بَنَاتِ الدَّهْرِ عُوجِي لاَ تَهَابِي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بَنَاتِ الدَّهْرِ عُوجِي لاَ تَهَابِي | خَلاَ الْوَادِي مِنَ الأُسْدِ الغِضَابِ |
هُنَا رَوْضٌ فَلاَ بَالَيْتِ فِيهَا | بَقَايَا الرَّوعِ مِنْ غَبَرَاتِ غَابِ |
كَأَنِّي بِالْخُطُوبِ العُفْرِ أَضْحَتْ | سَوَاخِرَ مِنْ مَنَاقَشَةِ الْحِسَابِ |
وَبِالأَرْزَاءِ بَعْدَ الْجِدِّ أَمْسَتْ | مِنَ الإِزْرَاءِ تَقْتُلُ بِالدُّعَابِ |
مُهَاتَرَةٌ مِنَ الأَيَّامِ تُبْكَي | بِغَيرِي أنْ يُصَابِرَهَا وَمَا بِي |
حُمَاةَ الْحَيِّ أَزْمَعْتُمْ سِرَاعاً | وَبَكَّرْتُمْ تِبَاعاً بِالذَّهَابِ |
نَوَاكُمْ أَرْخَصَ العَبَرَاتِ حَتَّى | لَيَبْخَلَ بَاذِلُ الدُّرِّ المُذَابِ |
نَحَيِّيكُمْ وَمَا فِينَا مُدَاجٍ | وَنَحْمَدُكُمْ وَمَا فِينَا مَحَابِ |
سَلاَمٌ فِي مَرَاقِدِكُمْ عَلَيْكُمْ | وَحَسْبُكُمُ القَدِيمُ مِنَ العَذَابِ |
سِوَى أَنَّا مَتَى اشْتَدَّتْ فَرَاعَتْ | وَلَمْ تَثِبُوا جَهَرْنَا بِالْعِتَابِ |
نَعَاتِبُكُمْ وَنَعْلَمُ لَوْ مَلَكْتُمْ | سَبَقْتُمْ كُلَّ دَاعٍ بِالْجَوَابِ |
عَلَى أَنَّا نُحِسُّ لَكُمْ قُلُوباً | خَوَافِقَ مِنْ أَسىً تَحْتَ التُّرَابِ |
بِعَهْدِ الرِّفْقَةِ الأَبْرَارِ أَمْسَوْا | وَهُمْ فِي ذِمَّةِ الصُمِّ الصِّلاَبِ |
عَليُّ أَلاَ تَقُولُ اليَوْمَ شَيْئاً | وَهَذَا يَوْمُ فَصْلٍ فِي الْخِطَابِ |
أَلَسْتَ الوَاقِفَ الْوَقَفَاتِ رَدَّتْ | شَبَا الشُّبُهَاتِ عَنْ كَبِدِ الصَّوَابِ |
وَمَرَّتْ بِالْحُقُودِ فَشَرَّدَتْهَا | وَعَادَتْ بِالْحُقُوقِ إلى النِّصَابِ |
عَلِيٌّ أَلاَ تَذُودُ الْيَوْمَ ضُرًّا | مُضَرًّى بِالْوُثُوبِ وَالانْتِيَابِ |
فَتَثْلِمَ عَزْمَهُ كَالْعَهْدِ حَتَّى | يَفِيءَ عَلَى يَدَيْكَ إلى مَتَابِ |
بِذَاكَ الذَّابِلِ الْخَطِّيِّ مِمَّا | تَخُطُّ بِه العَظَائِمَ فِي كِتَابِ |
بِذَاكَ العَامِلُ الغَلاًّبِ بَأْساً | عَلَى لِينٍ بِهِ عِنْدَ الْغِلاَبِ |
يَمُجُّ أَشِعَّةً تُدْعَى بِنِقْسٍ | كَنُورِ الشِّمْسِ يَدْعَى بِاللُّعَابِ |
سَنَاهُ مَرْشِدُ السَارِينَ كَافٍ | مَغَبَّاتِ الضَّلاَلِ وَالارْتِيَابِ |
فَقَدْ تَنْجُو السَّفِينُ مِنِ ارْتِطَامٍ | إِذَا بَصُرَتْ وَتَهْلِكُ فِي الضَّبَابِ |
لَحِقْتَ بِرَهْطِكَ الأَخْيَارُ تَثْوِي | كَمَثْوَاهُمْ مِنَ الْبَلَدِ الْيَبَابِ |
فَإِنْ تَبْعُدْ وَقَدْ بَعِدُوا جَمِيعاً | فإِنَّ مُصَابَنَا فَوْقَ المُصَابِ |
بِرَغْمِ المَجْدِ أَنْ وَلَّيْتَ عَنَّا | صرِيعاً لَمْ تَجُزْ حَدَّ الشَّبَابِ |
وَكُنْتَ بَقِيَّةَ الأَبْدَالِ فِينَا | وَكَانَ عَلَيْكَ تُعْوِيلُ الصِّحَابِ |
إِذَا اسْتَعَدَتْ عَلَى الآفَاتِ مِصْرٌ | فَقَدْ نُصِرَتْ بِرَوَّاضِ الصِّعَابِ |
بِرَأْيٍ مِنْكَ نَفَّاذٍ ذَكِي | فُجَائِيٍّ كَمُنْقَضِّ الشِّهَابِ |
يَظَلُّ اللِّيْلُ مِنْهُ وَقَدْ تَوَارَى | إِلَى أَمَدٍ بِهِ أَثَرُ الْتِهَابِ |
وَكُنْتَ المَرْءَ حَقَّ المَرْءِ عَقْلاً | وَآدَاباً وَأَخْذاً بِاللُّبَابِ |
صَدُوقَ الْعَزْمِ لاَ تَبْغِي طِلاَباً | وَتَرْجِعَ دُونَ إِدْرَاكِ الطِّلاَبِ |
لَطِيفاً فِي الْتِمَاسِ الْقَصْدِ حَتَّى | لَتَشْتَبِهُ المَضَايِقُ بِالرِّحَابِ |
شَدِيدَ الْبَطْشِ خَشْيَةَ غَيْرِ خَاشٍ | أَيُرْهَبُ انْتِسَابٍ وَاكْتِسَابِ |
حَيَاتُكَ كُلُّهَا جُهْدٌ وَمَجْدٌ | بِمُعْتَرَكِ انْتِسَابٍ وَاكْتِسَابِ |
تَجِلُّ عَلَى الْكوَارِثِ وَهْيَ تَطْغَى | كَفُلْكِ خَفَّ فِي ثِقَلِ الْعُبَابِ |
إِذَا لَمْ يَبْتَلِعْهُ المَوْجُ عَادَى | بِهِ بَيْنَ الغَيَابَةِ والسَّحَابِ |
تُكَافِحُهُ الْغَدَاةَ بِلاَ تِرَاكٍ | وَهَمُّكَ صَاعِدٌ وَالمَوْجُ رَابِ |
إلى أنْ يَبْلُغَ الْجَوْزَاءَ وَثْبَاً | فَتَبْلُغَهَا عَلَى مَتْنِ الْحَبَابِ |
فَمَا هُوَ بَيْنَ نَفْسِكَ فِي عُلاَهَا | وَدَارَ الخُلْدِ غَيْرُ وُلُوجِ بَابِ |
كَذَاكَ أُجِزْتَ عَنْ كَثَبٍ إِلَيْهَا | فَكَانَتْ آيَةَ العَجَبِ العُجَابِ |
قَرَاراً أَيُّهَا الْعَانِي وَطِيباً | بَمَا آتَاكَ رَبُّكَ مِنْ ثَوابِ |
فَإِنْ تَتَوَارَ عَنَّا في حِجَابٍ | فَمَعْنَى لنُّورِ في ذَاكَ الحِجَابِ |
سِوَاكَ غِيَابُهُ دَاجٍ ولَكِنْْ | لَكَ الشَّفَقُ المُقِيمُ مَدَى الغِيَابِ |