ارفعْ ستائركَ الشَّفيفةَ يا جسَدْ. |
طلعَ النَّهارُ، وما تزالْ |
عيناك جوهرتَيْن تغتسلان في نبْع الظِّلالْ. |
أدِرِ البنفسجَ نحو صدركَ، |
واقتربْ من ياسمينِ الصُّبحِ، والعطرِ الحلالْ |
واسفحْ على فخذيكَ موجة فضّةٍ |
أغرَقْ، ويغمرني الزَّبَدْ. |
ارفعْ ستائركَ الشَّفيفةَ يا جسَدْ... |
في كل مَشْرق خطوةٍ خضراء |
تسقطُ زهرةٌ من شرفتكْ |
فاسمَحْ بأن تُلْقي عليَّ تحيّةً |
زرقاءَ تُوصلني لمشهد زهرتِكْ. |
قلبي تسلَّقَ فجوةً في الرِّيح تأخذُني إلى قدميكَ، |
أمسكُ بالأصابعِ... |
طرْ بأحزاني وأوغِلْ. |
"أستطيعُ عليكَ صبراً"، |
كيف لا وأنا توهُّجُ شمسكَ الذَّهبيَّةِ؟ |
طِرْ بي إلى عتباتكَ العسليَّةِ |
وارقُصْ، |
فهذا الرَّقصُ |
قدسيٌّ لمَنْ قد كانَ مثلُكْ. |
أنا ما رأيتُ الجنس قبلَكْ، |
يمشي على ساقين في طرق الصَّباح الياسمينيَّهْ |
سبحان شرفتك البعيدة، يا جسدْ |
تنأى وتنأى في المدارات الخريفيَّهْ |
وأنا دمٌ يقتاتُ شعلتَهُ الجحيميَّهْ |
ويغيبُ في حزنٍ تطاولَ كالأبدْ. |
خُذْ مَجْدَ هذا العالَم السّحريِّ، |
أنبئْني عن الأعراس كيف تكاثرتْ |
في أمسيات جنونها الأشواكُ، |
كيف تحجَّر الإيقاع في ليل النُّهوِد، |
وباعت الأرحامُ لغزَ نطافهنَّ الخالقاتِ، |
هي البرودةُ لوَّنتْ أعلامَها في أفْقنا الروحيِّ، |
فانكسرتْ قواريرُ الجسَدْ |
رفقاً بها يا عاشق النَّاي الحزينْ |
رفقاً بنهدَيها إذا انسكبَ الحنينْ |
وارفعهما بيديكَ، وادْنُ بجمرةِ الشَّفتينِ |
واغرَقْ في الأنينْ. |
خذْ مجدَ هذا العالم السِّحريِّ، |
اكشفْ عن فجيعته الدَّفينةِ، |
حقلِه المنهوبِ، رقصتِه الأخيرَهْ |
بعثْر على الأُسرِ الصَّغيرَةْ |
خبزَ المودَّة من كُوى الصَّمت الفقيرَهْ |
واقرأ لها من سورة الآثامِ، |
"الشّعراءُ يتبعُهُمْ غواةُ الأرضِ |
في وادي البصيرَهْ". |
فتقدَّموا يا آل عشَّاق الحياةِ، |
نمدّ أعناقاً إلى أعلى سياجٍ |
خلفَهُ بستانُ أجسادٍ تهاوَتْ باردَهْ |
هيا نشعّ بسحرنا في غيهب البستانِ، |
نغسلُ أرجلَ الأشجارِ بالماء المقدَّسِ، |
نُرْجعُ الرؤيا لأرضٍ بائدهْ. |
ارفع ستائرك الشَّفيفةَ يا جسدْ |
سبحان شرفتك البعيدة يا جسَدْ |
________ |
29/9/1991 |