قراءة في مشهد المحال
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جمعَ الخيالُ خيولَهُ فاستنفَرَتْ | بنتَ الخيال ترفَّقي بخيالي |
أنا من يديكِ إلى يديكِ، فشكِّلي | ما شئتِ من صِيَغي ومن أشكالي |
وإذا سُئلتِ: بأيّ زورقِ شاعرٍ | سافرتِ؟ فالتفتي إلى أحوالي |
قلبي سهرتُ على مشارف يأسه | وقرأتُ فيه حزنيَ المتعالي |
لم يرتفعْ شجرٌ ولم أسكُنْ به | أو يتّصل بُعدٌ بغيرِ وصالي |
والفجرُ بين يديَّ يجلسُ متعباً | إذ لم ينَمْ منذُ اكتشفتِ جَمالي |
أنا قادمٌ من رغبة وَحْشيّةٍ | بالمجدِ.. ماذا المجدُ؟ بعضُ خصالي |
وعليكِ أن تلدي القصائدَ فجأةً | وعليّ أن أهتمّ بالأطفالِ |
ما هكذا تردُ الخيولُ حبيبتي | فلقد كسرتِ الأفْقَ في الخيّالِ |
عودي إلى مهد الطَّبيعة، منذ أن | غادرتهِ، طفحَتْ كؤوسُ ضلالي |
أنا في جلال الوهم أنحتُ عالماً | أعلى، فمَنْ سيضيء وهْمَ جلالي؟ |
ولقدْ شربتُ الإثْمَ من صدر الرّؤى | حتّى حسبتُ الحقَّ من أمثالي... |
جسدي جبالٌ للخطيئة، فاصعَدي | بكشوفِ نوركِ واهبطي بجبالي |
ما كان في الجنَّات مقعَدُ شاعرٍ | كم ضاق هذا الكون بالجوَّال |
أنا بعضُ ما أوحى الجنون قصائداً | وأنا نبيُّ غرائبِ الأهوال |
منذورةٌ للشّكّ أنهاري، فإنْ | سكنَتْ، فوادي النارِ بعضُ ظلالي |
لا شيءَ في الوادي يقدَّسُ، فلتكُنْ | كلّ الرّؤى سجّادةً لنعالي... |
الشّكُّ من أسمائيَ الأولى، وقد | حمَّلتُه لقوافلِ الأجيال |
ولقد أشكّ بأنَّ ظلّي خائني | فلينعتقْ مّني، ولستُ أبالي... |
*** | |
هذا حضوري في مقامكِ ساطعٌ | هل كنتِ جسراً؟ فاحملي أثقالي |
لا تغلقي الأبوابَ، أو فلتغلقي | لولا انفصالي لا يتمُّ وصالي |
لولا النَّقائضُ لم تلدْ أرضٌ، وما | نزعتْ فصولُ الرّوح نحو كمال |
إنّي أحبّك رقصةً لا تنتهي | في معبدٍ خالٍ وما هو خال |
أنت العليَّةُ، والعلاءُ أنا، فمن | سيزوّج العلياءَ، هذا العالي؟ |
(كيوبيد) يبري من ضلوعي سهمه | لتكون خبزَ سهامه أوصالي |
(كيوبيد) في عينيكِ ينفُثُ سحرَهُ | أأقول: ما للسّاحرات ومالي؟... |
مَنْ عاذلي إمَّا تجلَّى داخلي | وأنا الذي ألهو بِهِمْ، عذّالي؟ |
مَنْ عاذلي، صلّيتُ فرضي فيك، قمتُ | الَّليل أشعلُ نجمةَ الأنفال |
لا تسألي ليل الغموض وما به | حالُ الغموض ـ أميرتي ـ من حالي |
سأدقُ أبواب الجَمال جميعَها | حتّى يفيض النّور من أسمالي |
وعلى جِمال الحلْم أكملُ رحلتي | أحدو بذكركِ كي تطير جِمالي |
كم أنتِ مؤنستي وأنت خليلتي | كلّمتُها لتطيب بعضُ خلالي |
عنها أدافعُ، فلتظلّ نقيّةً | تمشي كصوت الشّاعر المنثال |
كم ذا أحبُّك؟ طينُ خلقي يابسٌ | لولاك، فانتعلي السَّنا وتعالي |
بك أوّلٌ قلبي، فَهَلْ عدلٌ إذاً | بعد اشتعالي أن أكونَ التَّالي؟ |
يا قبّةً زهراء في فلك الدّجى | فتحتْ بطلعتها حدودَ البال |
إن غبتِ عن سفري، كلامي مظلمٌ | ويداي مئذنتانِ من أطلال... |
حملتْ بك الأحلامُ طفلَ ربيعها | حيث الغزالةُ تستطيب غزالي |
بي منك حزن لا يقالُ، صفاؤه | أقصى مدىً من لعبةِ الأقوال |
هذا مُحالُك ذبت في أنواره | أو لم أتوِّجْ مجدَهُ بمحالي؟ |
لا أنتِ تمثالٌ، ولا أنا مغرم | يا ربَّتي بعبادة التّمثال |
هل أنتِ خيمةُ رغبةٍ وخرجتِ منها | تخلعين عباءة الآمال؟ |
أملي سؤالٌ فيكِ مفتوح المدى | فدعيه حرَّ العاصفاتِ سؤالي |
يُبنى على عتبات حلْمك مشهدي | فإذا شطحتُ، ترفَّقي بخيالي |
_________ | |
6/7/1998 |