أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ | فليس على العشاق في فعلهم عتبُ |
وعدتُك وعداً عاقني عنه عائق | وللناس أسباب لها يُقلَبُ القلبُ |
لقد فاتني كلُّ المنى حين فاتني | مشاهدُك الحسنى ومنطقُك العذبُ |
لئن كان لي خل عليك مقدَّماً | إذا ذُكِر الخلّانُ عنديَ والصحبُ |
لخالفتُ توحيدي وعفت أئمتي | وملتُ الى الجِبتِ المضلل والنصبِ |
ولولا التصابي كان في الحسن مذهبي | فلاحاً ولكن ليس يفلح من يصبو |
تحيَّرتُ في تركِ الحبيب وترككم | ففي تركه لهو وفي ترككم ذنبُ |
وقال فؤادي ليس يعذرك الإخا | على جفوةٍ إذ ليس يعذرك الحِبُّ |
ولما رأيتُ القلبَ سهَّل سخطكم | ليرضى الهوى أيقنتُ أن الهوى صعبُ |
ولمّا خشيت الموتَ كذبت وعدَكم | فقولوا أكان الموتُ خيراً أم الكذْبُ |
ولم تتغالب شهوةٌ ومُرُوَّةٌ | فيفترقا إلا وللشهوة الغلبُ |
ولم يثنني التقصير عنكم وإنما | ثنى عزمتي لما انثنى الغُصُنُ الرطبُ |
لقد ذُبتُ إذ أبدى إليَّ مضاحكاً | كما ذاب شيطانٌ تقض له شهبُ |
إذا زاد في التقبيل زدتُ تحشُّماً | فذاك نِهابٌ في الوصال وذا نَهبُ |
ويبذل لي بشراً وأُعطيه غيره | فبعض المنى عطبٌ وبعض المنى عصبُ |
ومال إلى سخف فملتُ ولم أكن | سخيفاً ولكن كلُّ شيءٍ له طبُّ |
فحلت عقود إذ تحلل محكه | ودارت رحى الكذّان إذ رُكِّب القطبُ |
وفزتُ بشيءٍ بين جدٍ ولعبةٍ | ويا رُبَّ جدٍ كان أوَّلَه اللّعْبُ |
فلو أنني كنتُ استشرتك لم تشر | عليَّ ببُعد الإلف إذ أمكن القربُ |
ولولا ارتقابي في رضاك لما اعتدت | بكشف أمورٍ كان في دوِّها حجبُ |
من العذل أخشى أنَّ من كان موجعاً | له العذلُ يوماً ليس يؤلمه الضَّربُ |
وقد يخلص الإخوان من بعد عثرة | كما تستهبُّ الخيل من بعد ما تكبو |
وأيّ جواد لم تكن منه هفوة | وأي حسام في الأحايين لا ينبو |
تراني يطيف الغدر عندي لصاحبٍ | له الكرم المأثور والخلق الرحب |
فإن قلت هل يُجفَى الصديق لأمرد | فلا عجب إذ كان يعصى به الربُّ |
فلا تُدْنِسَنْ أخلاقَك الغرَّ بالقلى | فحيث يكون الجور لا يحمد الخصبُ |
وما الأنس إلا حيث يستطلع الرضا | وما الرعي إلا حيث يستعذب العشبُ |
وما شاني الإخلاص في الود والهوى | وما الأكل من شاني هناك ولا الشربُ |
ولست أُحبُّ الفضل من غير وجهه | كما لا تُحَبُّ الشمس مطلعها الغربُ |
فدونك أمثالاً من الدرِّ نُظِّمت | سموطاً ولكن ما تخلَّلها ثقبُ |
ستذكر قولي عند كل طريفةٍ | بذكرك للداري اذا استطرف النعبُ |