وَساحِرَةِ العَينَينِ ما تُحسِنُ السِحرا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
وَساحِرَةِ العَينَينِ ما تُحسِنُ السِحرا | تُواصِلُني سِرّاً وَتَقطَعُني جَهرا |
أَبَت حَدَقُ الواشينَ أَن يَصفُوَ الهَوى | لَنا فَتَعاطَينا التَعَزِّيَ وَالصَبرا |
وَكُنّا أَليفَي لَذَّةٍ شَملَ صَفوَةٍ | حَليفَي صَفاءٍ مانَخافُ لَهُ غَدرا |
فَعُدنا كَغُصنَي أَيكَةٍ كُلَّما جَرَت | لَها الريحُ أَلقَت مِنهُما الوَرَقَ الخُضرا |
وَزائِرَةٍ رُعتُ الكَرى بِلِقائِها | وَعادَيتُ فيها كَوكَبَ الصُبحِ وَالفَجرا |
أَتَتني عَلى خَوفِ العُيونِ كَأَنَّها | خَذولٌ تُراعي النَبتَ مُشعَرَةً ذُعرا |
إِذا ما مَشَت خافَت تَميمَةَ حَليها | تُداري عَلى المَشي الخَلاخيلَ وَالعِطرا |
فَبِتُّ أُسِرُّ البَدرَ طَوراً حَديثَها | وَطَوراً أُناجي البَدرَ أَحسِبُها البَدرا |
إِلى أَن رَأَيتُ اللَيلَ مُنكَشِفَ الدُجى | يُوَدِّعُ في ظَلمائِهِ الأَنجُمَ الزُهرا |
خُذاها فَأَمّا أَنتَ فَاِشرَب وَهاتِها | لِأَسقيَها هَذا مُعَتَّقَةً بِكرا |
وَهاتِ اِسقِني مِن طَرفِها خَمرَ طَرفِها | فَإِنّي اِمرُؤٌ آلَيتُ لا أَشرَبُ الخَمرا |
أَرودُ بِعَيني مَنظَرَ اللَهوِ وَالصِبا | وَأَهوى ظِباءَ الإِنسِ وَالبَقَرِ العُفرا |
وَبِنتَ مَجوسيٍّ أَبوها حَليلُها | إِذا نُسِبَت لَم تَعدُ نِسبَتُها النَهرا |
تَجيشُ فَتُعدي جَوهَرَ الحَلي خِدرَها | وَتُغضي فَتُعدي نَكهَةَ العَنبَرِ الخِدرا |
أَخَصُّ النَدامى عِندَها وَأَحَبُّهُم | إِلَيها الَّذي لا يَعرِفُ الظُهرَ وَالعَصرا |
بَعَثتُ لَها خُطّابَها فَأَتوا بِها | وَسُقتُ لَها عَنهُم إِلى رَبِّها المَهرا |
وَما زالَ خَوفاً مِنهُمُ في جُحودِها | يُقَرِّبُهُم فِتراً وَيُبعِدُهُم شِبرا |
إِلى أَن تَلاقَوها بِخاتَمِ رَبِّها | مُخَدَّرَةً قَد عُتِقَت حِجَجاً عَشرا |
إِذا مَسَّها الساقي أَعارَت بَنانَهُ | جَلابيبَ كَالجادِيِّ مِن لَونِها صُفرا |
أَناخَ عَلَيها أَغبَرُ اللَونِ أَجوَفٌ | فَصارَت لَهُ قَلباً وَصارَ لَها صَدرا |
قُلوبُ النَدامى في يَدَيها رَهينَةٌ | يَصيدونَها قَهراً وَتَقتُلُهُم مَكرا |
أَبَت أَن يَنالَ الدُنُّ مَسَّ أَديمِها | فَحاكَ لَها الإِزبادُ مِن دونِها سِترا |
إِذا ما تَحَسّاها الحَليمُ أَخو النُهى | أَسَرَّ بِها كِبراً وَأَبدى بِها كِبرا |
وَدارَ بِها ظَبيٌ مِنَ الإِنسِ ناعِمٌ | تَرودُ عُيونُ الشَربِ جانِبَهُ شَزرا |
فَحَثَّ مِطِيَّ الراحِ حَتّى كَأَنَّما | قَفا أَثَرَ العَنقاءِ أَو سايَرَ الخِضرا |
إِذا ما أَدارَ الكَأسَ ثَنّى بِطَرفِهِ | فَعاطاهُمُ خَمراً وَعاطاهُمُ سِحرا |
إِلى أَن دَعا لِلسُكرِ داعٍ فَمُوِّتوا | وَكانَ مُديرُ الكَأسِ أَحسَنَهُم سُكرا |
أَدارَ عَلى الراحِ البَياتَ فَصَيَّرَت | وِساداً لَهُ مِنهُ التَرائِبَ وَالنَحرا |
ظَلِلنا نَشوفُ الجِلدَ بِالجِلدِ لا نَرى | لَهُ وَلَها في طيبِ مَجلِسِنا قَدرا |
سَلَكنا سَبيلاً لِلصِبا أَجنَبِيَّةً | ضَمِنّا لَها أَن نَعصِيَ اللَومَ وَالزَجرا |
بِرَكبٍ خِفافٍ مِن زُجاجٍ كَأَنَّها | ثُدِيُّ عَذارى لَم تَخَف مِن يَدٍ كَسرا |
عَلَينا مِنَ التَوقيرِ وَالحِلمِ عارِضٌ | إِذا نَحنُ شِئنا أَمطَرَ العَزفَ وَالزَمرا |