هبَّت علينا بالشذا الطيّبِ
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
هبَّت علينا بالشذا الطيّبِ" | "يا بردَ ذاك النَّفس الصّيّبِ |
بالله يا ريحَ الصَبا حَدّثِي" | "قلبيَ عن أحبابه الغُيَّبِ |
عندكِ أخبار الورى جملة" | "ففصّليهَا للحشى المتعَبِ |
بالله عودي ثانياً وارجعي" | "بمنعِشٍ منهم لنا مُعشِبِ |
ويا مهبَّ الريح من أرضهم" | "اسمح بنشرٍ منهم طيّبِ |
وانشُر عليهم من معنى بهِم" | "رسائلاً تقرا ولم تكتبِ |
وقل لهُم لطفاً متى عودة" | "تحيي رسُوم المنزل المجُدِبِ |
وسَلْهُم عن حال قلبي فهُم" | "قلبي وعنهم عوْضُ لم يقلبِ |
لولا المقيمونَ بوادي الغَضا" | "لم اصبُ للنسما ولا الرّبْرَبِ |
لولا انتشاق الريح من عَرفهم" | "من كاسهَا المسكر لم اشرَبِ |
مرَّت بهم وَهْناً فطافت بنَا" | "مبلولة الأذيال والمسحب |
لذلكَ العُشاق هامُوا بهَا" | "وجداً لسرٍّ أُودعت معجبِ |
بانُوا عن الدار فيا مهجتي" | "ذوبي ويا عينَ المعنَّى اسكبيِ |
لو علم الماء الذي حلَّهُ" | "فبانَ عنه اليوم لم يعذبِ |
قد حجُبوا عني أشخاصهم" | "لكنها في القلب لم تحجبِ |
من سوء حظي كلهم ذاهب" | "بمهجتي والجسم لم يذهبِ |
ماذا عليهم لو نأوا بي وفى" | "خدمتهم كلي لم يسلبِ |
وهمة الانسان لم تُجْدِه" | "شيئاً لأمر وهو لم يكتبِ |
شرعتُ فيهم مذهباً للهَوى" | "فاهلهُ اليوم على مذهبي |
والناس للأهواء طوعٌ وإن" | "كان خلاف المنهج الأصوبِ |
لكن شرعي فيهم موضح" | "قصد السبيل الأسوع الأرحبِ |
يا بارق الثغر أما تستحي" | "تلمع من ثغرهِم الأشنبِ |
قال تشبهّتُ بلألائهم" | "فخراً بهم لا لادِّعا الفخرِ بي |
يا قمراً معترضاً بينهم" | "ما أنت إلا فاصل أجنبي |
تكلف الشِبْهَ ففيِ وجهه" | "دلائل الكُلفة لا تغتبي |
ويا شموساً تدعي مثلهم" | "لو كانَ حقاً كنتِ لم تغربي |
والمدعي مثلَ اسمِه مُدَّعٍ" | "ومن يقل بالحق لم يكذبِ |
ويا ظباءٌ غرّها جيدُها" | "ما أنت إلا ضحكة العُرّبِ |
بجيدك الأشعر باهيت يا" | "بعداً لهُ من جيدها المذهبِ |
يا رُبّ ليل أدهم جئتها" | "فيه على منجرد أشهبِ |
والليل من زحف الصباح انتأى" | "كأسود ينساب من ثعلبِ |
ذاكَ زمان ذو اجتماع وذا" | "زماننا عدُّوه كالمذنِبِ |
والدهر ما أحسن فاصطد به" | "واخشَ الأماني فهو كالدولبِ |
واسلب به حُلّةَ فضلٍ فما" | "لُبْسُ الفتى إلا سَنا المكسبِ |
وكيف يرضى بخمول البقا" | "من حنَّكته غِرة المنصبِ |
مالي وللدهر وأبنائه" | "يحيون دهراً مات عن أشعبِ |
لم يكفهم تقدير مولاهم" | "من بُلغةِ المطعم والمشربِ |
استغفر الله فكل على" | "فضل ابن تركي وارد المطلبِ |
سلطاننا فيصل مَن صِيتُه" | "قد سار في المشرق والمغربِ |
مَلْكٌ عظيمُ الحِلم ذو هيبةٍ" | "يغدو لها الرئبال كالثعلبِ |
متسع المجلس ذو حضرة" | "تبدي شذا الأفضل والهنجب |
متسع المجلس ذو حضرة" | "تبدي شذا الأفضل والهنجب |
بحر العطا والفضل ذو منّة" | "تأتي على الأبعد والأقربِ |
مُسدّدُ السعي مليءُ الثنا" | "مستحسَن الطلعة والمذهبِ |
يهتز مرتاحاً لفيض الندى" | "مثل اهتزاز الصَّارم الأقصبِ |
تقول كفّاهُ لراجي الغني" | "كم لك من أهل ومن مرحبِ |
مستبحر الفكرة غواصها" | "مستخرج الحكمة لم تُثقَبِ |
مستيقظ حامي حياضِ الحمى" | "مقتحم الأهوالِ والأصعبِ |
يطوف في أمصاره مصلِحاً" | "وأيُّ مصر فيه لم يَرغبِ |
وطالما حنّت ظفار إلى" | "زورته دهراً فلم تعتبِ |
حتى أثار الدهر من حظها" | "فجاءها يسعى على مركبِ |
يشق ظهر البحر في سيره" | "وَينهوي في العَدْو كالكوكبِ |
لما درى المركب من فَوقه" | "عَراهُ تيه المفرح المطرِبِ |
تواضع البحرُ جلالاً لهُ" | "وامتدّ ظهراً ليِّنَ المركَبِ |
فبينما يجري إلى أن أتى" | "مصيرة الحيتان والمرسبِ |
أوسعها وصلاً فتاهت على" | "أمثالها كالتائه المعجبِ |
ثم مضى عنهَا وفي قلبهَا" | "نار الأسى من نازح معقبِ |
لما أتى مرسى ظفار غدت" | "فألاً له كالظفر الموجبِ |
عروس حسن نزحت أرضهَا" | "فانفردت في وصفها الأطيبِ |
كأنها في سطح أرجائها" | "جوهرة تطفو ولم ترسبِ |
مهجورة لا مِن قِلىً برهة" | "ترجو وصال الملك الأنجبِ |
إن كان عنها وصله عازباً" | "ففضلهُ الفائض لم يعزُبِ |
فجاءها وهي بيأسٍ وكم" | "يُسراً أتى من بعد مستصعبِ |
ألبسهَا من وصله بهجة" | "فأشرقت في غصنها الأرطبِ |
لو قدرت تسعى إليه سعت" | "تلثم وجه البحر والمركبِ |
لكنها بالهجر مأسورة" | "فجاءهَا يشرق في موكبِ |
أبدت خباياها فكم طيبٍ" | "وكم جديدٍ جاء مستغربِ |
فاض عليها من شآبيبه" | "ديمةَ فضلٍ واسعٍ أرحبي |
وأهلهَا الأنجاد تلقاهم" | "كأنهم جنُّ ذوو هبهبِ |
مُشوَّهُو الخِلقة نهّابةٌ" | "مُدنَّسُو البِزّة كالطحلب |
كأنما يأجوج من نسلهم" | "والشيء منسوب إلى الأنسبِ |
مجرَّدُو أرؤسهم والظبا" | "مسلولةٌ كالبارق الخُلَّبِ |
تخالُ حرباً غودرت بينهم" | "من عهد بكر وبني تغلبِ |
تسمعُ في هزاتهم هيعة" | "مثل كلابٍ صِحْنَ في مَسْغبِ |
كأنما دارهم ظبية" | "ما بين ذي نابٍ وذي مخِلبِ |
لو لم تكن داخلة في حمى الس" | "لطان كانت ضيعةَ المنهبِ |
بها براغيث بأجسَامهم" | "تفعل فعل الصِّل والعقربِ |
تقول للملسوع يا ذا إلى" | "أين السرى قال إلى المهربِ |
لكن ظفار مع ذا جَنّة" | "طيّبة المطعم والمشربِ |
وكامل الدنيا عزيز ولا" | "تخلو القرى من منقص منقبِ |
وإنما الحسن بها غالب" | "والناسُ يجرون على الأغلبِ |
تسلسلت أنهارها عذبة" | "واهاً إلى سلسالها الأعذبِ |
واعتنقت أشجارها إذ شدت" | "أطيارها في لحنهَا المعرِبِ |
فيهَا من الطير ووحش الفلا" | "ما لكنتْ عنهُ ابنة الخرشبِ |
يكادُ بالأيدي ينال الذي" | "يسرحُ من ظبي ومن أرنبِ |
فبينما السلطانُ في عرشه" | "إذ نفحته نسمة المغربِ |
فآبَ في بهجته واصلاً" | "مسقط مثل العارض المخُصِبِ |
تهتز اجلالاً بأرجائها" | "من وصله المبهج والمطُربِ |
لكَ السَّنا يا سيدي والهنا" | "بالعيد عيد المفطر الموجبِ |
فضاعف الله إليك الهنا" | "بذا القدوم الأزهر الأطيبِ |
وباركَ الرحمنِ يا ليث في" | "أشبالكَ الصيد حمى المذهبِ |
هم إخوة كلهم ماجدٌ" | "ترفّعوا في الشرف الأغلبِ |
من ذاك تيمور وذا نادر" | "كلاهما حاز عُلا المنصبِ |
يا خيرَ مولودين كلٌّ قفا" | "في المجد والسؤدد نهجَ الأبِ |
بحران في المنة طودان في" | "عَلياهما بدران في الغيهب |
هم رفعوا قدري فلم ينخفض" | "فيا لساني بالثنا فانْصَبِ |
يا سيدي دونك حُورِيّة" | "تجلّلت في مِرطها المذُهَبِ |
بِكْرٌ إذا جاءتكم افصحت" | "في مدحكم عن حالها المُعربِ |
تسحب ذيل التِيه في عِزها" | "على ابن أوس وأبي الطيبِ |
قد زادها مدحكم رفعة" | "ومن كمال الطيب في الطيّبِ |