِي جَنَاحَاكِ المَهَا | وِيَ بِالشّعَاعِ السّطَّعِ |
وتُراعُ رَائِعَةُ النهَا | رِ لِوَهْجِكِ المُتَفَرِّعِ |
وَلَشِكَّةُ الأَلْوَانِ حَوْلَكِ | كَالنِّصَاعِ الشُّرَّعِ |
مَزَّقْتِ أَسْتَارَ السَّنى | عَنْ عَالَمٍ مُتَقَنِّعِ |
جَمِّ الْخَلاَيَا فِي حَوَا | شِي النُّورِ خافِي الْمَوْضِعِ |
أَنْزَلْتِ هَوْلاً فِي قرَاهُ | وَفِي الذَّرَائِرِ أَجْمَعِ |
أَنَظَرْتِ عَنْ كَثَبٍ إِلَى | مَلإَ هَنَاكَ مُرَوَّعِ |
هِيَ وَقْعَةٌ فِي الْجَوَّ بَيْ | نَ هَبَائِهِ الْمُتَلَمِّعِ |
هَبَّتْ خَلاَئِقهُ عَلَى | ذَاكَ الْمُغِيرِ الْمُفْزِعِ |
فِي أُسْدِ غابٍ تَسْتَطِي | رُ وَفِي ذُبَابٍ وُقَّعِ |
يَجْدُدْنَ حَرْباً كَالْكُمَا | ةِ وَكالرُّمَاةِ الرُّكَّعِ |
يَكْرِرْن أَوْ يَفْرِرْن | بَيْنَ تفرُّدٍ وَتجَمُّعِ |
يَرْمِينَ بالرُّجُمِ الدِّقا | قِ وَبِالنُّجُومِ الظُّلَّعِ |
تِيهِي بِغارَتِكِ السَّنِيَّةِ | فِي الْمَجَالِ الأَرْفعِ |
مَا شَأُنُ كِسْرَى فِي الْفُتو | حِ وَمَا مَفاخِرُ تبعِ |
لاَ مَجْدَ يَبْلُغُ مَجْدَكِ | الأسْنى بِذاكَ الْمَفرَعِ |
لاَ صَفْوَ أَرْوَح مِن | تحَيُّرِ خَصْمِكِ المتَضَعْضِعِ |
لاَ سِلمَ أَبْهَجُ مِنْ تَهَا | يُلِ رُكْنِهِ المُتزَعزِعِ |
أُمَمُ الأَثِيرِ جَمَالُهَا | فِي أَنْ تُرَاعَ فَرَوِّعِي |
وَتَتِمُّ آيَةُ حُسْنِهَا | بِالأَمنِ بَعْدَ تَفَزُّعِ |
فَإذَا مَضَيْتِ وَلَمْ تُصَبْ | بِبَلاَئِكِ المُتَوَقَّعِ |
بَلْ جُزْتِ بِالحُسْنَى وَسَا | ءَ تَوَرُّعُ المُتَوَرِّعِ |
ثابَتْ إلى فَرَحٍ كَذَ | لِكَ تَوبَةُ المُتَسَرِّعِ |
فسَدِيمُهَا كَغُبَارِ دُرٍّ | سَاطِعٍ فِي مَسْطَعِ |
وَالجَوُّ تَمْلأُهُ نُسَا | لاَتُ البُرُوقِ اللُّمَّعِ |
سِيرِي وَوَلَّي صَدْرَكِ الْ | مُشْتَاقَ شَطْرَ المَرْبَعِ |
حَتَّى إِذَا مَا جِئْتِهِ | وَشَرَعْتِ أَعْذبَ مَشْرَعِ |
وَشَدَوْتِ مَا شَاءَ السُّرُو | رُ عَلَى ارْتِقَاصِ الأَفْرُعِ |
عُوجِي بِبُسْتَانٍ هُنَا | لكَ فِي الْعَرَاءِ مُضَيَّعِ |
صَفْصَافُهُ مُتَنَاوِحٌ | وَالنُّورُ بادِي الْمَدْمَعِ |
لِي فِي ثَرَاهُ دَفِينَةٌ | كَالكَنْزِ في الْمُستَوْدَعِ |
تُخْفِي الأَزَاهِرُ قَبْرَهَا | عَنْ أَعيُنِ الْمُسْتَطِلعِ |
كَانَتْ مِثَالاً لِلْمَحَا | سِنِ فِي مِثَالٍ أَرْوَعِ |
فَتَحَوَّلَتْ لُطْفاً إلى | طَيْفٍ أَرَقَّ وَأَبْدَعِ |
طَيْفٍ يَشِفُّ بِهِ الْبِلَى | عَنْ رِفْعَةٍ وَتَمَنُّعِ |
فَإذَا السَّمَاءُ قَرَارُهُ | وَالنَّجمُ بَعْضُ الْيَرْمَعِ |
قُولي لَهُ إنْ جِئْتِهِ | يَا أُنْسَ هَذَا الْبَلْقَعِ |
أَتُحِسُّ فِي هذَا الثَّرَى | نَبَضَانَ قلْبٍ مُوجَعِ |
هَذَا حَنِينٌ مِنْ فُؤَا | دِ مُحبِّكِ الْمُتَفجِّعِ |
عدتِ الْعَوَادِي جِسْمَهُ | عَنْ قُرْبِ هَذَا المَضْجَعِ |
فَمَضَى بِأَحْزَنِ مَا يَكُو | نُ أخو الأَسَى وَبِأَجْزعِ |
وَنوَى الضَّريحِ أَضَرَّهُ | كَنَوَاكِ يَوْمَ المَصْرَعِ |
نِعْم الشَّفِيعَةُ أَنْتِ لِي | عِنْدَ المَلاَئِكِ فاشْفَعِي |
مَنْ لِي بِصَوْتٍ مِثْلِ صَوْ | تِكِ مُبْلِغٍ لِتَضَرعِي |
يُنْهَى إِلى ثَاوِي الْجِنَا | نِ فَيَسْتَجِيبُ وَقدْ دُعِي |
إِنَّ الَّذِي أَبْكِيهِ وَهْوَ | مِنَ النَّعِيمِ بِمَرْتَعِ |
بَرٌّ عَلَى رَغْمِ الفِرا | قِ بِعَبْدِهِ المُتَخَضِّعِ |
كَمْ زُرْتُهُ فِي يَقْظَةٍ | وَأَلَمَّ بِي فِي مَهْجَعِ |
يَدْنُو إِليَّ تَنَزُّلا | عَنْ عَرْشِهِ المُتَرَفِّعِ |
وكَمِ الْتَمَسْتُ لِصَوْتِهِ | رَجْعاً فَحَقَّقَ مَطْمَعِي |
قَطَعَ الغُيُوبَ وَجَاءَنِي | بِعَرُوضِهِ المُتَقَطِّعِ |
هَذَا الْوَفَاءُ وَفَاؤُهُ | فَادْعِيهِ لاَ يَتَمَنَّعِ |
بِهُتَافِ لوْعَتِي اهْتِفِي | وَصَدَى حَنِينِي رَجِّعِي |
حَتَّى يُجِيبَ فَأَنْصِتِي | بِضَمِيريَ المُتَسَمِّعِ |