بَكَت وَهيَ صَرعى مِن هُمومٍ تَحيقُها
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بَكَت وَهيَ صَرعى مِن هُمومٍ تَحيقُها | كَبائِسَةٍ في الناسِ ضاعَت حُقوقُها |
وَصارَت تَوالي بِالشَهيقِ أَنينَها | فَأَسمعني لحنَ الحَياةِ شَهيقُها |
وَأَلقَت عَلى صَدري مِن الحُزنِ رَأسها | غَريبَةُ دارٍ قَد نَآها صَديقُها |
وَأَدمعُها كانَت رَحيقاً مذوَّباً | فَأَكسرَ قَلبي المُستَهامَ رَحيقُها |
وَلمّا اِستَتَبَّ النَومُ في غُلبِ عَينِها | وَنامَ كَما نامَ الجَريحُ خفوقُها |
سكتُّ فَلَم أَلهَث حذار تَنهدّي | يَمُرُّ عَلى أَجفانِها فَيفيقُها |
وَكانَ ظَلامُ اللَيلِ يرخي سدولَه | وَأَنجُمهُ يذوي النُفوسَ بَريقُها |
كَأَنَّ شُعاعَ الزُهر في شاسِعِ الفَضا | سِهامٌ عَلى قَلبِ الوُجودِ مروقُها |
فَقُلتُ وَفي صَدري مِن الدَمعِ بركَةٌ | تحمَّلَ أَقذار الحَياةِ عَميقُها |
إِذا كانَتِ الظَلماءُ فينا مُنيرَةً | فَأَحرى بِها أَلّا يَزولَ غسوقُها |
أَحَقُّ بِنا الظَلماءُ من كُلِّ وجهَةٍ | فَفينا وُجوهٌ يُستَبَدُّ صَفيقُها |
وَفينا حَزازاتٌ إِلى البَغي تَنتَمي | وَفينا شفاهٌ من طِلى الحِقدِ ريقُها |
نَظَرتُ إِلى مَن خدَّدَ الدَمعُ خدَّها | فَأَلفَيتُ شَمساً لا يَغيبُ شُروقُها |
كَأَنَّ نثارَ الدَمعِ تبرٌ بِعَينِها | يذوِّبهُ فَوق العَقيقِ مريقُها |
فَقُلتُ عَزيزٌ يا بَني الشَرق أَن نَرى | الفَضيلَةَ يَمشي في المَكاسِدِ سوقُها |
تَهيم وَلا تَدري طَريقَ نَجاتِها | كَأَنَّ ضلالَ العالَمينَ طَريقُها |
هيَ الزهرةُ البَيضاءُ في عوسَجِ الوَرى | يحفّ بِها شوكُ الخَنا وَيُحيقُها |
وَقَد عَصَفَت ريحٌ عَلَيها شَديدَةٌ | فَنَثَّرها مِثل الدُموعِ خريقُها |
هيَ النِجمَةُ الزَهراءُ في حَدَقِ الدُجى | يُسامِرُها بَدرُ العَفافِ شَقيقُها |
وَلكِنَّ غيمَ الجَهلِ لاصِقَ نورَها | فَحَجَّبَها عن كُلِّ عينٍ لَصيقُها |
هيَ اِبنَةُ آمالي وَلكِن سَجينَةٌ | تناسى هَواها الكُلُّ حَتّى عَشيقُها |
يَشوق فُؤادي أَن يَراها طَليقَةً | وَلكن قُيودُ الظُلمِ لَيس يشوقُها |
غَفَت مِلءَ عَينَيها وَلكِنَّ روحَها | تَرَدَّدَ في صَدرِ الحَياةِ زُهوقُها |
كَأَنَّ الَّذي أَخنى عَلَيها بِجورِه | إِلى هوَّةِ الإِعدامِ جاءَ يَسوقُها |
أَشاحَ خَيالُ الحُبِّ عَنها بِوَجهِهِ | وَأَعرَضَ عَنها في الحَياةِ رَفيقُها |
فَما وَجَدَت إِلا المَدامِعَ مُؤنِساً | لذلِكَ في كلِّ الظُروفِ تُريقُها |