خَرَجَتْ هِنْدُ ذَاتَ يَوْمٍ وَفَوْزٌ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
خَرَجَتْ هِنْدُ ذَاتَ يَوْمٍ وَفَوْزٌ | وَسُعَادٌ يَهِمْنَ مِنْ غَيْرِ قَصدِ |
يَتَهَادَيْنَ فِي الرِّيَاضِ أَصِيلاً | لاَعِبَاتٍ توَارِكاً كُلَّ جِدِّ |
فَرِحَاتٍ يَرَيْنَ مَا أَلِفَتْهُ | كُلُّ عيْنٍ كَحَادِثٍ مُسْتَجَدِّ |
كَانَ فَصْلُ الْخَرِيفِ وَالوَقْتُ أَصْفَى | مَا يَكُونُ اعْتِدَالُ حَرٍّ وَبَرْدِ |
تَبْعَثُ الشَّمْسُ بَاهِرَاتِ شِعَاعٍ | تَغْتَدِي فِي انْحِدَارِهَا شِبْهَ رُبْدِ |
فَهْيَ فِي الأُفْقِ تَارَةً مَسَحَاتٌ | مِنْ بَهَارٍ وَتَارَة نَثْرُ وَرْدِ |
وَهْيَ بَيْنَ الْغُصُونِ نَسْجٌ دَقِيقٌ | مِنْ نُضَارٍ يَشِفُّ عَنْ لاَزوَرْدِ |
شَارَفَتْ هِنْدُ رَوْضَةً ثُمَّ قَالَتْ | وَهْيَ تَفْتَر عَنْ جَوَاهِرِ عِقْدِ |
أُنْظُرَاهَا خَلِيلَتَيَّ أَلَيْسَتْ | شِبْهَ بَيْتٍ كَثِيرِ أَصْلٍ وَوُلْدِ |
حَبَّذَا هَذِهِ الثَّمَارُ الرضِيعَا | تُ تَعَلَّقْنَ كُلُّ طفِلٍ بِنَهْدِ |
وَبِجَدِّي شَيْخٌ مِنْ الدَّوْحِ صُلْبٌ | هُوِ ثَرْثَارَةٌ عَبُوسٌ كَجَدِّي |
فَتَضَاحَكْنَ مِنْ مَقَالَةِ هِنْدِ | وَتَمَايَلْنَ عَنْ أَفَانِينَ رَنْدِ |
عَجَباً كَانَ لِلصَّوَاحِبِ مَرَأَى | كُلِّ هَذَا وَكَانَ مَأْلُوفُ عَهْدِ |
فَتَمَادَيْنَ فِي المَسِيرِ يَمِيناً | وَشِمَالاً وَمَا شَعَرْنَ بِكَدِّ |
صَافِيَاتِ الأَفْكَارَِ مِنْ كُلِّ هَمٍّ | خَالِيَاتِ الْقُلُوبِ مِنْ كُلِّ وَجْدِ |
لَمَحَتْ فَوْزُ لَمْحَةً أَعْجَبَتْهَا | فَأَشَارَتْ إِلَى سُعَادَ وَهِنْدَ |
مَا تُرَى هَذِهِ الثِّمَارُ الْبَوادِي | كَشُمُوسٍ صَغِيرَةٍ عَنْ بُعْدِ |
هِيَ كَالْبُرْتُقَالِ لَوْلاَ شِفَاهٌ | قدَّمَتْهَا لِلْعُودِ بُغْيَةَ وَردِ |
قَالَتَا لاَ نَدْرِي فَقَالَتْ أَعَوْناً | مِنْكُمَا إِنْ عَلِمْتُمَا مَا بِوِدِّي |
حَبَّذَا الإِثْمُ لَوْ لَطُفْنَا إِلَيْهَا | سَارِقَاتٍ أَخَافُ أَفْعَلُ وَحْدِي |
وَإِذَا حَارِس بَدَا مِنْ خَفُاءٍ | كَتَرَائِي الشَّيْطَانِ فِي شَكْلِ عَبْدِ |
فَتَهَيَّبْنَهُ فَحَيَّا بَشُوشاً | عَنْ وَمِيضٍ فِي حَالِكٍ مُسْوَدِّ |
قُلْنَ يَا حَارِسَ المَكَانِ أَفِدْنَا | لَمِنِ الْبَيْتُ إِنَّهُ بَيْتُ مَجْدِ |
قَالَ بَيْتُ الأَمِيرِ يُوسُفَ هَذَا | فَحَمِدْنَ الزُّنْجِيَّ أَحْسَنَ حَمْدِ |
وَتَرَاجَعْنَ هَيْبَةٌ صَامِتَاتٍ | لَيْسَ مِنْهُنَّ مَنْ تُعِيدُ وَتُبْدِي |
آسِفَاتٍ عَلَى مُنىً شَائِقَاتٍ | فُزْنَ مِنْهَا بِخَيْبَةٍ وَبِصَدِّ |
نَاظِرَاتٍ إِلَى الشُّمُوسِ اللَّوَاتِي | عُدْنَ عَنْهَا بِمِثْلِ أَعْيُنِ رُمْدِ |
يَتَصَوَّرْنَهَا عَبِيراً ذَكِيّاً | وَشَرَاباً عَذْباً وَطَعْمَاً كَشُهْدِ |
كَانَ هَذَا لَهُنَّ هَماً وَهَلْ فِي | حَالَةٍ بَعْدَهُ مَظِنَّةُ سَعْدِ |
نِعْمَ ذَاكَ الزَّمَانٌ كَانَ عَلَى مَا | أَفسَدَ الجَّهلُ فِيهِ أَطيَبَ عَهْدِ |
يَومَ تِلكَ الثِّمارُ أَنفَسَ شَيءٍ | عِندَهُم وَالأميرُ فِيهِم أَفَندِي |