مرئية الآلهة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بلينا و ما تبلى النجوم الطوالع | و يبقى اليتامى بعدنا و المصانع |
وبقى كرب الجالب الكرب كالصدى | يغص المنادى بالردى وهو راجع |
كأن الأميبي توأم وهو توأم | لها فهو في منجى من الموت قابع |
و لكنه الفرد الذي يزحف الورى | إلى حيث ترمي مقلتيه المطامع |
أعنقاء من صحراء مجد تقحّمت | بها مغرب الشمس البعيد الزعازع |
أم انسل من أهرام فرعون هاجع | وقته انتقاص الدود منه المباضع |
و من ليس يحيا لن يرى و هو مالك | فلو كان يحيا ما عدته الفواجع |
و ما كان إلا اسما كرب ابن مثله | به يدمغ اثنان الورى و البضائع |
و لكنه اسم بالأسامي يغتذي | تهجاه زفار اللظى و المدافع |
تمنيت أني آله لا يصيبها | كلال و لا وقت بها مرّ ضائع |
لها من دماء الناس قوت و خلفها | من المال عن أن ينفذ القوت مانع |
و ما تخطىء الآلات من الجمع تارة | و في الطرح إن يخطىء من الناس جامع |
و لا عاقبتها عصبة من ورائها | علينا عقاب برئوا منه واقع |
ألا كم رفعنا من إله و كم هوى | إله و أضحى ثالث و هو رابع |
فما جاوزنا صورة منه خطها | على غفلة منا مجيع و جائع |
و ما كان معبودا سوى ما نخافة | و نرجوه أو ما خيلته الطبائع |
فتموز مثل اللات و الرعد ما رمى | بغير الذي تطوى عليه الأضالع |
و كم أله التمر التهامي معشر | لما ليس يحيا دونه الناس راكع |
فلما شكا بعد الأثافي قدرها | وضنت على الشدق الحفي المراضع |
كفى كل ثغر كان يدعوه جوعه | إله أحاطته المدى و الأصابع |
دمى هذه الخمر التي تشربونها | و لحمي هو الخبز الذي نال جائع |
و لما تشظى قلب نرسيس و أنثى | يلم الشظايا شار وبائع |
و غذّى بها القلب الذي حين ذاقها | نما فيه نابا كوسج فهو قاطع |
هوى كل عال من إله و سافل | إلى حيث ما م راحل ثم راجع |
و أفضى إلى العرس السديمي معدن | بما امتاح من أحدق ميدوز لا مع |
هو الشمس إلا أن في زمهريره | من الموت ظلا حجّبته البراقع |
جزى أمه الأرض التي من عروقها | ربا و اغتذى في جوفها و هو هاجع |
بشر الذي يجزى به شر من عذا | و أروى و يجزاه العدو المنازع |
فأدمى بنيها وارتعى من بناتها | حقولا ترجى فهي شوه بلاقع |
كقابيل يغتال الأشقاء راكل | كأوديب للخبز الإلهي صافع |
و هذا الإله الأملس الفظ ما جلا | لنرسيس يجثو عنده و هو خاشع |
سوى وجه نرسيس الرخامي شابه | شحوب يهوذي التلاوين ناقع |
و أوفى من الأرباب جيل يئمّه | على قمّة الأولمب ربّ مخادع |
ترى فحم إذ يلقاه يلقاه راجفا | و فولاذ من تلماح عينيه مائع |
و يا عهد كنّا كابن حلاّج واحدا | مع الله إن ضاع الورى فهو ضائع |
أكلّ الرّجال الجوف أن يملأوا به | خواء الحشا هذا الإله المضارع |
فعاد الفقير الروح من ليس كاسيا | به ظاهرا منّا فحل التنازع |