من رؤيا فوكاي
1- | |
هياي كونغاي كونغاي | |
ما زال ناقوس أبيك يقلق المساء | |
بأفجع الرثاء | |
هياي كونغاي كونغاي | |
فيفزع الصغار في الدروب | |
و تخفق القلوب | |
و تغلق الدّور ببكّين و شنغهاي | |
من رجع كونغاي كونغاي | |
فلتحرقي و طفلك الوليد | |
ليجمع الحديد بالحديد | |
و الفحم و النحاس بالنضار | |
و العالم القديم بالجديد | |
آلهة الحديد و النحاس و الدّمار | |
أبوك رائد المحيط نام في القرار | |
من مقلتيه لؤلؤ يبيعه التجار | |
و حظك الدموع و المحار | |
و عاصف عات من الرصاص و الحديد | |
و ذلك المجلجل المرن من بعيد | |
لمن لمن يدق كونغاي كونغاي | |
أهم بالرحيل غي غرناطة الغجر | |
فاحضرت الرياح و الغدير و القمر | |
أم سمر المسيح بالصليب فانتصر | |
و أنبتت دماؤه الورود في الصخر | |
أم أنها دماء كونغاي | |
و رغم أن العالم استسر و اندثر | |
ما زال طائر الحديد يذرع السماء | |
و في قرارة المحيط يعقد القرى | |
أهداب طفلك اليتيم حيث لا غناء | |
إلا صراخ البابيون زادك الثرى | |
فازحف على الأربع فالحضيض و العلاء | |
سيان جنكير و كنغاي | |
هابيل قابيل و بابل كشنغهاي | |
وليست الفضّة كالحديد | |
هياي كونغاي كونغاي | |
الصين حقل شاي | |
و سوق شنغهاي | |
يعجّ بالمزارعين قبل كل عيد | |
هياي كونغاي كونغاي | |
2ـ | |
تسديد الحساب | |
تلك الرواسي كم انحطّ النهار على | أقصى ذراها و كم مرّت بها الظلم |
فما فرحن بآلاف الشموس و لا | من ألف نجم تردى مسّها ألم |
صماء بكماء لم تأخذ و لا وهبت | و لا ترصدها موت و لا هرم |
لو أودع الله إياها أمانته | لنالهنّ على استيداعها ندم |
و لاقتسمن مع الأحياء ما دفعت | من جزية لا توفى حين تقتسم |
عن كل قهقهة من صرخة ثمن | و ما استجد دم إلا وضاع دم |
و ما تحمل آلام المخاض و لم | يقرب من النور إلا الفكر و الرحم |
و إن يكن أسعد الأحياء أكملها | فإنما هو أشقاهن لا جرم |
قابيل باق و ان صارت حجارته | سيفا و إن عاد نارا سيفه الخذم |
ورد هابيل ما قاضاه بارئه | عن خلقه ثم ردت باسمه الأمم |
و اليوم في حين وفى الدين غارمه | إلا بقايا و كادت تخلص الذّمم |
و كاد يرجع للدنيا بشاشتها | ما قربته الضحايا و هي تبتسم |
مشى على الأرض خلق عاش في دمه | من وحشها في المخاض الأول الضرم |
خلق تراءى ليحيى ساعة افترست | عينيه رؤيا لها من هؤلاء فم |
لو يقبض النور بالأيدي لسوره | دون الورى و لتعم العالم الظلم |
ريان عطشان لا يروى بلا فرح | جذلان باد عليه الجوع و البشم |
كأنه و هو ماض في غوايته | من نفسه اقتص فهو الماء و الحمم |
تفجر الضحك المسلوب من رئة | منخوبة بعد أخرى هدها السقم |
عن ضحكة أطلقوها فهي صاعقة | أصابهم و الورى من رجعها صمم |
و استترفوا متعة الأحياء ما دفعوا | عنها و لا غارما ما استنرفوا رحموا |
ثم استزادوا فإن لم يذهبوا دية | أو يقصروا عن طماح يرجح العدم |
3- | |
حقائق كالخيال | |
ماذا تريد العيون السود من رجل | قد حاش زهر الخطايا حين لاقاها |
زهرا على جسمي المحموم أقطفه | في باقة من جراح بتّ أصلاها |
هذا الربيع الذي تهدي شقائقه | ريح المنايا إلى قلبي بريّاها |
أزهار تموز ما أرعى أسلمه | في عتمة العالم السفلي أياها |
أم صل حواء بالتفاح كافأني | و هو الذي أمس بالتفاح أغواها |
ماذا تريد العيون السود ؟ إن لها | ما لست أنساه منها حين أنساها |
ما بالهن استعضن البوم أوعية | عن أوجه الغيد حتى ضاع معناها |
أين المناقير من لعس مراشفها | ربي ؟ و أين ابتسام كان يغشاها |
من هذه الخربة الظلماء محدقة | بي أعين البوم من أجداث موتاها |
قفراء من غير ثكلى شف مئزرها | عن وهج فانوسها الكابي و أخفاها |
تسعى كما اصطاد في ليل يراعته | طفل وطارت و قد ألوى جناحاها |
محنية تتقرى كل شاهدة | من كل قبر كما لو كان طفلاها |
في كل قبر يذوقان الردى دية | عمن يؤاوي و عن أحياء دنياها |
نادتهما فانبرى يزقو لصيحتها | من حيث رد الصدى بوم و ناداها |
أماه إنا هنا ريح بنا عصفت | لم ندر أين انهينا بعد لقياها |
و انشق من خلفها قبر ليبلعها | و احتازها و اشرأبت منه كفّاها |
يختص فانوسها التمتام بينهما | و الريح خرساء تعبى غير ها ها ها |
و يلم سازاك كيف اندك حائطه | حتى تعرى لي السهل الذي حجبا |
سهل يكن الصلال الرقط أجهضه | عاد من المحل حتى يفزع العطبا |
و انبحت التربة العجفاء من عطش | عن أشدق فاغرات تنبح السحبا |
و الشمس كالأطلس المسعور تنهشه | و الريح تصليه من تنورها لهبا |
الريح لا ليست الريح التي ركضت | بيضاء سوداء رقطاء القفا عجبا |
عنقاء في مسعر الجوزاء أعينها | و الصخر يرفض من أظلافها شهبا |
تلك الزرافات في السهل العقيم لها | مرعى روى من سراب ينبت السّغبا |
ما روعتها سوى ضوضاء خشخشة | في كف أبرص يعدو خلفها خببا |
تخفيه عنها ضمادات و يظهره | ما نز من قيحه الدامي و ما شخبا |
نادى و كفاه تختضان و احربا | فاستعبر العاصف المصدور واحربا |
ماء اسق يا ماء تلهاث مقاطعه | منزوعة من لسان يشبه الخشبا |
حتى استجاب السحاب الجون فانعقدت | في الجو حباته الغبراء فاحتجبا |
و انهل لا عن ندى صاف و لا مطر | بل عن دم من ثدي مزقت حلبا |
أو عن مشاش من الأحداق فقأها | سيخ لجنكيز دام ينفث اللهبا |
ماء اسق يا ماء و الغيث الرهيب كلى | مفرية سحت الآجال و الكربا |
لم يبق من مرتو أو ظامئ بفم | أو دون إلا و من ماء الردى شربا |
ويل لسازاك ماذا ينتوي بدمي | من نيّة فهو يستصفي و يمتار |
تلك الزجاجات أشلاء مجزأة | مني دمي مختز فيهن موار |
لم تثن سازاك عن شحذ لمديته | آهات مرضى و لا ألهاه زوار |
إني لدار بأني حين يشرعها | ران إليها فملدوغ فمنهار |
هل تبتغي شفرتاها غير آنية | فيها دمي راجف و الداء و العار |
ما كنت يوما و لا المرضى سوى عرض | في عين سازاك يجبى منه إيجار |
ست و عشرون أعداد على سرر | أما الأصحاء و المرضى فأصفار |
فالرقم عشرون لا يسقى سوى لبن | و الرقم عشر نعاه اليوم محرار |
و اليوم لم يبق ما أعطيه عن مرض | إلا دعائي و قولي نعمت الدار |
فليلق سازاك من يسمى ثمانية | غيري و يستوف أجر القبر حفار |