هاجَت وَساوِسَهُ بِرَومَةَ دورُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هاجَت وَساوِسَهُ بِرَومَةَ دورُ | دُثُرٌ عَفَونَ كَأَنَّهُنَّ سُطورُ |
أَهدى لَها الإِقفارَ حَتّى أَوحَشَت | مِن بَعدِ أُنسٍ زائِرٌ وَغَيورُ |
جَرَتِ الرِياحُ بِها وَغَيَّرَ رَسمَها | هَزِمُ الكُلا داني الرَبابِ مَطيرُ |
أَبكى نَعَم أَبكاهُ رَبعٌ بِاللِوى | تَسفى عَلَيهِ مَعَ العَجاجِ المُورُ |
خَلَتِ الدِيارُ وَكانَ يُعهَدُ أَهلُها | وَأَجَدَّ بِالأَحبابِ عَنها مَسيرُ |
تاللَهِ ما إِن كادَ يَقتُلُني الهَوى | لَولا رُسومٌ بِالعَقيقِ وَدورُ |
وَلَقَد تَكونُ بِها أَوانِسُ كَالدُمى | بيضُ التَرائِبِ ناعِماتٌ حورُ |
إِذ بِالحَوادِثِ طَرفَةٌ عَن أَهلِها | وَإِذا أَهلُها مُتَآلِفونَ حُضورُ |
حَتّى تَشَتَّتَ بِالجَميعِ وَخانَهُم | دَهرٌ بِخُلّانِ الصَفاءِ عَثورُ |
سَقياً لِأَيّامِ الهَوى إِذ عَيشُنا | غَضٌّ وَإِذ غُصنُ الشَبابِ نَضيرُ |
أَيّامَ لا يَنفَكُّ مُقتَنِصاً بِها | وَطرَ الصَبابَةِ زائِرٌ وَمَزورُ |
كَم قَد تَخَمَّطَتِ القُلوصُ بِيَ الدُجا | وَرِداؤُها وَرِدائِيَ الدَيجورُ |
في ضُمَّرٍ مِثلِ القِداحِ سَواهِمٍ | أَزرى بِها التَفليسُ وَالتَهجيرُ |
تُطوى لَهُنَّ بِصَبرِهِنَّ عَلى السُرى | وَبِسَيرِهِنَّ سَباسِبٌ وَوُعورُ |
حَتّى يَزُرنَ مُهَذَّباً مِن حِميَرٍ | بِالزائِرينَ فَناؤُهُ مَعمورُ |
مَلِكٌ إِذا اِستَعصَمتَ مِنهُ بِحَبلِهِ | خَضَعَت لَدَيكَ حَوادِثٌ وَدُهورُ |
مَلِكٌ يَميرُ السائِلينَ بِسَيبِهِ | وَبِسَيفِهِ سَبُعَ الفَلاةِ يَميرُ |
مَلِكٌ يُجِلُّ نَعَم إِذا ما قالَها | حَتّى يَجودَ وَمالَها تَغيِيرُ |
مَنَعَ العُيونَ فَما تَكادُ تُبينُهُ | مِن وَجهِهِ الإِجلالُ وَالتَوقيرُ |
حَمَلَ الصَنائِعَ عَن قَبائِلِ يَعرُبٍ | مَلِكٌ أَصابِعُها إِلَيهِ تُشيرُ |
مُستَكسِبٌ لِلحَمدِ يَومَ كُنوزِهِ | مُستَجهِلٌ في الحَربِ وَهوَ وَقورُ |
غادٍ عَلى كَسبِ المَحامِدِ رائِحٌ | في راحَتَيهِ مَنِيَّةٌ وَنُشورُ |
قَد كانَ شَملُ المالِ غَيرَ مُشَتَّتٍ | حيناً فَشَتَّتَ شَملَهُ مَنصورُ |
سَنّى يَزيدُ لَهُ البِناءَ فَشادَهُ | وَإِلَيهِ أَعناقُ المَكارِمِ صُورُ |
مُغرىً بِنُجحِ نَعَم وَلَيسَ يَكيدُهُ | عَن تَركِ لا المَيسورُ وَالمَعسورُ |
لا يَبلُغُ الدُنيا كَثيرَ عَطائِهِ | وَقَليلُهُ عِندَ الكَثيرِ كَثيرُ |
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي أَضحى لَهُ | غُرَرُ المَدائِحِ في البِلادِ تَسِيرُ |
أَشرَبتَ أَرواحَ العِدى وَقُلوبَها | خَوفاً فَأَنفُسُها إِلَيكَ تَطيرُ |
لَو حاكَمَتكَ وَطالَبَتكَ بِذَحلِها | شَهِدَت عَلَيكَ مَلاحِمٌ وَنُسورُ |
وَذَعَرتَ صَرفَ الدَهرِ حينَ ضَمِنتَهُ | فَالدَهرُ مِنكَ وَصَرفُهُ مَذعورُ |
يا اِبنَ التَبابِعَةِ المُلوكِ أُولي النُهى | ما مِثلُهُم في سالِفٍ مَذكورُ |
كَم مِن أَبٍ لَكَ ماجِدٍ مِن حِميَرٍ | جَزلِ النَّوالِ عَطاؤُهُ مَشكورُ |
يا مَن يُجيرُ مِنَ الزَمانِ وَصَرفِهِ | مَن ذا سِواكَ مِنَ الزَمانِ يُجيرُ |
نَفَحاتُ كَفِّكَ لَم تَزَل مَذكورَةً | تَشقى بِهِنَّ جَماجِمٌ وَبُدورُ |
كَم رائِحينَ إِلَيكَ آبوا بِالغِنى | وَغَدوا عَلَيكَ وَحَظُّهُم مَوفورُ |
قَومٌ هُمُ مَوتٌ إِذا ما حارَبوا | قَوماً وَإِمّا سالَموا فَبُحورُ |
جابوا البِلادَ وَأَهلُها خَوَلٌ لَهُم | مُستَسلِمينَ فَمُطلَقٌ وَأَسيرُ |
مَنَحوا العَدُوَّ مَعَ الصَوارِمِ وَالقَنى | جُمهورَ خَيلٍ خَلفَها جُمهورُ |
مِن كُلِّ نَهدٍ لا يَزالُ كَأَنَّهُ | يَومَ الهِياجِ عَمَلَّسٌ مَمطورُ |
حَتّى تَذَلَّلَتِ البِلادُ لِحَربِهِم | وَأُبيخَ مِن نارِ العَدُوِّ سَعيرُ |
كانوا المُلوكَ بَني المُلوكِ وِراثَةً | وَالمُلكُ فيهِم لا يَزالُ يَدورُ |
أَعطاهُمُ ذُلَّ المَقادَةِ قَيصَرٌ | وَجَبى إِلَيهِم خَرجَهُ سابورُ |