أَأُعلِنُ ما بي أَم أُسِرُّ فَأَكتُمُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَأُعلِنُ ما بي أَم أُسِرُّ فَأَكتُمُ | وَكَيفَ وَفي وَجهي مِنَ الحُبِّ مَعلَمُ |
أَثيبوا بِوُدٍّ أَو أَثيبوا بِهَجرَةٍ | وَلا تَقتُلوني إِنَّ قَتلي مُحَرَّمُ |
طَفَوتُ عَلى بَحرِ الهَوى فَدَعَوتُكُم | دُعاءَ غَريقٍ ما لَهُ مُتَعَوَّمُ |
لِتَستَنقِذوني أَو تُغيثوا بِرَحمَةٍ | فَلَم تَستَجيبوا لي وَلَم تَتَرَحَّموا |
رَكِبتُ عَلى اِسمِ اللَهِ بَحرَ هَواكُمُ | فَيا رَبِّ سَلِّم أَنتَ أَنتَ المُسَلِّمُ |
تَعَلَّقتُكُم مِن قَبلِ أَن أَعرِفَ الهَوى | فَلا تَقتُلونَني إِنَّني مُتَعَلِّمُ |
تُخَبِّرُني الأَحلامُ أَنّي أَراكُمُ | فَوَيلي كَم مِنَ الأَباطِلِ أَحلُمُ |
حَجَجتُ مَعَ العُشّاقِ في حَجَّةِ الهَوى | وَإِنّي لَفي أَثوابِ حُبِّكِ مُحرِمُ |
يَقولونَ لي أَخفِ الهَوى لا تَبُح بِهِ | وَكَيفَ وَطَرفي بِالهَوى يَتَكَلَّمُ |
أَأَظلِمُ قَلبي لَيسَ قَلبي بِظالِمٍ | وَلَكِنَّ مَن أَهوى يَجورُ وَيَظلِمُ |
أَلا عَظَّمَت ما باحَ مِنّي مِنَ الهَوى | وَما في ضَميرِ القَلبِ أَدهى وَأَعظَمُ |
شَكَوتُ إِلَيها حُبَّها فَتَبَسَّمَت | وَلَم أَرَ شَمساً قَبلَها تَتَبَسَّمُ |
فَقُلتُ لَها جودي فَأَبدَت تَجَهُّماً | لِتَقتُلَني يا حُسنَها إِذ تَجَهَّمُ |
وَما أَنا في وَصلي لَها بِمُفَرِّطٍ | وَلَكِنَّني أَخشى الوُشاةَ فَأَصرِمُ |
يُعاوِنُها قَلبي عَلى جَهالَةٍ | وَأُوشِكُ يُبلي حُبُّها ثُمَّ يَندَمُ |
وَكُنتُ زَماناً أَجحَدُ الناسَ ذِكرَها | فَكَذَّبَني دَمعٌ مِنَ الوَجدِ يَسجُمُ |
فَأَصبَحتُ كَذّاباً لِكِتمانِيَ الهَوى | وَصارَ إِلى الإِعلانِ ما كُنتُ أَكتُمُ |
تَوَسَّطتُ بَحرَ الحُبِّ حينَ رَكِبتُهُ | فَغَرَّقَني آذِيُّهُ المُتَلَطِّمُ |
فَوَاللَهِ ما أَدري وَإِنّي لَهائِمٌ | أَأَرجِعُ خَلفي فيهِ أَم أَتَقَدَّمُ |
إِذا شِئتُما أَن تَسقِياني مُدامَةً | فَلا تَقتُلاها كُلُّ مَيتٍ مُحَرَّمُ |
خَلَطنا دَماً مِن كَومَةٍ بِدِمائِنا | فَأَظهَرَ في الأَلوانِ مِنّا الدَمَ الدَمُ |
وَيَقظى يَبيتُ القَومُ فيها بِسَكرَةٍ | بِصَهباءَ صَرعاها مِنَ السُكرِ نُوَّمُ |
فَأَغضَت وَلِلأَكواسِ في وَجهِ رَبِّها | لَهيبٌ كَلَونِ الوَردِ أَو هُوَ أَضرَمُ |
فَمَن لامَني في اللَهوِ أَو لامَ في النَدى | أَبا حَسَنٍ زَيدَ النَدى فَهوَ أَلوَمُ |
لَعَمري لَقَد بَذَّ الكِرامُ فَما لَهُ | نَظيرٌ إِذا عُدَّ الأَكارِمُ يُعلَمُ |
لَئِن أَحرَزَ العَلياءَ زَيدٌ فَقَبلَهُ | حَواها أَبو زَيدٍ أَخو الجودِ مُسلِمُ |
وَما الناسُ إِلّا اِثنانِ فيهِ فَراغِبٌ | إِلَيهِ وَمَجهودُ الصَنيعَةِ مُرغَمُ |
أَطَلَّت عَلى أَعدائِهِ وَعُفاتِهِ | مَخايِلُ وَدقٍ صَوبُها الماءُ وَالدَمُ |
فَتىً لا تَرى كَفّاهُ لِلمالِ حُرمَةً | إِذا لَم يَكُن في كُلِّ يَومٍ يُقَسَّمُ |
إِذا حَلَّ أَرضاً حَلَّها البائسُ وَالنَدى | فَأَيسَرَ ذو عِسرٍ وَعَزَّ مُهَضَّمُ |
وَلَم تَرَ قَوماً حارَبوهُ فَأَدرَكوا | نَجاةً وَلا قَوماً رَجَوهُ فَأَعدَموا |
وَما مَرَّ يَومٌ قَطُّ إِلّا جَرَت بِهِ | عَلى الناسِ مِن كَفَّيهِ بُؤسى وَأَنعُمُ |
أَثارَ حُروبَ المالِ بِالبَذلِ وَالنَدى | فَنيرانُها في كُلِّ يَومٍ تَضَرَّمُ |
جَبانٌ عَنِ الإِمساكِ غَيرُ تَخَلُّقِ | وَفي البَذلِ وَالإِعطاءِ لَيثٌ مُصَمِّمُ |
تُسَرُّ بِوَفدِ السائِلينَ كُنوزُهُ | لِيَحوِيَها مِنهُم بَخيلٌ مُلَوَّمُ |
وَمُثرٍ مِنَ المَعروفِ وَالبَأسِ وَالنَدى | عَديمٌ مِن السَوءاتِ وَالبُخلِ مُصرِمُ |
كَفى البُخَلاءَ السائِلينَ بِجودِهِ | وَقَصَّرَ عَنهُ الجائِدونَ فَأَحجَموا |
تَبَلَّجَ لِلإِشراقِ بيضاً وُجوهُها | إِذا ذَكَرَت زَيداً عُبَيدٌ وَأَرقَمُ |
بِهِ تُحرِزُ الغاياتُ بَكرٌ وَوائِلٌ | إِذا عُدَّ بَأسٌ أَو نَدىً أَو تَكَرُّمُ |
حَنيفَةُ قَومٌ لا تَزالُ أَكُفُّهُم | تُشيمُ العَطايا وَالمَنايا فَتَسجُمُ |
أَقامَ النَدى مِن وائِلٍ حينَ حُصِّلَت | عَلى رَهطِ زَيدٍ فَهوَ فيهِم مُخَيِّمُ |
وَما ظَلَموا لَكِن نُفوسُ عُداتِهِم | وَأَموالُهُم في الناسِ مِنهُم تَظَلَّمُ |
سَلِ الحَربَ عَن زَيدٍ إِذا هِيَ أُوقِدَت | وَدَبَّ لَها شِربٌ مِنَ المَوتِ مُفعَمُ |
وَصافَحَ حَدَّ البيضِ بَيضُ كُماتِها | وَكانَ عَناءَ الخَيلِ فيها التَحَمحُمُ |
وَذَمَّ كَمِيُّ وَاِستُفِزَّ مُبارِزٌ | وَأُرهِبَ مَرهوبٌ وَخاطَرَ مُقدِمُ |
يُخَبِّركَ عَن زَيدٍ بِحُسنِ بَلائِهِ | ظُباتُ سُيوفٍ وَالوَشيجُ المُقَوَّمُ |
وَقافِيَةٍ أَحيَيتُ في أَخَواتِها | وَفيها نُجومَ اللَيلِ وَالناسُ نُوَّمُ |
بَعَثتُ لَها قَلباً ذَكِيّاً وَفِطنَةً | وَقَولَ لِسانٍ صادِقٍ لَيسَ يُفحَمُ |
فَلَمّا أَتَتني مُستَقيماً قَريضُها | مُثَقَّفَةُ البُنيانِ وَالأُسُّ مُحكَمُ |
حَبَوتُ بِها زَيداً فَزَيَّنتُ ذِكرَهُ | كَما زَيَّنَ السِلكَ الجُمانُ المُنَظَّمُ |
إِذا القَرمُ زَيدٌ لَم يَقِفكَ عَلى النَدى | فَمُت فَالنَدى مِن غَيرِ زَيدٍ مُحَرَّمُ |
أَبا حَسَنٍ أَصبَحتُ ما لي وَسيلَةٌ | إِلَيكَ وَلا حَبلٌ سِوى الوِدِّ مُبرَمُ |
عَطاؤُكَ مَوفورٌ وَعُرفُكَ واسِعٌ | وَعِرضُكَ مَمنوعٌ وَمالُكَ مُسلَمُ |
وَفِعلُكَ مَحمودٌ وَمَجدُكَ شامِخٌ | وَجودُكَ مَوجودٌ وَبَحرُكَ خِضرِمُ |