نامَ الخليُّ وما أُحسّ رُقادي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نامَ الخليُّ وما أُحسّ رُقادي | والهمُّ مُحتَضرٌ لَدَي وِبادي |
من غير ما سَقمٍ ولكن شفّني | همٌّ أراهُ قد أصابَ فؤادي |
وَمن الحوادث لا أبالك أنني | ضُربت عليَّ الأرضُ بالأسدادِ |
لا أهتدي فيها لِموضع تَلعَةٍ | بينَ العراق وبين أرض مُرادِ |
ولقد علمتُ سِوى الذي نبأتِنى | أنَّ السبيلَ سبيلُ ذي الأعوادِ |
إن المنيّةَ والحتُوفَ كلاهما | يُوفي المخارمَ يرقيان سوادي |
لن يَرضيا مني وفاءَ رَهينةٍ | من دُونِ نَفسي طارفي وتِلادى |
ماذا أُؤملُ بَعدَ آلِ مُحرِّقٍ | تَركوا مَنازِلَهُم وبعدَ أيادِ |
أهل الخَوَرنق والسدير وبَارقٍ | والقصر ذي الشُرُفاتِ من سندادِ |
أرضاً تخيّرها لدار أبيهم | كعبُ بنُ مامَة وابنُ أمِّ دُؤادِ |
جَرت الرياحُ على مكان ديارهم | فكأنما كانوا على ميعادِ |
ولَقد غَنوا فيها بأنعَم عيشةٍ | في ظلِّ مُلكٍ ثابت الأوتادِ |
نَزلوا بأنقرة يسيلُ عليهمُ | ماءُ الفراتِ يجيءُ من أطوادِ |
أين الذَين بنوا فطال بناؤهم | وتَمتّعوا بالأهل والأولادِ |
فإذا النعيمُ وكلُّ ما يُلهى به | يوماً يَصيرُ إِلى بِلى ونفَادِ |
في آل غَرف لو بَغيتَ لي الأسى | لوجدتَ فيهم أسوةَ العُدّادِ |
ما بَعد زَيد في فتاةٍ فُرّقوا | قتلاً ونفياً بعدَ حُسنِ تآدي |
فتخيَّروا الأرض الفضاءَ لِعزّهم | ويَزيدُ رافدُهم على الرُفادِ |
أما تَريني قد بَليتُ وغاضَني | ما نيل من بَصَري ومن أجلادي |
وعَصيتُ أَصحابَ الصَّبابةِ والصّبا | وأطعتُ عاذلتي ولانَ قِيادي |
وَلقد أروُح عَلى التّجار مُرَجِّلاً | مَذِلاً بِمالي لَيِّناً أَجيادي |
ولقد لَهوتُ وللشباب لذاذةٌ | بسُلافَةٍ مُزجَت بماءِ غَوادي |
من خَمر ذي نَطف أغَنَّ مُنطق | وافى بها لدراهِم الأسجادِ |
يَسعى بها ذو تُومتين مُشَمِّرٌ | قنَأَت أناملُهُ منَ الفُرصادِ |
والبيضُ تَمشي كالبدُورِ وكالدُّمى | ونواعمٌ يَمشينَ بِالأَرفادِ |
والبيضُ يَرمينَ القلوبَ كأنَّها | أُدحِيُّ بينَ صَريمةٍ وجَمَادِ |
يَنطقنَ مَعرُوفاً وهُنَّ نَواعِمٌ | بيضُ الوُجوهِ رقيقةُ الأكبادِ |
يَنطقنَ مخفوضَ الحديثِ تَهامُساً | فَبلَغنَ ما حاوَلنَ غَير تَنادي |
ولَقَد غَدوتُ لِعازبٍ مُتَناذِرٍ | أَحوَى المَذانبِ مُؤنَق الرّوادِ |
جادَت سَواريهِ وآزرَ نبتُهُ | نُفأً مِن الصَّفراءِ والزُّبادِ |
بالجو فالأموات حَول مغامرٍ | فبِضارج فقصيمَة الطُّرادِ |
بمُشَمرٍ عِند جَهيز شدُّهُ | قيد الأوابدِ والرهانِ جوادِ |
يشوي لنا الوحَدَ المُدلَّ بحُضرهِ | بشريج بين الشدِّ والإيرادِ |
ولَقد تلوتُ الظاعِنينَ بجسرةٍ | أجد مهاجرةِ السقَاب جَمادِ |
عَيرانةٍ سَدّ الربيعُ خصاصَها | ما يَستبين بها مَقيلُ قُرادِ |
فإذا وذلك لا مهاهَ لذِكرهِ | والدهرُ يُعقبُ صالِحاً بفسادِ |