أنفس ما يهدى من الشعر
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أنفس ما يهدى من الشعر | مدح العزيز الدائم الفخر |
يحلو كلام المادحين له | سيان في النظم وفي النثر |
واحسن التشبيب ذكر اسمه | لا ذكر من يمنيك بالهجر |
ليس الذي يحيى بالآئه | قلوب راجيه من الفقر |
كمن ترى من لطفه انه | يقتل بالاعراض والشزر |
تحسبه طالوت في بأسه | وتارة هاروت في السحر |
ولا سوال الدار عن ظعن | ولا تجنى ربة الخدر |
ولا شجون بقنا قامة | ولا جنون بضنى خصر |
ولا اهتداء بسنا طلعة | ولا ضلال بدجى شعر |
ولا نواح في الليالي على | طيف اثار الوجد في الصدر |
ولا ادكار لزمان اللقا | ورشف ثغر قيل كالخمر |
وساوس تذهب رشد الفتى | وتجعل الشعر من الهجر |
ما الشعر الا ان تذيع به | حسن صنيع عن فتى غمر |
يحرم منه الدر الا لمن | يجود بالعسجد والدر |
ان الذي قد سن ذا الفن لم | يجد كاسماعيل في العصر |
فاتخذ التشبيب في نظمه | متحذة للذهن والفكر |
وليس محتاجا إلى غزل | من حدث الناس عن البحر |
بحر يفيض الخير منه على | من كان في بحر وفي بر |
ابي الفداء المستعان على | كشف الملمات من الدهر |
في مدحه ان كنت ترشد ما | يغنيك عن زيد وعن عمرو |
من لم يزل يزداد في بره | ما ازداد في العمر وفي القدر |
من اجل ذا زاد الدعاء له | من الورى في السر والجهر |
وان يكن من بينهم حاسد | فانه قد باء في خسر |
وكل ما وشاه من فرية | وظنه يخلد في الحبر |
هفت به الارواح حتى عفا | من دون ما رسم ولا اثر |
يا خيبة الحساد من بعدما | باتوا على جمر من المكر |
كم جهدوا في الافك في يومهم | وارقوا ليلا بلا فجر |
وركبوا زورا فاهوى بهم | من حالق في مصرع الغدر |
لا غروان تنكر اصواتهم | فانهم من حمر الفر |
سبحان من اوجد في خلقه | ماشاء من نفع ومن ضر |
طان من الخير سراة الورى | وسؤرهم طين من الشر |
فبعضهم يفسد في ساعة | ما غيره اصلح في دهر |
ومنهم من رزقه انه | يدأب في الارجاف والختر |
ويظهر النصح وصدق الولا | ويضمر الغش على الغر |
بعد القوم لم يحك فيهم | شيء من الانذار والزجر |
ستعتريهم في مضاجعهم | وهم سكارى ضغطة القبر |
الله قد احبظ اعمالهم | وردهم اخيب من عقر |
وكل ما كادوه عاد على | نحورهم انكى من النحر |
كادوا يذوبون اسى يوم ان | قيل لهم كونوا على حذر |
ان الخديوي امتطى فلكه | وانه اليوم لذو مخر |
حتى اتى دار الخلافة في | عز رفيع الجاه والقدر |
وان مولانا المعظم قد | لاقاه بالايناس والبشر |
ولم يزل يحسبه انه | للملك ذخر ايما ذخر |
وانه بالبيض يدفع عن | حقيقة الاسلام والسمر |
وانه ركن لدولته | مشيد البنية ذو ازر |
وكم له شاهد عدل له على | صدق مساعيه بلا نكر |
الم يحل خطب العسير وقد | خيل اعسارا الى يسر |
الم يعبئ جحفلا طائلا | على كريد جائب البحر |
في سفن شتى رست سبة | في بحرها في البرد والحر |
الم يغث بالمال من هاجروا | وهم الوف كأب بر |
الم يغث اهل فروق بما | خفف عنهم فادح الضر |
الم يغث اهل العريش وقد | جلاهم الجدب الى مصر |
الم يكن احسانه شاملا | اهل الزوايا جل عن حصر |
وكل محتاج وذي عيلة | وكل ملهوف ومضطر |
وان من كبرى صنائعه | عتق بني حام من الاسر |
لو عددت آلاؤه كلها | لضاق عنها امد العمر |
اصغر ما يوليه من منن | يكبر عن مندوحة الشكر |
عن جده ارث المعالي وعن | ابيه والفرع على النحر |
امثله يزرى عليه وقد | نزهه الله عن المزرى |
انقى من الفضة ما ينتوى | وقربه اقنى من التبر |
وعهده امنع من معقل | يقيك من بؤس ومن ذعر |
في مصر من كثرى مآثره | ما يفخر الاهرام في الذكر |
فانما الاهرام قد شيدت | بالقهر والتسخير والقسر |
ولم تزد مصر بها دوحة | ولا نواحيها مدى فتر |
فانظر اليها اليوم مستقريا | فهل ترى من موضع قفر |
وانظر إلى زهو السويس بما | خليجها حاز من الفخر |
قد وصل البحرين وصلا به | زادت معالي ذللاك القطر |
فيا له من عمل لم يكن | انجازه يخطر في حزر |
لو لم يكن فتحا مبينا لما | قضى له الاقوام بالبهر |
وافى اليه كل ملك وذي | رئاسة من امم العصر |
وكلهم كانوا ضيوفا لدى | ابي الندى اكرم من يقرى |
وكلهم عاد رضيا بما | نال وقد اطنب في الشكر |
هذا هو الفضل المبين الذي | تخلد ذكراه مدى الدهر |
هذا هو الجود العميم الذي | يجزئ في المحل عن القطر |
هذا هو الصنع الجميل الذي | يبقى بقاء المدح في حر |
في كل ناد مدحه واجب | يجوز من مصر إلى مصر |
سماعه يغنيك عن مزهر | وعرفه عن ارج الزهر |
اين الذي ينشئ في الارض ما | يكون تحييرا لذي حجر |
ممن اذا انشأ شيا بدا | نفع له اسنى من البدر |
واين من شاد مقاما له | مفتخرا بالشيد والصخر |
ممن يغيث الناس ان اجدبوا | ويبدل الاعسار باليسر |
ولا يزال خيره زاخرا | على الورى يا حسن ما زخر |
هذا امير الناس في فضله | وفصله في بهمة الامر |
بالعدل يقضى والندى ينتشى | والحق يوصى والظبى يفرى |
طابت به مصرفا رجاؤها | تبدو لنا في حلل خضر |
فيها بروج وصروح سمت | على اساس الخير والبر |
فيها مبان ومغان اوت | الى حماها كل معتر |
فيها حياض ورياض زهت | يعبق منها ارج العطر |
فيها فنون وعلوم رمت | بشهبها محلولك الكفر |
فيها ملاه ما حيات الاسى | وملهبات دون ما وزر |
وكم بها من مسجد جامع | تسمع منه حبرة الذكر |
ومن خطيب باهر وعظه | لسدف الاوهام كالزهر |
ومن اديب ماهر لفظه | لصدف الافهام كالدر |
وكل ما ترغب فيه النهى | وتشتهيه انفس السفر |
مهما اطل في مدح اوصافها | حسبتني قد جئت بالنزر |
ربي ادمها معدنا للعلى | والعلم والافضال والسر |
واحفئ بعون منك رب الندى | عزيزها بالعز والنصر |
دام مدى الدهر وانجاله | من حوله في الصوم والفطر |
رب استجب هذا الدعاء فقد | اخلصته في ليلة القدر |