لِمَن يا ترى أَشكو بِمَدمَعيَ الهملِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لِمَن يا ترى أَشكو بِمَدمَعيَ الهملِ | وَما ليَ في لُبنانَ من مخلِصٍ خِلِّ |
لَقَد كانَ لي فَضلٌ عَلى كُلِّ صاحِبٍ | فَأَنكر صحبي كلَّ ما كان من فَضلي |
أَأَشكو إِلى القانون غَدرَ مَعاشِري | وَقد أَصبَحَ القانونُ يوطِأ بِالرِجلِ |
غداةَ طَلَبتُ النورَ أَنكَرَني الملا | وَلَمّا اِدَّرعتُ الصِدقَ أَنكَرَني أَهلي |
تمرَّدَ فَردٌ من بِلاديَ مرَّةً | وَصَوَّبَ نَحوي نبلَتين من العذلِ |
لِأَنّي لا أَمشي عَلى نَهجِ جاهِلٍ | يَسيرُ شَموخَ الأَنفِ في ظُلمَةِ الجَهلِ |
وَلَو كانَ ذا عَقلٍ يُقارِنُه الوَفا | لما حكَّم الجَهلَ المُغرّر بِالعَقلِ |
وَلكِن تَعامى عَن هداهُ لِأَنَّهُ | أُصيبَ من الدُنيا بمسٍّ من الخَبلِ |
رَأَيتُ فَتاةً أَمسِ يَربطني بِها | غَرامٌ نَما في الصَدر مجتَمِع الشَملِ |
لَها في لماها العذبِ بَسمَةُ طاهِرٍ | تُنيرُ دُجى الظَلماءِ من شِعرِها الجَثلِ |
فَقُلتُ لها إِنّي عَلى الوُدِّ قائِمٌ | وَلكِن بُعادي سَوف يُخني عَلى الوَصلِ |
فَإِنّي سَأَنأى عَن بِلادي مُسافِراً | فَلَستُ أَطيقُ الظُلمَ في البَلَدِ المحلِ |
رَأَيتُ هنا رَهطاً من الناسِ آثَروا | يدَ الظُلمِ أَن تَعلو وَتفتك بِالعَدلِ |
رَأَيتَهُم وَالقَيدُ حَول رِقابِهِم | وَأَيديهِم مَشدودَة الرَبطِ بِالغُلِّ |
يَقودُهم مِن سافِل الخَلقِ زُمرَة | تُحاوِل نَفثَ السَمِّ فيهِم كَالصَلِّ |
تَبثُّ من الأَغراضِ فيهِم مبادئاً | أَشدَّ بِجِسم الإِجتِماعِ من السلِّ |
تُريدُهُم عُمياً عَن النورِ وَالدُجى | يُخَيّشمُ فَوقَ الحَقِّ سَدلاً عَلى سَدلِ |
وَتَهزَأُ بِالشَخصِ الَّذي لَم يُصخ لَها | وَلكِن سَوادُ الهَدبِ أَبقى مِن الكَحلِ |
فَقالَت كُن الحَق المُحَرَّرَ في الوَرى | وَدع حَشَراتِ الأَرضِ تَزحفُ في الوَحلِ |
فَما أَنتَ مِمَّن يُثبطُ الهَمُّ سَعيَهُ | وَثابِر عَلى كَشفِ الظَلامِ بِلا مَطلِ |
وُجودُك في الدُنيا لِتَخدمَ مبدءاً | فَلا تَبنِهِ إِن كُنتَ شَهماً عَلى الرَملِ |
وَأَملِ تَعاليمَ الحَياةِ عَلى المَلا | فَإِنَّ يَدَ الأَجيالِ تَكتُبُ ما تَملي |
وَلا تَستَرقَّ النَفسَ من أَجل بَغيَةٍ | وَدس حَشراتِ المُستَبِدّينَ بِالنَعلِ |
فَمَن يَستبح هضمَ الحُقوقِ لِغايَةٍ | فَذلِكَ أَولى بِالحَقارَةِ وَالرَذلِ |
وَأَسد مَع الأَحرارِ أُغنيَّةَ العَلى | فَما الحُرُّ إِلّا بُلبُلُ المَجدِ وَالنُبلِ |
وَما الحرُّ إِلّا ذلِكَ العامِلُ الَّذي | تَمَشّى عَلى هامِ العبودَةِ وَالذُلِّ |
هو الحُرُّ رَمزُ الحَقِّ رَمزُ فَضيلَةٍ | تَسيرُ مَع الأَجيالِ في الشَرَفِ المُعلي |
أَذابَ عَلى جَمرِ الحَياةِ دِماغَه | وَصيَّرَه زيتاً ينّور في السبلِ |
تَقولُ ابنةُ الأَجيالِ وَهيض مطلَّةٌ | من الهَيكَلِ الأَسمى عَلى عالَمِ النَسلِ |
تُرى مَن رَأى قَبلي الوجودَ مهدّماً | وَمن ذا رَأى الأَحرارَ بانِيَةً قَبلي |
هنا سَكَنت تِلكَ الفَتاةُ وحدَّقَت | إِلى المَلا الأَعلى بِأَعيُنِها النُجلِ |
وَمن ثَغرِها نورُ المساواةِ مشرقٌ | يفسِّر أَنَّ الملك في خلقِهِ مثلي |
وَحريَّة قَد أَشرَقَت من جَبينِها | وَرَمزُ إِخاءٍ وَالسَلامُ على الكُلِّ |