النشيد العالي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إلى نجمي العالي رفعتُ غنائيا | وضيّعتُ في ليل الرَّماد جهاتيا |
لأنَّ دماً يغلي تسيلُ قصائدي | سأُلبِسُ هذا الكونَ ثوب دمائيا |
جنونٌ تولاَّني... إلى أيّ وجهةٍ | سأمضي بقلبي مستفيضاً، وعاريا؟ |
لقلبيَ هذا الأفْقُ يسجُد خاشعاً | وما كان يدري أيّ إثمٍ طوانيا |
صَلبتُ على سور المباهج هيكلي | أحدّق فيه وهْو يذهب عاليا |
من الأزل القُّدوس أهوى مضرَّجاً | بمسكِ العذارى رائحاتٍ غواديا |
من الأَولِ القُّدوس أسألهنَّ: هلْ | بنيتُ على أطيافهنَّ سمائيا؟ |
أنا سكْرةُ العمق القصيِّ، وشهقةُ | الفضاءِ البهيِّ المستفيض أغانيا |
أهيمُ بذات السّرِّ تكشفُ سرَّها | لذات التَّجلِّي حين تشرق ذاتيا |
أنا ملأُ العشّاقِ، ضاء بيَ المدى | وما زلتُ منذ البدءِ أجهل مابيا... |
وبي عالَمٌ لو باح شعري بسرِّهِ | قذفتُ بهذا الكونٍ جَهْراً ورائيا |
وبي لغةُ أتلفْتُ قلبي بنَحْتِها | فانْ سُرِقَتْ منّي، فيا حالَ حاليا |
سأفنى وغيمُ الشعر يمطرُ من دمي | ولو شئتُ أغرقتُ الفناء أغانيا |
أنا داخلٌ في سِفْر مأساةِ عالمٍ | يهشّم حلمَ الكائناتِ أماميا |
فتمتلئُ الرُّؤيا دخاناً ملَّوثاً | لتسكبه الأشباحُ بين رئاتيا |
سأسقطُ حتَّى لا قرار يضُّمني | وقد ملأ الرّعبُ العظيمُ قراريا |
بأيِّ لغاتٍ القلبْ أردمُ هوَّتي | وكل لغات القلب صارت مهاويا؟ |
صغيرةُ يا فَجْرَ النَّدى متصاعداً | أأنتِ منامُ الوردِ يغشى اللَّياليا؟ |
أمنذُ زمانٍ أنتِ تلقين في يدي | من الحبقِ القدسيِّ ما قَدْ سما بِيا؟ |
لماذا إذاً هذا الجفافُ يشلُّني | كأنَّ فؤادي يستطيبُ جفافيا |
خذينيَ قَبْلَ الموتُ يغتالُ صبوتي | وينثرُ في وادي الجحيم رماديا |
فانْ أخَّرتْكِ الرِّيحُ عنِّي فإننَّي | أؤخّرُ كفَّ الموتِ عنِّي ثوانيا |
إلى أن تقومي من مقامكِ فجأةً | وقد أيقظَ الأعماقَ منكِ ندائيا |
وإن جئتِ والموتُ المقيمُ يلفُّني | فحُلاّ بأعصاب الرَّدى وخّذانيا... |
أقول وظلُّ الموت يطغى على دمي | كفانيَ قهراً يا زمانُ.... كفانيا |
"ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلةً | بجَنْبِ "النّدى الُعلْوي أتلو صلاتيا؟ |
"تذكَّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلَمْ أجدْ | سوى" الحَبَقِ القدسيِّ والحيِّ باكيا |
يخيِّم أهلُ العشقِ في كلِّ ليلةٍ | وما زلتُ فوقَ الرِّيحِ أبني خِياميا |
أسافرُ في أفْق الضَّلال مشرَّداً | فهل بالغٌ بعدَ التّشّردِ واديا؟؟؟ |
أوجِّهُ للرَّيحانِ وجهيَ مازجاً | به رئتي، أو مالئاً منهُ راحيا |
وأقرأ فيه اسمَ الحبيبة واضحاً | وضوحَ غموضِ الزَّهر إنْ كانَ صاحيا |
هي الجَسَدُ المقروءُ جَهْراً وخِفْيةً | أصلِّيهِ، إذْ في العُرْي كان إماميا |
يسبِّحُ بالنَّهدَيْن كفِّيَ مؤمناً | بعرشهما ينهارُ بين شفاهيا |
ويسقطُ مغشيّاً عليه، أما الَّذي | سأَصليهِ في يوم التَّجانُسِ ناريا |
كواكبُهُ دارَتْ وثارَتْ وجاوَرَتْ | مدايَ، وكانَ الجنسُ سحْرَ مداريا |
هو الجسدُ النَّديانُ إثماً وعفّةٍ | سأطفئُ في فخْذيهِ شَمْسَ عفافيَا |
لبستُ له خُفّاً من النُّور بعدما | مشيتُ على جَمْرِ القصائدِ حافيا |
وطْرتُ، فطارَ الكونُ خلفي مولَّهاً | وظلَّ نشيدي مثلما كانَ... عاليا... |
_________ | |
11/8/1992 |