مَجْدٌ تَسَلْسَل كَابِراً عَنْ كَابِرٍ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مَجْدٌ تَسَلْسَل كَابِراً عَنْ كَابِرٍ | يَعتَزْ غَابِرُ شَأْنهِ بِالحَاضِرِ |
وَعَشِيرَةٌ لوْ أُحْصِيَتْ بِكِرَامِهَا | كَانَتْ وَلا غَلْوَاءَ جَمْعَ عشَائِرِ |
كَم أَنْجَبَتْ لِلْمَحْمَدَاتِ وَلِلنُّهَى | مِنْ شُمِّ أَعْلامٍ وَغرِّ مَنَائِرِ |
مَرَّتْ بِهَا الأَحْقَابُ وَالأَسْبَابُ لمْ | تَنْبَتَّ بَيْنَ أَوَائِلٍ وَأَوَاخِرِ |
أَمَّا فُؤَادُ فَهْوَ زَيْنُ شَبَابِهَا | وَفخَارِهَا فِي وَجْهِ كُلِّ مَفَاخِرِ |
مِنَ قادَةِ الرَّأْي الأُولى بِنُبُوغِهِمْ | فَتَحُو لِمِصْرَ فُتُوحَ عَهْدٍ زَاهِرِ |
الجَاعِلِينَ الْقَصْدَ مِنْهاجاً لَهُمْ | وَالصَّادِقِينَ عَنِ الطَّرِيقِ الْجَائِرِ |
رَجُلٌ شَأَى إِقْرَانَهُ بِمَنَاقِبَ | فِي النَّابِهِينَ مِنَ الرِّجَالِ نَوَادِرِ |
ذُو نَظْرَةٍ طَمَّاحَةٍ وَشُجَاعَةٍ | تَرْتَاضُ بَيْنَ مَصَاعِبَ وَمَخَاطِرِ |
مَعَهَا إِذَا عَبَسَ الزَّمَانُ بَشَاشَةٌ | وَبِهَا إِلى الأَحْدَاثِ لَفْتَةُ سَاخِرِ |
إِنْ تدْعُ دَاعِيَةُ المُرُوءَة تَلْقَهُ | ذَا جَانِبٍ وَافَى المُرُوءَةَ وافِرِ |
مَا اسْطَاعَ يَذْخُرُ لِلبِلاد مَنَافِعاً | وَلمَا يرُدُّ عَلَيْه لَيْسَ بِذَاخِرِ |
الحَزْمُ فِي تَقْديرِه وَالعَزمُ فِي | تَدْبِيرِهِ يَمْضِي مَضَاءَ البَاتِرِ |
أَضْحَتْ إِدَارَتُهُ لِمَا يَعْنِي بِه | مَثَلاً يُرَدَّدُ فِي الحَديثِ السَّائِرِ |
يَعْطِي الْجَلائِلَ وَالدَّقَائِقَ حَقَّهَا | مِنَ جَهْدهِ الْمُتَلاحِقِ الْمُتَظَاهِرِ |
سَيَّانَ فِيه بَيَاضُ صُبْحٍ تَغْتَدي | طَلْبَاتُهُ وَسَوَادُ لَيْلٍ سَاهِرِ |
عَجَبٌ إِحَاطَتُهُ بِكُلِّ مُهِمَّةٍ | وُكِلتْ إِلى ذَاكَ الذَّكَاءِ الْبَاهِرِ |
لا عَيْنُه تَسْهُو وَلا تُخْفَى عَلى | ذَاكَ الضَّمِيرِ مُخبآتُ ضَمَائِرِ |
أَعْمَالُهُ شَتَّى يَسُوسُ أُمُورَهَا | لَبِقاً وَلا يَلْفِي شَتِيتَ الْخَاطِرِ |
صَافِي البَدَاهَةِ مَا تَرَاهُ وَاقِفاً | فِي أَزْمةٍ تَشْتَّدُ وَقْفَةَ حَائِرِ |
لا يَسْتَقِرُّ نِطَاقُ دَائِرَةٍ بِه | حَتَّى تَهَادَاهُ عدَادُ دَوَائِرِ |
فَتَرَاهُ بَيْنَ مَزَارعَ وَمَصَانعَ | شَبْهَ النِّظَامِ لَعِقْدهَا المُتَنَاثِرِ |
يَهْدي الأُولى يَبْنونَ نَهْضةَ قَوْمهِ | وَهْوَ الْمُعَلِّمُ فِي مِثَالِ التَّاجِرِ |
حَسبَ المَعَارِضُ أَنْ تَكُونَ مَدَارِساً | بِالجَمْعِ بَينَ مَنَافع وَمَفَاخِرِ |
هَلْ كَالتَّعَارُفِ ضَابِطٌ وَمُؤَلَّفٌ | لِلْعُنْصُرِ المُتَنَاكِرِ المُتَدَابِرِ |
وَمُبْصِر لِلناسِ فِي أَرْزَاقِهِمْ | بِمَوَارِدٍ تُجْلى لَهُمْ وَمَصَادِرِ |
لا حُبَّ يَعْدِلُ حُبَّهُ أَوْطَانهِ | فِي بَاطِنٍ مِنْ أَمْرِه أَو ظَاهِرِ |
حَقِّقْ مَرَامِيَهُ الكَثِيرَةَ لا تَجِدْ | فِيهَا سِوَى الغرَض النَّزِيهِ الطَّاهِرِ |
يَبْغِي الْعَزِيزَ مِنَ الْمُنى لِبِلاده | بِرَجَاءِ مُعْتصِمٍ وَيَأْسِ مُغَامِرِ |
وَلقد يَجُوبُ الأَرْض لَيْسَ مُبَالِياً | فِي غَامِرٍ تَجْوَابُهُ أَوَّ عَامِرِ |
فَإِذَا مَرَاكِبُهَا الْعِجَالُ اسْتُبْطِئَتْ | كَانَتْ مَطِيَّتُهُ جِنَاحَ الطَّائِرِ |
مَاذَا أُعَدِّدُ مِنْ مَنَاقِبَ جَمَّةٍ | تَسْمُو حَقِيقَتُهَا خَيَالَ الشَّاعِرِ |
شِيَمٌ أُتِيحَ لَهَا لِتَبْلُغَ تَمَّهَا | مِنْ أَحْصَفِ الأُمَرَاءِ أَشْرَفُ نَاصِرِ |
عُمْرُ الَّذي أَعْيَا الْحِسَابَ فَلَمْ يَسَعْ | تَعْدادَ آثارٍ لهُ وَمَآثِرِ |
قِيلٌ يُدَوِّي الشَّرْقُ فِي تَمْدَاحٍه | بِصَرِيرِ أَقْلامٍ وَجَهْرِ مَنَابِرِ |
فِي كُلِّ مَحْمِدَةٍ وَكُلِّ مَبَرَّةٍ | أَجْرَى هَوَاهُ إِلى مَدَاهُ الآخِرِ |
فَاهْنَأْ فُؤَادُ بِعَطْفهِ وَبِلُطْفِ مَا | أُوتيتَ مِنْ نِعَمِ المَلِيكِ الْقَادِرِ |
أَوْلاكَ أَسْنى رُتْبَةً يَبْلُو بِهَا | مَعْنَى الإِثَابَةَ فِي طِرَازٍ فَاخِرِ |
بِالْحَقِّ أَهْدَاهَا وَضَاعَفَ فَضْلَهُ | إِنْ كَانَ مَشْكُوراً بِصُورَة شَاكِرِ |