مَاذَا أَصَابَ أَبَاكَ الشَّيْخَ وَاحَرَبَا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مَاذَا أَصَابَ أَبَاكَ الشَّيْخَ وَاحَرَبَا | وَكُنْتَ بَهْجَتَهُ فِي العَيْشِ والأَرَبَا |
وَكَانَ فِي آجَرِ الأَيَّامِ مَطْمَعُهُ | أنْ تَسْتَدِيمَ لَهُ فِي قَوْمِهِ عَقَبَا |
تَرَكْتَهُ وَالِهاً قَدْ أُرْعِشَتْ يَدُهُ | والقَلْبُ مُحْتَرَقٌ والْدَّمْعُ قَدْ نَضَبَا |
يَنوءُ ثُكْلاً وَقَبْلَ الثُّكْلِ لاَ نَصَبَا | شَكَا وَإِنْ جُلَّ مَا يَلْقَى َلاَ وَصَبَا |
هَذَا جَزَاؤُكَ يَا أَوْفَى | البَنِينَ لِمَنْ كَانَ الأَبَرُّ أَبَا |
كَلاَّ وَلَكِنَّ حُكْماً لاَ مَرَدَّ لَهُ | شَجَا بَنِي الشَّرْقِ في النَّجْمِ الَّذِي غَرَبَا |
وَلَيْسَ ذَنْبُكَ أَنَّ المَوْتَ مِنْ قِدَمٍ | يُعَاجِلُ النُّخُبَ الأَخْيَارَ وَالنُّجُبَا |
أَنْطُونُ عُوجِلَ فِي شَرْخِ الشَّبَابِ فَهَلْ | فِي الرُّبْعِ أُنْسٌ وَأُنْسُ الرَّبْعِ قَدْ ذَهَبَا |
قَدْ كَانَ مِنْ خَيْرِ فُتْيَانِ الحِمَى خُلُقاً | وَكَانَ مِنْ خَيْرِ فُتْيَانِ الحِمَى أَدَبَا |
وَكَانَ فِي أَوْلِيَاءِ العَدْلِ مَفْخَرةً | لا يَلْتَوِي رُغْباً أَوْ يَنْثَنِي رَهَبَا |
وَكَانَ نَجْدَةً دَاعيَةٍ بِلاَ مَهَلٍ | فِي نُصْرَةِ الحَقِّ هَانَ الأَمْرُ أَوْ صَعُبَا |
وَكَانَ أَيْمَنَ مَنْ يَرْعَى لأُمَّتِهِ | عَهْداً إِذَا انْتَدَبَتْهُ أَوْ إِذَا انْتَدَبَا |
وَكَانَ فِي مَوْقِفِ الفَخْرِ الجَدِيرِ بِهِ | مَا يَدَّعِي حَسَباً أَوْ يَدَّعِي نَسَبَا |
أَلَيْسَ مُنْجِبُهُ ذَاكَ الكَفِيلَ بِمَا | يَكْفِي العُفَاةَ وَذَاكَ الْحَازِمُ الأَرَبَا |
مَعَاهِدُ الْخَيْرِ لَنْ تَنْسَى لِجِرْجِسِهَا | مَا اسْتَوْهَبَ النَّاسَ لِلْحُسْنَى وَمَا وَهَبَا |
بَنَى لَهُمْ بِمَسَاعِيهِ وَهِمَّتِهِ | مِنَ المَآثِرِ مَا يَقْضِي لَهُ عَجَبَا |
يَسُومُهُ البِرُّ أَلْوَانَ الْعَنَاءِ فَمَا | يَبْهَى وَيَسْتَأنِفُ المَجْهُودَ مَا وَجَبَا |
انْظُرْ إِلَى عُظَمَاءِ الْقَوْمِ فِي جَزَعٍ | كَأَنَّهُمْ سُلِبُوا الذُّخْرَ الَّذِي سُلِبَا |
تَوَافَدُوا لِيُواسُوهُ بِأَحْسَنِ مَا | أَوْحَتْ مَحَامِدُهُ الأَشْعَارَ وَالخُطُبَا |
يَا مَنْ نُعَزِّيهِ عَنْ فَقْدِ الْحَبِيبِ وَمَا | نَأى الحَبيبُ الذي مِنْ رَبِّهِ قَرُبا |
أَيْنَ النَّعِيمُ بِجَنَّاتٍ مُخَلَّدَةٍ | مِنْ بُؤْسِ دُنْيَا يُعَانِي أَهْلُهَا الكَرَبَا |
سُبْحَانَ مَنْ فِي مَدَارِ الْكَونِ يَشْهَدُنَا | فِيمَا يُصَرِّفُهُ الأَنْوارَ وَالسُّحُبَا |
يَجْلُو الشُّموسَ وَيَطْوِيهَا بِقُدْرَتِهِ | وَفِي رِحَابِ عُلاهُ يَنْقُل الشُّهُبَا |