كيف أستثني نهاراً مرَّ في القلبِ |
ولم يسكبْ على كفّيكِ شمساً من سلامْ |
كيف لي أن أحتمي بالظّلّ |
والبابُ مع الشَّباكَ ينبوعا لهيبٍ |
وخطىً أسمعُها تعبرُ في صمت الممرْ |
عندما يلسعني الشّوق ويمتدّ على جِلدي إِبَرْ |
دون عينيكِ أنا عشبٌ يتيمٌ في حجرْ |
كيف أحمي داخلي من ذئبِ شهْواتي |
ومن وحشِ الضّجرْ؟ |
طعمُ هذا الصّمتِ مرٌّ |
وكلام الجسد الباكي أَمَرْ |
أخذتْكِ الأرضُ نحو الشّرقِ |
لا زرع هناكْ |
تطعمين القلب منهُ عند ساعات الهلاكْ |
أنا زادٌ من أزاهيرَ، وصدري مدخلٌ نحو المطرْ |
هل تعودينَ سريعاً |
بعد أن تبعث كفّاك من الفخّار |
أشكالاً لتاريخ عَبَرْ؟ |
أنا جغرافيّة الحزنِ |
وهذا أربعاء العسل المرّ |
لساني يابسٌ |
حَلْقي مع الصّبّار مُلْقى |
وسقوفُ العالَمِ الصّيفيَ تنهَدّ على ذاكرتي |
مطفأٌ صوتي وفي حنجرتي نصلُ بكاءٍ |
نسيْتُهُ الرّيحُ ليلاً، فانكسرْ... |
بدأتْ غيبتنا فوق مكان غمرَتْهُ |
وحشةٌ تطلقُ ناقوساً ينادي في قبابِ تُركَتْ |
منسيّةً لا أحدٌ يكملُ فينا الصّلوات العاشقهْ |
الثّريَّاتُ تدلَّتْ فجأةً، مظلمةً، |
أيّ ابتهالاتٍ سعَتْ في الأروقَهْ |
كيف لي أن أحضنَ العالمَ في هذا الفراغْ |
وأنا خيطٌ نحيلٌ فوق نار المحرقَهْ؟ |
أَسْمِعيني نبضِكِ الآتي |
أرى الأحزانَ أدنى من مراياكِ |
وأعلى من خطاكِ الشَّبِقَهْ |
سلَّمْتني يدكِ المبدعةُ المفتاحَ نحو القلعة الخضراءِ |
لكنّ رياحاً سرقتْ منّي كنوزاً وهدايا |
فمضغتُ العزلةَ الصَّفراء حتَّى أنَّني |
ضيَّعتُ وجهي وأنا أوقدُ شمعاً في المرايا |
لكِ مجد الرَّقص في مسرحِ وجدٍ |
يتنامى جسدُ العاشقِ فيهِ |
أبصريهِ صَهَرَ العالمَ في عينيهِ/ عينيكِ، فلا تعتزليهِ |
هو مكتوبٌ على سيفٍ من الحبِّ، اقرئيه |
هو منفى حجريٌّ |
فأعيدي شعبَهُ الرُّوحيَّ للدَّاخل، |
ولتنتشري بين سلالات بنيهِ... |
ليس حبّي لكِ ثوباً واهياً كي تخلعيهِ |
أنا في عينيكِ بَعْثُ الوَمْضِ من غفوتِهِ، |
شكلُ التَّلاقي بين تاريخينِ، |
صوتُ النَّهر في الأحجارِ، |
معنى الحلْمِ، ممشاه ومَسْراه، |
أنا المُضْمَرُ في أشيائِكِ الصّغرى |
بريقُ الخاتم الجنسيِّ في فخذيكِ، |
عطرُ النّهد إذْ ينزلُ عن قبَّته، |
يشطرني ألف خليَّهْ |
ليس حبّي طارئاً |
هو خَتْمٌ، وهويَّهْ... |
_________ |
28/حزيران/1995 |