هذي الحَياةُ كَمُستَشفى تَنامُ بِهِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
هذي الحَياةُ كَمُستَشفى تَنامُ بِهِ | مَرضى الوُجودِ وَلا تَشفى مِن الداءِ |
كَأَنَّما الداءُ مَخفِيٌّ بِأَنفُسِها | سِرٌّ عَصى كَشفُهُ عِلمَ الأَطِبّاءِ |
سَأَلتُ نَفسِيَ يَوماً وَهِيَ باكِيَةٌ | كَأَنَّها ضَجِرَت ما بَينَ أَعضائي |
يا نَفسٌ إِن كُنتِ في لُبنانَ يائِسَةً | هذي دِمَشقُ تَناغينا بِإِصفاءِ |
الماءُ في بَرَدى عَذبٌ مرقرقه | كَأَنَّهُ لُؤلُؤٌ في عَينِ حَوراءِ |
وَالطَقسُ مُعتَدِلٌ فيها وَصافِيَةٌ | سَماؤُها وَهيَ بَينَ الزَهرِ وَالماءِ |
فَلَم تُجِبني وَظَلَّت وَهيَ صامِتَةٌ | تَرمي عُيوني بِأَنظارٍ وَإِصغاءِ |
كَأَنَّ في نَفسِها سِرّاً تُحاوِلُ أَن | تُخفيهِ وَالعَينُ تُجليهِ بِإِفشاءِ |
فَقُلتُ هذي فُروقٌ إِن سَكنتِ بِها | سَكَنتِ يا نَفسُ أَرضاً لِلأَشدّاءِ |
فُروقُ يحرسُها البوسفورُ مَنظَره | يَفيقُ في كلِّ صَدرٍ مجدَ آباءِ |
إِذا تَأَمَّل قرنُ التبر شاطِئَه | تَأَمَّل المَجد في أَحضانِ عَلياءِ |
وَالشَمسُ تَسكُب في الأَمواهِ مُهجتَها | بَسّامةً عَن حلىً في ثَغرِ عَذراءٍ |
وَهذِهِ مِصرُ وَالأَهرامُ ترمَقُها | بِعَينِ فِرعَونَ عَن أَلحاظِ حَسناءِ |
كَأَنَّها وَهديرُ النيلِ يُطرِبُها | عُشّاقةُ الفَنِّ بَينَ الشِعرِ وَالنائي |
فَلَم تُجِبنِيَ هَل خَرساءُ نَفسِيَ أَم | جيئَت بجنِّيَّةٍ شَمطاءَ خَرساءِ |
فَقُلتُ يا نَفسُ إِن تَهوي السُكونَ فَما | في الكَونِ حَزازاتٍ وَشحناءِ |
فَلنَسكُنِ القطبَ حيثُ النَجمُ ساطِعَةٌ | تُصبي النُفوسَ بِأَنوارٍ وَأَضواءِ |
هُناكَ لا حقدَ تَرتاعُ النُفوسُ لَهُ | وَلا لهاثٌ من القَومِ الأَرِقّاءِ |
إِذا ذاكَ نادَت بِصَدري النَفسُ قائِلَةً | أَيّا سَكنتَ تجد حكماً لِإِرضائي |
بِشَرطِ أَن تَنثَني مِن عالَمٍ كَثرت | فيهِ الحَزازاتُ مِن ظُلمٍ وَبَغضاءِ |