آيَةٌ فِي تَسَلْسُلِ الذِّكْرَيَاتِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
آيَةٌ فِي تَسَلْسُلِ الذِّكْرَيَاتِ | أَنْ تَعُودَ الحَيَاةُ بَعْدَ الحَيَاةِ |
لَيْسَ فِي عَالَمِ الخُلُودِ فَنَاءٌ | لاَ وَلاَ فِي الفَوَاتِ كُلِّ الفَوَاتِ |
أَكْرِمِ العِلْمَ حَيْثُ كَانَ وَفِي كُ | لِّ مكَانٍ فِي الحَيِّ أَوْ فِي الرُّفَاتِ |
وَتَنَزَّهْ إِنْ رُمْتَ مَا هُوَ أَبْقَى | عَنْ هَنَاتٍ سَتَنْقَضِي وَهَنَاتِ |
قوَّةُ العِلمِ أَنَّهُ مُلهِمُ الحُسْ | نَى وَحَلاَّلُ أَعْقَدِ المُعْضِلاَتِ |
فَهْوَ فِي أَقْطَعِ الصُّرُوفِ وَصُولٌ | وَهْوَ فِي أَمْنَعِ الظُّرُوفِ مُوَاتِي |
كُلُّ وَقْتٍ يُمَدَّدُ العِلْمُ فِيهِ | هُوَ لاَ رَيْبَ أَسْمَحُ الأَوْقَاتِ |
رَأْيُ هَذَا الوَزِيرِ أَعْلَى وَفِي حَضْ | رَتِهِ شَاهِدٌ جَلِيُّ الإِيَاةِ |
وَالهِلاَلِيُّ كَانَ أَجْدَرَ مَنْ يَجْ | لُو بِنُورٍ غَيَاهِبَ الظُّلُمَاتِ |
يَا مُعِيدِي مُوسى إِذَا مَا جَلَوْتُمْ | وَجْهَ مَاضْ لَمْ يَخْفَ وَجْهُ الآتِي |
أُنْظُرُوا حينَ تَرْجِعُ العَيْنُ أَدْرَا | جَ اللَّيَالِي تُطَالِعُ البَاقِيَاتِ |
كَيْفَ يَلْقَى الإِنْسَانُ فِيهَا أَخَاهُ | وَكَأّنَّ العَهْدَيْنِ فِي مِرْآةِ |
قَدْ تَقَضَّتْ مِنَ السَّنِينَ مِئَاتٌ | مَا الَّذِي جَدَّ بَعْدَ تِلْكَ المِئَاتِ |
بَيْنَ جِيلٍ خَلاَ وَجِيلٍ تَلاهُ | لَمْ تُبَدَّلْ جَوَاهِرُ الحَالاَتِ |
كَانَ مُوسَى وَلِيدُ قُرْطُبَةٍ يَنْ | شَأُ في صَعْبَةٍ مِنَ البِيئَاتِ |
فَتَوَلَّى عَنْهَا يُطَوِّفُ فِي الآ | فَاقِ بَيْنَ الأَمْصَارِ وَالفَلَوَاتِ |
لَمْ يَسَعْهُ مِنَ البِلاَدِ سِوَى رَوْ | ضِ المَعَالِي وَمَنْبِتِ المَكْرُمَاتِ |
مِصْرُ كَهْفُ الأحْرَارِ فِي كُلِّ عَصْرٍ | وَمَلاَذُ المُرَوَّعِينَ الأَبَاةِ |
وَإِلَى ذَاكَ مَوْئِلُ العِلمِ إِنْ لَمْ | تَرْحَبِ الأَرْضُ بِالهُدَى وَالهُدَاةِ |
هُوَ غَرْسٌ آوَتْ فَكَانَ أَفَانِ | نَ تَسُرُّ النُّهَى مِنَ الثَّمَرَاتِ |
نَضِجَتْ حِكْمَةُ الخَلاَئِقِ مِنْهَا | فِي أَوَانٍ بَدِيعَةِ الزِّينَاتِ |
ذَاتِ صَوْغٍ مُنَمَّقٍ عَرَبِيٍّ | رَصَّعَتْهُ جَوَامِعُ الكَلِمَاتِ |
ذَاكَ وَافَى بِاللَّوْح مِنْ طُورِ سِينِي | نَ إِلى اليَوْمِ حَمِلَ المِشْكَاة |
صَوْلَةُ الرَّيْبِ لَمْ يَخَفْهَا عَلَيْهِ إِنَّ | مَّا خَافَ صَوْلَةَ التُّرَهَاتِ |
فَنَفَ فِي شُرُوحِهِ لِمُتُونِ ال | وَحْي مَا رَابَهُ بِغَيْرِ افْتِئَاتِ |
وَمَضَى فِي تَخَيُّرِ السُّنَنِ المُثْ | لَى وَلَمْ يَثْنِهِ اعْتِرَاضُ الغُلاَةِ |
وَابْنُ مَيْمُونَ كضانَ فِي خُطَّةٍ أُخْ | رَى مِنَ الرَّاسِخِينَ أَهْلِ الحَصَاةِ |
رَاجَعَ العَقْلَ فِي الحَقَائِقِ وَاسْتَهْ | دَى بِهِ فِي غَيَاهِبِ المُشْكِلاَتِ |
سَلْ أُوْلِي الذِكْرِ فِي الفِرِنْجَةِ عَمَّا قَبَ | سُوا مِنْ أَحْكَامِهِ النَّيِّرَاتِ |
وَتَتَبَّعْ صُنُوفَ مَا اَثَرُوا عَنْ | هُ وَمَا دَوَّنُوا بِشَتَّى اللُّغَاتِ |
كَانَ لِلعُرْبِ فِي دَلِيلِ الحَيَارَى | قِسْطَهُمْ مِنْ فُصُولهِ القِّيمَاتِ |
أَبْرَزَ العِليَةَ المُجَلِّينَ مِنْ | هُمْ فِي مَجَالِ العُلومِ وَالفَلْسَفَاتِ |
فَدَرَى الغَرْبُ فَصْلَُهُمْ حِينَ كَانَتْ | فِيهِ أَعْلَمُهُمْ مِنَ النَّكِرَاتِ |
إِن فِي ذَلِكَ الكِتَابِ لَخَوَضاً | مُطْمَئِنَّا فِي أَخْطَرِ الغَمَرَاتِ |
وَمِزَاجاً مَا بَيْنَ مَعْنَى وَحِسٍّ | لَمنْ يَكُنْ إِنْ يُرَمْ مِنَ الهَيِّنَاتِ |
عَجَبٌ كُلُّ مَا تَضَمَّنَ فِي اللَّ | هِ وَفِي كَوْنِهِ وَفِي الكَائِنَاتِ |
فِي مَفَاعِيلِ حَوْلِهِ أَوْ مَرَامِي | طَوْلِهِ أَوْ مُقَوِّمَاتِ الذَاتِ |
وَمَعَانِي هَذَا الوُجُودِ وَمَا فِي | كُلًّ أَجْزَائِهِ مِنَ المُعْجِزَاتِ |
وَمَغَازِي مَا قَرَّبَتْهُ مِنَ السُّبْ | لِ وَمَا بَعَّدَتْ مِنَ الغَايَاتِ |
نَظَرَاتٌ إِنْ حُقِّقَتْ فَهْيَ فِي جُمْ | لَتِهَا مِنْ صَوَادِقِ النَّظَرَاتِ |
تِلكَ بِالفَيْلَسُوفِ إِْمَامَةٌ عَجْلْ | لَى أَتَقْضِيهِ حَقّهُ هَيْهَاتِ |
كَيْفَ تُرْوِي الأُوَامَ وَالمَاءُ يَجْرِي | عَبَباً رَشْفَةٌ مِنَ الرَّشَفَاتِ |
فَلْنُيَمِّمْ شَطْرَ الطَّبِيبِ وَفِي الرَّوْ | ضَةِ مَا يُجْتَنَى بِكُلِّ التِفَاتِ |
أَيُّ وَصْفٍ أَوْفَى وَاَبْلَغُ مِمَّ | قَالَ فِي وَصْفِهِ كَبِيرُ الأُسَاةِ |
قَدْ سَمِعْتُمْ فِيهِ عَليّاً وَهَلْ يَعْ | رِفُ إِلاَّ الثِّقَاتُ قَدْرَ الثِّقَاتِ |
وَقَدِيماً تَجَوَّدَ ابْنُ سَنَاءِ ال | مُلكِ مَا صَاغَ فِيهِ مِنْ أَبْيَاتِ |
سَأُعِيدُ المَعْنَى عَلَيْكُمْ وَإِنْ كَا | نَتْ مَعَانِيهِ جِدَّ مُخْتَلِفَاتِ |
لَوْ شَكَا دَهْرُهُ الجَهَالَةَ مَا اسْتَعْ | صَى عَلَيْهِ إِبْرَاءُ تِلكَ الشَّكَاةِ |
وَلَوِ البَدْرُ يَسْتَطِبُّ إِلَيْهِ | لَشَفَى مَا بِهِ مِنَ العِلاَّتِ |
مَا الَّذِي أَحْدَثَ ابْنُ مَيْمُونَ فِي الطِّ | بِّ وَمَا شَأنُ تِلكُمُ المُحْدَثَاتِ |
لَمْ يَقِفْ طِبُّهُ عَلَى المَلِكِ الأَفْ | ضَلِ وَالأَرْفَعِينَ فِي الطَّبَقَاتِ |
أَنْفَعُ العِلْمِ مَا يُوَجِّهُهُ العَقْ | لُ إِلَى البِرِّ لاَ إِلى الشَّهَوَاتِ |
سَخَّرَ الطِّبَّ لِلأَنَامِ جَمِيعاً | فَتَقَرَّاهُ فِي جَمِيعِ الجِهَاتِ |
يَتَوَخّى قَيْدَ الأَوَابِدِ فِي بَا | بٍ َبَابٍ مِنْهُ وَجَمْعِ الشَّتَاتِ |
وَيُقِرُّ السَّلِيمَ مِنْ كُلِّ زَيْفٍ | بَعْدَ لأْيٍ فِي المَحْوِ وَالإِثْبَاتِ |
آخِذاً مِنْ تَجَارِبِ العُرْبِ وَاليُونَا | نِ وَالهُودِ نَاجِعَاتِ الصِّفَات |
وَمُضِيفاً إِلَى الثَّوَابِتِ مِنْهَا | مُحْكَمَاتِ الأصُولِ وَالتَّجْرِبَاتِ |
وَأَمَاطَ اللِّثَامَ عَنْ كُلِّ بُرْءٍ | سِرُّهُ فِي الجَمَادِ أَوْ فِي النَّبَاتِ |
فَتَقَضَّى جِيلٌ فجِيلٌ وَلِلدَّا | ءِ دَوَاءٌ بِفَضْلِ تِلكَ الدَّوَاةِ |
هَذِهِ مِصْرُ هَلْ تَرَى يَا أَبَا عِمْ | رَانَ فَرْقَ المِئِينَ فِي السَّنَوَاتِ |
عَهْدُهَا عَهْدُهَا كَمَا كضانَ وَالما | ضِي بِمَا بَعْدَهُ وَثِيقُ الصِّلاةِ |
لَمْ تكُنْ مُخْطِيءَ ارَّجَاءِ بِمَا اسْتَسْ | لَفْتَ مِنْ مَجْدِ هَذِهِ التَّكْرِمَاتِ |
مِصْرُ كَانَتْ مِنْ بَدْئِهَا وَسَتَبْقَى | آخِرَ الدَّهْرِ مَبْعَثَ العَظَمَاتِ |