أَبْكِيكَ يَا زَيْنَ الشَّبَابِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَبْكِيكَ يَا زَيْنَ الشَّبَابِ | يَا كَوْكَباً فِي التُّرْبِ غَابْ |
تَوْفِيقُ إِنْ تَذْهَبْ فَكمُلُّ | مُزْمِعٌ هَذَا الذَِهَابْ |
أَسْفٌ عَظِيمٌ لِلأحِبَّةِ | أَنْ تَبَينَ بِلاَ مَآبْ |
بَعْدَ القُصُورِ البَاذِخَاتِ | أَبَاتَ مَأْوَاكَ التُّرَابْ |
وَمِنَ الثَّرَاءِ وَمِنْ مَفَا | خِرِهِ انْتَهَيْتَ إلى تَبَابْ |
تِلْكَ الفَجِيعَةُ حَوَّلَتْ | أَمْنَ النُّفُوسِ إِلَى اضْطِرَابْ |
لَمْ تُرْوَ مِنْ قِدَمٍ وَلَمْ | تَقْصَصْ حَدٍِيثاً فِي كِتَابْ |
وَارَحْمَتَا لَكَ مِنْ قَتِيلٍ | لَمْ يَزَلْ غَضَّ الإِهَابْ |
فَتَكَ الذِئَابُ بِهِ | وَبَعْضُ النَّاسِ شَرٌّ من ذِئَابْ |
مَا ذَنْبُهُ إِلاَّ السَّمَاحُ الْمَحْضُ | والأَدَبُ اللُّبَابْ |
نَزَلُوا حِمَاهُ وَكَانَ أَمْنَعَ | فِي حِمَاهُ مِنْ عِقَابْ |
وَرَمَوْا فَمَا أَلْقَى الشِّهَابَ | مِنَ العَنَانِ سِوَى شِهَابْ |
مَا كَانَ أَغْنَاهُمْ وَذَاكَ | البَابُ لِلإحْسَانِ بَابْ |
لَوْ أَنَّهُمُ لاَقَوْا ذَوِي الحَاجَاتِ | فِي تِلْكَ الرِّحَابْ |
فِي حِكْمَة الدُّنْيَا وَفِي تَصْرِيفِهَا | العَجَبُ العُجَابْ |
قَدْ يَظْفَرُ الجانُونَ فِيهَا | بِالكَرَامَةِ وَالثُّوَابْ |
وَعَلَى رُؤُوسِ الخَائِفِنَ | اللهَ قدْ يَقَعُ العَقَابْ |
دُنْيَا تُخَالِفُ كُلَّ تَقْدِيرٍ | وَتَخْلِطُ فِي الحِسَابْ |
فِي زُهْرِهَا الغَرَّارِ لِلْسَّارِي | وَفِي الوَرْدِ السَّرَابْ |
فَتَظَلُّ كُلُّ حَقِيقَةٍ | فِيهَا مَحَلاً لاِرْتِيَابْ |
ما كُنْتَ يَا تَوْفِيقُ إِلاَّ | مَنْ تَفَدِّيهِ الصِّحَابْ |
لِشَمَائِلَ مَمْلُؤَةٍ أُنْساً | وَأَخْلاَقَ عِذَابْ |
وَصَفَاءَ طَبْعٍ لَمْ يُكَدِّرْهُ | الزَّمَانُ وَلَوْ أَرَابْ |
وَمُروءَةً فِي كُلِّ حَادِثَةٍ | لَها دَاعٍ مُجَابْ |
لَكِنْ وَكَمْ لَكِنْ تُقَالُ | إِذَا كَبَا بِالجَدِّ كَابْ |
حِكْمُ الَّذي بَرَأَ البَرِيَّةِ | لاَ سُؤَالَ وَلاَ عِتَابْ |
وَهُوَ الَّذِي تَعْتَاضُ بِالنَّعْمَى | لَدَيْهِ مِنُ العَذَابْ |
وَعَلَيْهِ تَحْقِيقُ الرَّجَاء | فَمَنْ رَجَا إِلاَّهُ خَابْ |
إِدْوَرَدُ عِشْ مُتَوَافِرَ الآلاَءِ | مَرْفُوعَ الجَنَابْ |
فِي غِبْطَةٍ تَصْفُو وَبِالْغَيْرِ | المُلِمَّةِ لاَ تُثَابْ |
لاَ بِدْعَ إِنْ وَاسَاكَ أَهْلُ | القُطْرِ فِي ذَاكَ المُصَابْ |
فَلأَنْتَ ذَاكَ الفَرْعُ مِنْ | أَصْلٍ زَكَا فِيهِ وَطَابْ |
مِنْ أُسْرَةٍ طَهُرَتْ | خَلاَئِقُهَا وَلَمْ تُوصَمْ بِعَابْ |
ضُرِبَتْ بِسَهْمٍ فِي العُلَى | فَأصَابَ مِنْهَا مَا أَصَابْ |
وَلأَنْتَ خَيْرُ بَقِيَّةٍ | منْهَا تُرْجَى أَوْ تُهَابْ |
زَانَتْكَ آدَابٌ رَقِيقَاتٌ | وَأَخْلاقٌ صِلابْ |
لُطْفٌ وَظُرْفٌ فِي الحَدِيْثِ | وَفِي السُّؤَالِ وَفِي الجَوَابْ |
عَزْمٌ يَفِّلُ مَكَارهَ الدُّنْيَا | وَيَهْزَأُ بِالصِّعَابْ |
رَأْيٌ إِذَا أَبْدَيْتَهُ فِي مَعْضِلٍ | فَصْلُ الخِطَابْ |
مَجْدٌ أَبَى شَرَفاً وَجُوداً | أَنْ يُشَبَّهُ بِالسَّحَابْ |
يَا مَنْ نُعَزِّيهِ وَيَدْرِي | فَوْقَ مَا نَدْرِي الصَّوَابْ |
وَعْدُ المُهَيْمِنِ بِالسَّعَادَةِ | لَيْسَ بِالْوَعْدِ الكِذَابْ |
فَلِمَنْ تَوَلَّى رَحْمَةً | في خِلْدِهِ وَلَكَ احْتِسَابْ |