الكمنجة المحطّة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
شاهدتها كالميّت في اكفانه | فوجئت إلاّ عبرة أذريها |
مهجورة كسفينة منبوذة | في الشّطّ غاب وراءه ماضيها |
نسجت عليها خيوطها | و كسى الغبار غلالة تكسوها |
أقوت و باتت كالمسامع بعدها | لا شيء يطربها و لا يشجيها |
و كأنّها ، في صمتها ، مشدوهة | أن لا ترى بهتافها مشدوها |
لاحسّ في أوتارها ، لا شوق في | أضلاعها ، لا حسن في باقيها |
فارزح بحزنك ، يا حزين ، فإنّها | لا تنشر الشّكوى و لا تطويها |
و إذا انفضى عهد التعلّل بالمنى | فالنّفس يشفقيها الذي يرديها |
*** | |
لله عهد مرّ لي ظلّها | أبكى عليه و تارة أبكيها |
كانت كأنّ ضاوعها موصوله | بأضالعي و سرائري في فيها |
كم مرّة حامت غرابيب الأسى | لتقيت من قلبي الجريح بنيها |
فإذا الأغاريد اللّطيفة دونها | سور يصون حشاشتي و يقيها |
كم هزّني الشّدو الرخيم فساقطت | نفسي همومما أوشكت تبليها |
فإذا أنا مثل البنفسجية التي | ذبلت فباكرها النّدى يحييها |
و لكم سمعت خفوق أجنحة المنى | و حفيفها في نغمة توحيها |
فسكرت حتّى ما أوعى سكر امريء | بالخمر أترع كأسه ساقيها |
ورأيتني من جنّة سحريّة | لا يرتوي من حسنها رائيها |
و لمحت أحلام الشّباب مواكبا | تتلاى أمامي و الهوى حاديها |
سرّ السعادة في الرّوءى إنّ الرءوى | لا كفّ تثبتها و لا تمحوها |
و لكم سمعت دبيب أشباح الأسى | عند المسا في أنّه تزجيها |
فذكرت ثمّ محاسنا الثرى | غابت و شوّهها البلى تشويها |
فإذا أنا كالسنديانه شوشت | أغصانه الريح التي تلويها |
أو كالسفينة في الضباب طريقها | ضلّت ، و غابت أنجم تهديدها |
شهد الدّجى و الفجر أنّي جازع | لسكونها جزع الغدير أخيها |
ما أن سمعت أنينه و نشيجه | إلاّ و يعرو النفس ما يعروها |
روّى الثرى ، يا ليت روحي في الثرى | أو في النبات لعلّة يرويها |
*** | |
يا صاحبيّ ، و في حنايا أضلعي | همّ يكظّ الروح بل يدميها |
إنّ التي نقلت حكايات الهوى | لم يبق غير حكاية ترويها |
كمدينة دكّ القضاء صروحها | دكّا و كفّن بالسكوت ذويها |
نعيت فريع الفجر و ارتعش الدّجى | ما كان أهونها على ناعيها |
لا تعجبا في الغاب من نوح الصّبا | و عويلها ، إنّ الصّبا ترثيها |
لو تسمعان نجّيها متمشّيا | كالسّحر في الأرواح يستهويها |
لعلتما أنّ القضاء اغتالها | كيلا تبوح بكلّ سرّ فيها |