أَلرَّوضُ رَوْضُكَ يَا هَزَارُ فَغرِّدِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَلرَّوضُ رَوْضُكَ يَا هَزَارُ فَغرِّدِ | وَصُغِ الفَرَائِدِ فِي الأَرِيبِ المُفْرَدِ |
فَإِذَا القَوَافِي وَهْيَ مِنْكَ بِمَوْعِدٍ | كَحَبَائِبٍ وَافَتْ وَمَا مِنْ مَوْعِدِ |
تِلْكَ القَلاَئِدُ مَا أُحَيْلاَهَا حِلىً | لاِبنِ الجُمَيِّلِ وَهْوَ خَيرُ مُقَلِّدِ |
لِلعَبْقَرِيِّ المُحرِزِ الفَضْلَيْنِ مِنْ | حَسَبٍ رَفيعٍ فِي البِلاَدِ وَمَحْتَدِ |
نِعْمَ الفَتَى فِي فَنِّهُ ذَاكَ الَّذِي | إِنْ يَعْدُدِ الشرْقُ النَّوَابِغَ يُعْدَدِ |
مَن مِثْلُ أَنْطُونَ الجُمَيِّلِ كَاتِبٌ | فَيَّاضُ مَشْرَعَةٍ نَقِيُّ المَوْرِدِ |
إِنْ زَاوَلَ الإِنشَاءَ أَبلَغُ مُنْشِيءٍ | أَوْ زَاوَلَ الإِنْشَادَ أَفصَحُ مُنْشِدِ |
أَسَمِعْتَهُ يُلْقِي العرِيضَ وَيَنْتَحِي | نحْواً طَرِيفاً مُشْجِياً لَم يُعْتَدِ |
فَإِذَا السرُورُ أَوِ الشَّجَى فِي لفْظَةٍ | أَو فِي هِجَاءٍ مُرْسَلٌ كَمُرَدَّدِ |
وَإِذَا مُعَالَجَةٌ بِنَبْرَةِ صَوْتِهِ | فِيهَا يُظَنُّ رَفِيفُ جَفْنٍ مُسْهَدِ |
هِيَ قُدْرَةٌ لَمْ يُؤْتَهَا مَنْ لَمْ يُذِبْ | فِيهَا قُوَاهُ وَلَمْ يَكُدَّ وَيَجْهَدِ |
مَا كُلُّ نَبْسٍ لِلكَلاَمِ بِمَنطِقٍ | كَلاَّ وَلاَ نُطْقٍ عَلاَ بِمُجَوَّدِ |
أَرَأَيْتَهُ فَوقَ المَنَابِرِ خَاطِباً | وَالنَّاسُ مِنْهُ بِمَسْمَعٍ وَبِمَشْهَدِ |
فِي قَوْلِهِ الرَّنَّانِ كُلُّ غَرِيبَةٍ | مِن جَأْرِ ذِي لُبَدٍ وَصَوْتِ مُغَردِ |
هُوَ أَعْجَبُ الخطبَاءِ مَقْدَرَةً عَلَى | أَخْذِ النَّدِيِّ بِمَا نَبَا عَنْهُ النَّدِيِّ |
ملاَّكُ أَفْئِدَةٍ بِرِقةِ نُطْقِهِ | وَبِبَأَسِهِ الخلُقِي وَالمُتَعَمدِ |
وَمُوَفَّقُ الإِيمَاءِ يَسْتَدْنِي بِهِ | مِمَّا تُحِب النَّفْسُ كُلَّ مُبَعَّدِ |
فَإِذَا تَرَسَّلَ لَمْ نَكُنْ آيَاتُهُ | إِلاَّ فَرَائِدَ فِي صِيَاغَةِ عَسْجَدِ |
فِيْهَا الأَشِعَّةُ قَد دَفَقْنَ بِقُوَّةٍ | دَفْقَ السُّيُولِ مِنَ المِدَادِ الأَسْوَدِ |
يَأْتِي رَوَائِعَ شُرَّداً فِي نَثْرِهِ | كَمْ أَبْطَلَتْ سِحرَ القوَافِي الشُّرَّدِ |
فيها سَنى اللَّمَحَاتِ مِن زُهْرِ الدُّجَى | وَبِهَا شَذَا النَّفَحَاتِ مِنْ زَهَرٍ نَدِي |
وَنِهَايَةُ الإِبْدَاعِ مَعْنىً جَيِّدٌ | تَزْهَى بِهِ قَسِمَاتُ مَبْنىً جَيِّدِ |
إِنَّ الجُمَيِّلَ فِي الجَمَالِ وَفَنِّه | لأَدَقُّ مُبْتَدِعٍ وَخَيْرُ مُجَدِّدِ |