حطت الرؤيا على عينيّ صقرا من لهيب |
إنها تنقضّ تجتثّ السواد |
تقطع الأعصاب تمتص القذى من كل |
جفن فالمغيب |
عاد منها توأما للصبح أنهار المداد |
ليس تطفي غلة الرؤيا صحارى من نحيب 0 |
من حجور تلفظ الأشلاء هل جاء المعاد |
أهو بعث أهو موت أهي نار أم رماد |
أيها الصقر الإلهي الغريب |
أيها المنقض من أولمب في صمت المساء |
رافعا روحي لأطباق السماء |
رافعا روحي غنيميدا جريحا |
صالبا عيني تموزا مسيحا |
أيها الصقر الإلهي ترفّق |
إن روحي تتمزق |
إنها عادت هشيما يوم أن أمسيت ريحا |
في غيمة الرؤيا |
يوم بلا ميعاد |
جنكيز هل يحيا |
جنكيز في بغداد |
عين بلا أجفان |
تمتد من روحي |
شدق بلا أسنان |
ينداح في الريح |
يعوي أنا الأنسان |
-2- |
يا جوادا راكضا يعدو على جسم الطريح |
ياجوادا ساحقا عينيّ بالصخر السنابك |
رابطا بالأربع الأرجل قلبي |
فإذا بالنبض نقر للدرابك |
و إذا بالنار دربي |
سحّت الرؤيا ضياء من لظاها |
صابغا ما تبصر العين القريح |
مازجا بالشيء ظلّه |
خالطا فيها يهوذا بالمسيح |
مدخلا في اليوم ليله |
بانيا في عروة المهد الضّريح |
الدماء |
الدماء |
الدماء |
وحّدت بالمجرمين الأبرياء |
نصبت في شدقيي الذئبة كرّسي القضاء |
ماذا جنى شعبي |
حلت به اللعنة |
من زاده المحنة |
رحماك يا ربي |
من مائة الديدان |
من لبسه الأكفان |
من طيره الغربان |
ينقرن في قلبي |
و اليوم في بيدري |
لم يبق من حبي |
شيء هنا حبتان |
فأمطري أمطري |
و إن يكن نيران |
و أثمري أثمري |
و إن يكن ثعبان |
-3- |
ما الذي يبدو على الأشجار حولي من ظلال |
منجل يجتثّ أعراق الدوالي |
قاطعا أعراق تموز الدفينة |
و على القنب أشلاء حزينة |
رأس طفل سابح في دمه |
نهد أم تنقر الديدان فيه في سكينة |
أي آه من دم في فمه |
ما الذي ينطف من حلمته من لحمه |
يا حبال القنب التفي كحيات السعير |
و اخنقي روحي و خلي الطفل و الأم الحزينة |
يا حبالا تسحب الموتى إلى قبر كبير |
جفنة قد هيّأوها للوليمة |
يا حبالا تسحب الأحياء من شيخ كبير |
من فتاة أو عجوز من ضلوع حطموها |
علقت فيها تميمة |
من صدور مزّقوها |
زرعوا فيها بذورا من رصاص من حديد |
ما الذي تثمر هاتيك البذور |
غير أحجار القبور |
غير تفاح الصديد |
-4- |
تموز هذا أتيس |
هذا و هذا الربيع |
يا خبزنا يا أتيس |
أنبت لنا الحب و أحي اليبيس |
إلتأم الحفل و جاء الجميع |
يقدّمون النذور |
يحيون كل الطقوس |
و يبذرون البذور |
سيقان كل الشجر |
ضارعة و النفوس |
عطشى تريد المطر |
شدوا على كل ساق |
يا رب تمثالك |
فلتسق كل العراق |
فلتسق فلاحيك عمالك |
شدوا على كل ساق |
أواه ما شدّوا |
أواه ما سمروا |
أغصان زيتوننا أثقلها الورد |
ورد الدم الأحمر |
شدوا على كل ساق |
يارب تمثالك |
فاسمع صلاة الرفاق |
و لترع فلاحيك عمالك |
تمثالك البعل |
تمثالك الطفل |
تمثالك العذراء |
تمثالك الجانون و الأبرياء |
تمثالك الأمّ الشمالية |
لأنها ليست شيوعية |
يقطع نهداها |
تسمل عيناها |
تصل صلبا فوق زيتونة |
تهزها الريح الجنوبية |
تمثالك الآلاف مجنونة |
من رعبها تمثالك الأحمر |
كأنه الشقيق إذ يزهر |
-5- |
عشتار على ساق الشجرة |
صلبوها دقوا مسمارا |
في بيت الميلاد -الرّحم |
عشتار بحفصة مستترة |
تدعى لتسوق الأمطارا |
تدعى لتساق إلى العدم |
عشتار العذراء الشقراء مسيل الدم |
صلّوا هذا طقس المطر |
صلّوا هذا عصر الحجر |
صلوا بل أصلوها نارا |
تموز تجسّد مسمارا |
من حفصة يخرج و الشجرة |
النهد الأعذر فاض ليطعم كل فم |
خبز الألم |
الأقة صاح القصّاب |
من هذا اللحم بفلسين |
إقطع من لحم النهدين |
اللحم لنا و الأثواب |
ستكون لمسح السكينة |
من آثار دم الأطفال |
من آثار دم المسكّينة |
فتلحي زنود العمال |
في قلبي دمدم زلزال |
فجنائن بابل تندثر |
في قلبي يصرخ أطفال |
في قلبي يختنق القمر |
الظلمة تعبس في قلبي |
و الجو رصاص |
و الريح تهب على شعبي |
و الريح رصاص |
أواه لقد هجم التتر |
فالصبح رصاص |
و الليل رصاص |
-6- |
الرؤيا تلمح كالقلع |
في بحر يزبد غضبانا |
طوراً للأغوار و أحيانا |
يعلو فنراه و في سمعي |
أصداء تصمت أو تعلو |
و بياني يغمض أو يجلو |
أي حشد من وجوه كالحات |
من أكفّ كالتراب |
نبتها الآجرّ و الفولاذ كالأرض اليباب |
أي حشد من ذئاب |
يطعمون الجو ريح المعمل |
أي نعش أي شكوى أي دمع من نساء ثاكلات |
أي جمع من عذارى نادبات |
أي موت مثكل |
يا لعشتاراتنا يبكين تموز القتيل |
ألعازر قام من النعش |
شخنوب العازر قد بعثا |
حيا يتقافز أو يمشي |
كم ظلّ هناك و كم مكثا |
أترى عاما أم عامين |
أم دامت ميتته ساعة |
شخنوب العامل من راعه |
فتنكر للدينارين |
و تواثب يركض مذعورا |
الموت الزائف خاتمة |
لحياة زائفة مثله |
و البعث الزائف عاقبة |
للموت الزائف من قبله |
-7- |
و لفني الظلام في المساء |
فامتصت الدماء |
صحراء نومي تنبت الزهر |
فإنما الدماء |
توائم المطر |