تهجُّدات عراقية
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قد كنتَ مُذْ كنت زيتاً في قناديلي | وكنتَ دمعي، وشمعي في تراتيلي |
زهوي.. ولهوي.. وشدوي في مواويلي | وكنتَ عند الصِّبا أحلى أباطيلي |
أشهى غموضِ دمي.. أبهى أكاليلي | أدقَّ رَصْدٍ على أوهى بَلابيلي |
كنتَ انطباقَ دمي جيلاً على جيلِ | حتى امتلأتُ امتلاءً بالمجاهيلِ |
كم ضحكةٍ رفرفتْ قربي، علقِتُ بها | فأفلتَتْ بين آلافِ الشناشيلِ! |
وكم ذؤابةِ شعرٍ كالسَّنا خفقتْ | وغاب طائرُها وسْطَ الهلاهيلِ |
جرى دمي خلفَها شوطاً، وعاد بهِ | نَقرُ الدّفوفِ، وإيقاعُ الخلاخيلِ |
كم.. كم قرأتُ على شَّطيكَ أدعيَتي | وكم بنَيتُ على المجرى عرازيلي |
كتبتُ فيك مزاميري بِحُرِّ دمي | فأين تقرأ إنجيلاً كإنجيلي؟! |
يا مالكَ العمر.. قالوا: هل تنازعُهُ؟ | أجَلْ.. على كلِّ يومٍ منه يُبقي لي! |
أقولُ: هل ضقتَ بي ذرعاً فتتركني | أُحصي بقيّةَ عمري بالمثاقيلِ؟ |
وأين أمضي بها لو أنت تتركها؟ | وكيف أحملها حملَ المثاكيلِ؟ |
يا سيّدي.. يا عراق الأرض.. يا وطني | يا زهوَ عمريَ مُذْ رنَّتْ جلاجيلي |
ومُذْ درَجتُ ولي طوقٌ أُدحرجُهُ | وصوتُ أُمّيَ من خلفي يُغنّي لي |
هل فاتَنا العمرُ حتى صار يُخجلنا | هذا التَّذكُّرُ حتى في الأقاويلِ؟ |
أم أنَّني يا عراقَ الأرض يُحرجني | أمام كِبْرِكَ خَوضي في تَفاصيلي؟ |
وكيف أكتبُ شعري فيك يا وطني | إن لم يكنْ كلُّ عمري فيك يوحي لي؟ |
من رَتْقِ دشداشتي، والرِّجلُ حافيةٌ | لزهوِ أوّلِ يومٍ في السراويلِ! |
من كلِّ محفوظةٍ ما زلتُ أحفظها | من كلِّ مسطرةٍ أدمَتْ أناميلي! |
من أيِّما دمعةٍ .. من أيِّ مَظلَمةٍ | حملتُها بين مسجونٍ ومفصولِ |
إن لم يكنْ كلُّ عمري فيك تزكيتي | فهل سأكتب شعراً بالتآويلِ؟! |