ذِكراها في الحِما إِن تَنظُراها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ذِكراها في الحِما إِن تَنظُراها | إِنَّني مُضنىً عَلى عَهدِ هَواها |
وَأَسالاها إِن أَجازَت سائِلاً | هَل تَرى بَعدَ النَوى قَلبي سَلاها |
وَأَزيلا شَكها إِن وَهِمَت | لا رَعى اللَهُ خَليلاً ما رَعاها |
وَأَعلَما مِنها لِماذا نَفَرَت | يَومَ لُقيانا عَلى سَفحِ حِماها |
أَعرَضت عَني بِطَرفٍ حائِرٍ | وَجَبينٍ فَوقَهُ الرُعبُ تَناهى |
راعَها طَرفٌ رَقيبٍ ساخِطٍ | لازم الغيرَةَ مِنّي فَنَهاها |
كَمَهاةٍ في الرُبى سانِحَةٍ | هالَها الصَيادُ يَوماً فَثَناها |
وَأَعطَفاها نَحوَ صَبٍّ هائِمٍ | لا يَرى في الكَونِ مَعشوقاً سِواها |
وَإِذا عَنَت عَن ذِكرِ الهَوى فأَديرا | الكاس صَرفاً وَأَسكَراها |
خَمرَةُ الحُبِ عَظيمٌ سِرُّها | كُلَما طالَ المَدى زادَت قِواها |
وَإِذا ما ذَكَرَت عَهدَ الصِبا | فَاندَبا مَعَها وَلَكن لِاطفاها |
عِلّلاها بِمَواعيدِ الهَوى فيها | سَلوى لِإِطفاءِ جَواها |
وَأَمسحا أَدمُعُها إِن هَطَلَت | عِندَ ذِكري إِنَّما لا تَلمُساها |
بَل دَعها إِنَّها تَنشفُ مِن نارِ | حُسنٍ أَشعَلَتها وَجَنتاها |
وَخَذا مِن دَمِ قَلبي نُقطَةً وَأَمزَجاها | بِالطَلا ثُمَّ أَسقياها |
وَإِذا هاجَت عَلى حَرِّ اللَظا | فَأَسكَبا دَمعي لِتَبريدِ لَظاها |
وَأَجُلبا لي مِن لَماها جُرعَةً | رُبَّما جادَت بِبرءي شَفتاها |
وَإِذا ضَنَّت دَعا اسمي يَرتَوني | إِذ تَسميني بِتَقبيلِ لَماها |
ذاكَ حَسبي في مُصابي بَعدَما | كانَت الأَيّام توليني صَفاها |
مُدَّة في قُربِها طابَت لَنا | أَجَلُ الرَغدِ اِنقَضى عِندَ اِنقِضاها |
بَينَنا الآنَ جِبالٌ وَرُبىً | وَسُهولٌ يَعجَزُ الطَيرَ فَضاها |
إِنَّما فِكري لَهُ في قَطعِها | حَرَكاتٌ يَسبُقُ البَرقَ سَراها |
هِيَ مَوضوعُ هَيامي دائِماً | وَلَئن كانَ عَلى البَأسِ اِقتِفاها |
دَهشَتي صحبي حَياتي نُزهَتي | بِهجَتي كانَت فَلا كانَ سِواها |
دَوحَةُ الحُسنُ الَّتي في رَوضِنا | كانَ لي التَقبيلُ قَسَماً مِن جَناها |
فَإِذا حَنَّت وَأَنتَ أَضلُعي فَعَلى | ذكرِ هَواها وَسَناها |
وَإِذا ما لاحَ لي وَجهُ الضُحى | لا تَراهُ أَعيُني أَلّا بَهاها |
لِذَّةُ الآصالِ عِندي أَمحَلَت | بَعدَما قَد طابَ لي عَذبُ اِجتَناها |
وَإِذا جَنَّ الدُجى ذكَّرَني | خَلواتٍ بِأَحاديثِ هَواها |
وَإِذا ما صاعِقاتٌ أَرعَدَت | خِلتُ سَخطاً هالَني بَعدَ رِضاها |
وَإِذا الأُفقُ اِكتَسى ثَوبَ الصَفا | خِلتُها لاحَت فَحَيّاني صَفاها |
هِيَ ذاتي عَن سِماتي اِنفَصَلَت فَإِنا | لَستُ أَنا بَعد نَواها |
وَوجودي في رُبوعي بَعدَها كَخَيالٍ | تَركتهُ في حِماها |
غَيَّرَ الدَهرُ صِفاتي لاعِباً | بِحَياتي بَعدَما طالَ هَناها |
مَزَّقَ البينُ كُبودي فاتِكاً | بِوُجودي آهِ لَو يَشفي ضَناها |
قَد زَوى غُصنُ شَبابي في الصِبا | يا لَهُ غُصناً زَوى عِندَ إِنزِواها |
صادَمتهُ عاصِفاتٌ لِلهَوى | أَوشَكَت تَقصفُهُ حينَ اِتَقاها |
يَومَ سارَت سارَ قَلبي ضائِعاً وَلَذا | للآن لَم أَعشَق سِواها |
فَإِنا الآن وَحيدٌ زاهِدٌ | اِنظُرُ الدُنيا بِعَينٍ لا تَراها |
قَد عَصيتُ الحُسنَ حَرّاً بَعدَما | كُنتُ عَبداً في جَوى الحُبِّ تَناهى |
فَأَخبَرا الغاداتِ إِني هارِبٌ | مِن سِهامِ العَين لا نالَت مُناها |
وَرَنين القَوس خَلفي صارِخٌ | قف قَليلاً قُلتُ لا لا قالَ ها ها |
يُطلِعُ الوَجهَ الَّذي مِن نورِهِ | تَطلَعُ الشَمسُ إِذا جَنَّ دُجاها |
إِنَّما شَمسُ غُرورٍ قاتِلٍ تَكمَنُ | الظُلمةُ في طَيِّ حَشاها |
وَجيناً كَتَبَ الحُسنُ بِهِ بِزَغَ | الفَجرُ بِأَنوارٍ جَلاها |
وِمِن الفَجر كَذوبٌ ماكِرٌ | يَخدَعُ المَرءَ إِذا قَلَّ اِنتِباها |
فَوقَهُ تاجُ شُعورٍ مُرسِلٌ | سللاتٍ تَربُطُ القَلبَ عُراها |
كَأَكاليلٍ زَهورٍ حَمَلَت | عَقرَباً يَلسَعُ مِن تاهَ وَتاها |
وَقِواماً قُلتُ غُصناً في تُقاً | يَتَلوّى تابِعاً أَثَرَ خُطاها |
إِنَّما غُصنٌ خَفيفٌ ناحِلٌ | تَلعَبُ الأَهواءُفيهِ كَهَواها |
وَعُيوناً خاطِفاتٍ لِلهُدى مُسكِراتٍ | إِنَّما الزيغ عَراها |
خِلتُها الحَولاءَ إِذ عاينتُها | تَنظُرُ الحُبَّ مَثنىً في حِماها |
كُلُ عَينٍ في الهَوى تَحلو لَها | كُلُّ عَينٍ آهِ ما أَحلى عَماها |