يا نهر لولا منحناك و ما يشابك من فروع |
لاقتافت البسمات في عيني تطفأ بالدموع |
** |
حجبت بالشأو البعيد تسد بابيه الظلال |
وجهاً تلاقي في محياه الوداعة و الجمال |
مرآتك السجواء منذ جلوتها تحت السماء |
ما لاح فيها مثل ذاك الوجه في ذاك الصفاء |
** |
إن أوقد الليل العميق نجومه في جانبيك |
لّماحة الأضواء تغمر بالأشعة ضفتيك |
** |
حدّثت عنه النجم ، والآهات يقطعن الخرير |
والنجم يشكو ، مثلما تشكو هواك إلى الأثير |
ناشدت ألحاظ الكواكب و هي تخترق الظلام |
ألا ينمن و إن تشهّين الكرى حتى تنام: |
** |
أنتن أسعد ما أظل الكون يا زهر النجوم |
أنتن أبصرتنّ ذاك الوجه في الليل البهيم! |
** |
حتى إذا ما رنح النجم الأخير سنا الصباح |
فانقضّ تحت القبة الزرقاء محترق الجناح |
** |
وانساب غي الوادي شتات الزارعين أو الرعاة |
فالجو تنبض في نسائمه الندية ألف آه |
أصبحت فوق المعبر المهجور أرقب منحناك |
فأبوح بالشكوى و تسكت عن شكاتي ضفتاك |
** |
يانهر جيكور الجميل ، ومنتهى شكواك نور |
لا الشمس مطفئة جواي ، ولا الكواكب والبدور |
** |
لا الصبح يوهن لاعجات الليل والوجد المثار |
في مقلتي ، ولايهيض الليل أحقاد النهار |
** |
الفتنة السمراء تسرقها مياهك بعد حين: |
الشعر و العينين و الثغر المفلج و الجبين |
** |
فإذا الهجيرة أطلقتها زرقة الأفق البعيد |
فالظلّ مقصوص الجناح يفرّ من عود لعود |
** |
والجوسق المستوحد ، المهجور ، في غاب النخيل |
تأوي إليه الغادة السمراء لاهبة الغليل |
** |
والدوحة اللفاء تحتبس البرودة في الظلال |
مهد لأطفال الحقول ، وملعب رحب المجال |
** |
سارت إليك بطيئة الخطوات ذابلة الشّفاة |
جاءتك ظمأى بالبنان الرخص تغترف المياه |
** |
كم عدت مخمور الفؤاد بموعد المدّ القريب |
جذلان أقتحم الظهيرة بالتطلع و الوثوب |
** |
التوت فوق الشاطئ الغربي و السّعف الصموت |
لا يجهلان تنهّداتي و هي بينهما تموت |
** |
و الغاب ساعتي الحبيبة من ظلال عقرباها |
كم أنبآني أن طرفي بعد حين قد يراها |
** |
و اليوم يسقي مدّك العاني أواخر كل جزر |
لا ذاك يجلوها و لا هذا بما أرجوه يجري |
* * |
و اليوم إن سكر الخرير و عاد يحتضن الجرارا ! |
لم ألق عذرائي فكيف الصّبر يا نهر العذارى ؟! |