وَافى الْحَدِيثُ إِلَى غَرِيبِ الدَّارِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وَافى الْحَدِيثُ إِلَى غَرِيبِ الدَّارِ | عَنْ ليْلَةٍ مَرَّتْ وَمَا هُوَ دَارِ |
أَحْيَيْتُمُوهَا وَالْحَيَاةُ أُحَبُّهَا | وَقْتٌ قَتِيلٌ فِي قَتِيلِ عُقارِ |
أَنْتُمْ وَأُسْرَتكمْ هُناك بِغِبْطَةٍ | وَأَنَا بِحُرْمَان هُنَا وَإِسَارِ |
لَكُمُ المِتَاعُ بِكلِّ شَيءٍ طيِّبٍ | وَلِيَ الْمِتَاعُ بِطَيِّبِ الأَخْبَارِ |
غَنَّى جَمِيلٌ بَالِغاً غايَاتِهِ | فِي الفنِّ حَتَّى كانَ فَجْرُ نَهَارِ |
وَأَجَادَ سَامٍ مَا أَرَادَ مُحَرَّكاً | قَلْبَ الدَّجَى بِعَوَامِلِ الأَوتارِ |
قُتِلَ الخَرُوفُ وَلَمْ يُحَلَّلْ قَتْلُهُ | فِي غَيْبَتِي سَتَرَوُنَ أَخْذَ الثَّارِ |
خَطْبٌ جَلِيلٌ فِي الذبَائِحِ لاَ تَفِي | لِتُقِيدَ مِنْهُ جَلاَئِلُ الأَوْتَارِ |
عَبْدُ الْمَسِيحِ وَنَخْلَةٌ رَاعَا بِهِ | سَمَعِي وَمَا لَطُفا لدَى الإِشْعَارِ |
فَلِذَاكَ بِتُّ وَفِي ضَمِيرِي نِيَّةٌ | لَكُمُ سَتُمْسِي أَفْكَهَ الأَسْمَارِ |
صَحِّحْ فَقَوْلِي أَفْكَهْ الأَسْمَارِ لاَ | تَغْلَطْ فَتَقْرَأْ أَفْكَهَ الأَثْمَارِ |
هِذي الْحِكَايَةُ أَذْكَرَتْنِي أَنَّ لِي | شَكْوَى إِلَيْكَ عَظِيمَةُ الأَخْطَارِ |
أَشْكُو إِلَيْكَ المُتْجِرِينَ فَأَنهُمْ | جَعَلُوا بِفَضْلِكَ رِيبَةً لِلشارِي |
مَنْ يَشْتَرِ الطرْبُوشَ يَكْشِفُ سِتْرَهُ | بِيدَيْهِ وَالطرْبُوشُ بِالدِّينَارِ |
فَاضْرِبْ عَلَى أَيْدِي الغُلاَةِ وَلاَ تَبَحْ | كَسْبَ الخِيَارِ لِمَطْمَعِ الأَشْرَارِ |
أَوْ فَاعْذُرِ الأَحْرارَ إِنْ هَانَتْ لهُمْ | دُونَ السُّؤَالِ مَصَاعِبُ الأَعْذَارِ |
يَا صَاحِبِي وَسِوَاك لَيْس بِصَاحِبٍ | فِي حَالَةٍ إِنْ آذَنَتْ بِبَوَارِ |
رَأْسُ الْخَلِيلِ يُكَادُ يَغْدُو حَاسِراً | لا شَيءَ يَدْرَأُ عَنْهُ لَذْعَ النَّارِ |
وَهْوَ الَّذِي ما زَالَ مَصْنَعُ فِكْرِهِ | يَكْسُوكَ تِيجاناً مِنَ الأَشْعَارِ |
بِالأَمْسِ كانَ يُقَالُ قَوْلَ تَبَجُّحٍ | شَرْقٌ وَأَلْبِسةُ الرُؤُوسِ عَوَارِي |
فَخَلَقْتَ فِيهِ صِناعَةً أَهْليَّةً | ردَّتْ لَهُ قَدْراً مِنَ الأَقْدَارِ |
حَتَّى إِذَا أَنْقَذْتَهُ مِنْ عَارِهِ | أَتُرَاكَ تَرْضَى أَنْ يَبُوءَ بِعَارِي |
زَعَمُوا لِيَ التَّبْرِيزَ فِي أُدَبائِهِمْ | فَإِذا أَضاعُونِي فَأَيُّ شَنَارِ |
بِاللهِ كيْفَ أَقُولُ إِن أَخِي لَهُ | فَضْلٌ عَلَى رَأْسِي وَرَأْسِي عَارِ |
لَوْ كان مَا يُعْطِي بِمِقْدَارِ الهَوَى | لرَجَّحْتُ كُلَّ النَّاسِ بِالمِقَدَارِ |
مَا كان أَظْفَرَنِي بِأَقْصَى حَاجَتِي | لَوْ لمْ يَكُنْ لِسَوى الغِني إِيثارِي |
أَسَفاً لَقَدْ ضيَّعْتُ فِي أَدَبِي وَفِي | تَهْذِيبِ نَفْسِي أَنْفَسَ الأَعْمَارِ |
لاَ أَمْلِكُ الدِّينَارَ إِلا بَائِعاً | فِي صَفْقَةٍ مَجْمُوعَةٍ آثَارِي |
وَلَوْ أَنَّنِي أَلْفَيْتُ مَنْ يَرْضَى بِهَا | لَكِنْ قِليلٌ مُقْتنِي الأَسْفارِ |
إِربَأْ بِوُلْدِكَ أَنْ يَزِيدَ أَلَبُّهُمْ | عَنْ كَاتِبٍ مُتَوَسِّطٍ أَوْ قَارِي |
عَلِّمْهُمُ الْعِلْمَ الصَّحِيْحَ وَإِنهُ | لِلنشْبِ فِي الفُرْصَاتِ بِالأَظْفَارِ |
وَلْتقْوَ حِيَلَةُ عَقْلِهِمْ فَتُقِلهُمْ | كَالْفُلْكِ فِي بَحْرٍ بَعيدِ قَرَارِ |
وَلْيَصْبِرُوا لِلْحَادِثَاتِ إِذَا عَصَتْ | آمَالُهُمْ فَالفَوزُ لِلْصَبَّارِ |
وَلْيُجْعَلِ الخُلُقُ العَظِيمُ خَلاَقَهُمْ | فَبِهِ تَتِمِّ عَظَائِمُ الأَوْطَارِ |
وَبِهِ يَعُودُ هَوَى النفُوسِ إِلى الهُدَى | بِتَسَلُّطِ الآرَاءِ وَالأَفْكَارِ |
أَحْبِبْ بِهِمْ وَبِمَا يَهِيجُ خطورَهُمْ | فِي خَاطِرِي مِنْ شائِقِ التذْكَارِ |
بِالأَمْسِ أَحْمِلهُمْ وَكَانُوا خمْسَةً | وَاليَوْمَ قَدْ وَقُرُوا وَزَاد وَقَارِي |
الْيوْمَ لَوْ جَارَيْتُهُمْ فِي شَوْطِهِمْ | لَمْ أُلْفِنِي لِبَطيئِهِمْ بِمُجَارِ |
أَضْحَى الذُّكُورُ نُجَابَةً وَرُجُولَةً | مِنْ جِيلِهِمْ فِي الصَّفْوَةِ الأَحْرَارِ |
وَسَلِيلَتَاكَ أَرْاهُمَا قَدْ فَاقتَا | عَقْلاً وَحُسْناً سَائِرَ الأَبْكَارِ |
مُؤْتَمِتَّينِ مِثَالَ أُمٍ حُرةٍ | بَرِئَتْ شَمَائِلُهَا مِنَ الأَوْضَارِ |
بِالأَمْسِ أَلْعَبُ بَيْنَهُمْ وَلِرُبَمَا | سَكَنَ الكَبِيرُ إِلى دِعَابِ صِغَارِ |
وَأُدِيرُهُمْ حَتَّى يَعُودَ نِظامُهُمْ | كَالشُّهْبِ فِي فَلَكٍ بِهَا دَوارِ |
وَالْيَوْمَ أَبْصُرُ بِالسِّبَالِ تَذَنَّبَتْ | وَتعَقْرَبَتْ وَسَطَتْ عَلَى الأَبْصَارِ |
وَأَرَى جَمَالَ كَرِيمَتَيْكَ مُرَعْرَعاً | فَأَرَى البِدَاعَةَ فِي صَنِيعِ الْبَارِي |
رَهْطٌ إِذَا كَانتْ مُبَاسَطَةُ الصِّبَا | فِيهِمْ فَهُمْ فِي الجِدِّ جِدُّ كِبَارِ |
إِنْ أَلْقَهُمْ أَتَغَالى فِي إِكْرَامِهِمْ | مُتَحَاشِياً إِبْدَاءَ الاِسِتصْغَارِ |
كُلاًّ أُحَيِّي بِاحْتِشَامٍ طَائِلٍ | وَأَخافُ تَقْصِيراً مَعِ الإِقْصَار |
جَمَحَ اليَرَاعَ فَرَاحَ مِنْ غُلْوَائِهِ | يَجْتازُ مِضْمَاراً إلى مِضْمَارِ |
لَكِنَّنِي جَدّاً وَمَزْحاً لاَ أَنِي | أَهْدِي بِمَوْعِظَتِي سَبِيلَ السَّارِي |
أَبْنِي رِجَالاً لِلْبِلادِ بِأَرْؤُسٍ | وَعَلَيْكَ كِسْوَةَ هَامِهِمْ بِفَخَارِ |
أَمَّا الذُّرَى المُتَشَبِّهَاتُ بِأَرْؤُسٍ | مِنْ غَيْرِ مَا عَقْلٍ وَلاَ اسْتِبْصَارِ |
تِلْكَ الَّتِي لاَ خَيْرَ مِنْهَا يُرْتَجَى | فلْتبْقَ حَاسِرَةً مَدَى الأَدْهَارِ |
رَأْسُ الحِمَارِ حَرىً بِعُريٍ دَائِمٍ | هَلْ يَنفْعُ التَّعْصِيبُ رَأْسَ حِمَارِ |
عَودٌ إِلى مَا كُنْتُ مِنْهُ شاكِياً | فاسْمَعْ وَأَنْصِفْنا مِنَ التُّجَّارِ |
نرْجوك إِمَّا سَاتِراً لِرُؤوسِنا | أَوْ كَاشِفاً لِمَظَالِمِ الفُجَّارِ |
وَلأَنْتَ أَسْمَحُ مَنْ يُؤَمُّ جَنَابُهُ | فَيُعيدُ إِعْسَاراً إِلى الإِيسارِ |