صار التغزل في هواه عتابا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
صار التغزُّل في هواه عتابا | فهواه يمزج بالنعيم عذابا |
ما ضرَّ مَن أخلصتُ في دين الهوى | لرضاه لو جعل الوفاءَ ثوابا |
نقض العهودَ وحلَّ عقدَ ضمانِهِ | من بعد ما عذب الوصالُ وطابا |
وأمنتُه فأتاح لي من مأمني | غدراً كذا مَن يأمن الأحبابا |
فإذا أردتُ عتابَه لجنايةٍ | جعل التقطُّبَ للعتاب جوابا |
خدَعُ الوساوسِ لم تزل لي حيلةً | حتى أمنتُ على الغزال كلابا |
إن السلوَّ لَرَاحةٌ وصيانة | للحرِّ لو أن السلوَّ أجابا |
ومن العجائب أن يُذيبَ مفاصلي | مَن لو جرى نَفسي عليه لذابا |
إلفٌ يعاقبني لأني محسن | أرأيتَ إحساناً يجرُّ عقابا |
جرَّبتُ أيماناً له فوجدتها | كذباً فصرتُ بصدقها مُرتابا |
فَدَع التصابي للشباب فإنه | وَصمٌ على ذي الشيب أن يتصابى |
وامدح رئيسَ بلاغةٍ وكتابةٍ | زانَ الولاةَ وشرَّف الكُتّابا |
يا أحمد بن عَليّ الباني العلا | والمُستعدُّ لكل خطبٍ نابا |
أملي إليك تطلَّعت أسبابُهُ | والجاه منك يولِّدُ الأسبابا |
وإليك أبواب الرجاء تفتَّحت | فافتح لهنَّ من العناية بابا |
وأثرِ رياحَ وسائلٍ لمؤمِّلٍ | فعسى يُثِرنَ من النجاح سحابا |
واقصِد بأذرعك الذريعة إنها | تكسوكَ من حُسن الثناء ثيابا |
واعلم يقيناً أنه لم ينتصب | لشفاعةٍ إلا الكريم نصابا |
هذا النبيُّ مُكرَّماً بشفاعة | للناس إذ لا يملكُون خطابا |
ولقوله صلّى عليه إلهُهُ | وكفى بما قال النبيُّ صوابا |
نعم عليكم ذي الحوائج عندكم | واللهُ أوجَبَ شكرَها إيجابا |
وإذا أحَبَّ اللّهُ عبداً منكم | أجرى على يدِهِ النجاحَ مثابا |
وكفى بآداب المبارك قدوةً | وهُدىً لمَن يتخيَّرُ الآدابا |
فافهم هديتَ وأنتَ غيرُ مفهَّمٍ | إن الصَّنائع يمتلكنَ رقابا |
وإذا الخلائق في الرقاب تفاضلت | كانت فضائلهم لها أنسابا |
واللَهُ عن علم أتاك مواهباً | إذ كنتَ تُحسِن تشكر الوهّابا |
فبسطتَ للحاجات نفساً رحبةً | لو قُسِّمت خِطَطاً لَكُنَّ رِحابا |
وخلائقاً لك عذبة لو أنها | ماءٌ لَجُرِّدَ للملوك شرابا |
وقريحةً نوريَّةً لو جُسِّمت | كانت لأقراط الذكاء شهابا |
ومواعداً لك ينبجسن ينابعاً | إذ وعد غيرِك يستحيل سرابا |
ومكارماً تابعتَهنَّ كأنما | تقرا بهنَّ على الأنام كتابا |
واللَه يعلم حيث يجعل فضلَه | وكفى بذلك للحسود جوابا |
هذا مقال من فعالك يحتذى | فاسمعه لا لغواً ولا كِذّابا |
يمتاز فعلُك بين أفعال الورى | تبراً ويترك ما سواه ترابا |
خُذها إليك أبا الحسين عروسةً | زَفَّت إليك علا النهود شبابا |
فإذا بدت من خدرها جُعلت لها | حركات أفهام الرجال نهابا |
فيظن سامعُها لحُسن نظامها | أن قد نثرتُ لسامعيه سِخابا |
ويظن منشدها لعذب كلامها | أن قد ترشَّف للحبيب رضابا |
لا زلتَ مبسوط اليدين بنعمةٍ | وبسطوةٍ كي تُرتجَى وتهابا |