اليومَ عاودني الحنينُ إلى الكلامْ . |
صورٌ تزاحمُ بعضَها ، |
وتقولُ لي : زِنِّي كما أحببتَ ، |
واكتبني بقلبٍ مُستهامْ . |
دعني أكونُ خفيفةً مثل الندى |
ورقيقةً مثل السلامْ . |
لا تنتظرْ .. |
فلقد أتيتُ لكي أريحكَ ، |
غير أن الوقتَ يقتلني |
لذا أنتَ المُلامْ . |
إنْ جئتُ باهتةً إليكَ ، |
وبعضُ ألواني ، على ما لا يُرامْ . |
عِرني اهتمامَكَ ، |
لا تدَعْني هكذا دون اهتمامْ . |
لا أستطيعُ الصبر أكثرَ ، |
لا تؤجّلْني ، |
وخذني الآن للذكرى |
لتعرف بعد عامٍ كيف كنا قبل عامْ . |
وبأن بغدادَ التي كانت هنا |
ظلت هنا ، |
ولسوف تبقى ها هنا |
وعلى الدوامْ . |
خذني لتعرف كيف صار النفطُ ، |
أغلى من حياة الناسِ ، |
خذني ، |
قبل أن تغدو الشوارعُ دون أسماءٍ ، |
وخذني ، |
قبل أن أغدو حطاماً |
بين أكوام الحطامْ . |
خذ هذه الدمعاتِ من عينَيْ غلامْ . |
خذ صورة العشرين من أهلي اللئامْ . |
خذ هذهِ ، |
أو هذهِ ، |
أو هذهِ ، |
واكتب لنا بعض الكلامْ . |
*** |
صورٌ تُزاحِمُ بعضَها ، |
وأنا أفِرُّ من الزحامْ . |
" نَمْ يا حبيبي .. " |
أينها أمِّي ؟ |
لتذبحَ لي غداً زوجَ الحمامْ . |
ومتى ستتركني القصيدةُ ، |
كي أنامْ .؟ |
*** |
الصورةُ الأولى : السماءُ غدت دخاناً ، |
مثلما كانت قببل النشأة الأولى ، |
وهذا العم سامْ . |
يُلقي أوامرهُ : المَعِي ، |
كالبرق ، يا بغدادُ ، في وسط الظلامْ . |
عودي ، فقد أتت النهايةُ ، |
للبدايةِ ، |
واقرئي الألواحَ ، |
وانتظري غداً سوء الختامْ . |
والصورة الأخرى : لأولاد الحرامْ . |
يستبشرون بكل صاروخٍ وقنبلةٍ ، |
كأن الأجنبيَّ أتى |
لتغيير " النظامْ ". |
وهناك ثالثةٌ لأصحاب العباءاتِ الطويلةِ ، |
صار أهلي يكرهون اليومَ أهلي |
والعروبة أصبحت جسداً ، |
تمزقه السهامْ . |
لكنَّ صورتَك الجميلةَ يا هُمَامْ . |
غطت معالمُها على كل الصورْ . |
ولغيرها لم يبقَ في نفسي أثرْ . |
ولها انحنيتُ مغمغماً : الله أكبرُ ، |
" يا سلامْ " ! |
فإلى الأمام إلى الأمامْ . |
يا رافعاً فوق السماء رؤوسَنا |
ومسافراً فينا على ظهر الغمامْ . |
يا واقفاً مثل النخيلِ ، |
على ضفاف الرافدينِ ، وممسكاً |
بحديد قبضتك الزمامْ . |
أنت الإمام ونحن أحوج ما نكون إلى إمامْ . |
فاقرأ علينا ما تيسرَ ، |
سوف نبقى صامتينَ وأنت وحدكَ ، |
أنت وحدكَ ، |
من يحق له الكلامْ . |