متى يذكر الوطن النوم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جلست وقد هجع الغافلون | أنكر في أمسنا والغد |
وكيف استبدّ بنا الظالمون | وجاروا على الشيخ والأمرد |
فخلت اللواعج بين الجفون | وأنّ جهنم في مرقدي |
وضاق الفؤاد بما يكتم | فأرسلت العين مدرارها |
ذكرت الحروب وويلاتها | وما صنع السيف والمدفع |
وكيف تجور على ذاتها | شعوب لها الرتبة الأرفع |
وتخضب بالدم راياتها | وكانت تذمّ الذي تصنع |
فباتت بما تهدم | صروح العلوم وأسرارها |
نساء تجود بأولادها | على الموت، والموت لا يرحم |
وجند تجود بأكبادها | على الأرض ، والأرض لا تعلم |
وتغدو الطيور بأجسادها | فإن عطشت فالشراب الدم |
وفي كلّ منزلة مأتم | تشقّ بها الغد أزرارها |
لقد شبع الذئب والأجدل | وأقفرت الدور والأربع |
فكم يقتل الجحفل | ويفتك بالأروع الأروع |
ولن يرجع القتل من قتلوا | ولن يستعيد الذي ضيعوا |
فبئس الألى بالوغى علموا | وبئس الألى أجّجوا نارها |
أمن أجل أن يسلم الواحد | تطلّ الدماء وتفنى الألوف؟ |
ويزرع أولاده الولد | لتحصدهم شفرات السيوف؟ |
أمور يحار بها الناقد | وتدمي فؤاد اللبيب الحصيف |
فيا ليت شعري متى يفهم | معاني الحياة وأسرارها |
وحوّلت طرفي إلى المشرق | كما جتمعت حول نفسي الغموم |
فأسندت رأسي إلى مرفقي | وقلت ، وقد غلبتني الهموم |
بربك، أيتها الأنجم | متى تضع الحرب أوزارها؟ |
كما يقتل الطير في الجنة | ويقتنص الظبي في السبب |
كذلك يجنى على أمتي | بلا سبب وبلا موجب |
فحتام تؤخذ بالقوة | ويقتصّ منها ، ولم تذنب؟ |
وكم تستكين وتستسلم | وقد بلغ السيل زنارّها |
وسيقت إلى النّطع سوق الغنم | مغاورها ورجال الأدب |
وكل امرئ لم يمت بالخذم | فقد قتلوه بسيف السغب |
فما حرّك الضيم فيها الشمم | ولا رؤية الدم فيها الغضب |
تبدّلت الناس والأنجم | ولما تبدّل أطوارها |
أرى الليث يدفع عن غيضته | بأنيابه وبأظفاره |
ويجتمع النمل في قريته | إذا خشيء الغدر من جاره |
ويخشى الهزار على وكنته | فيدفع عنها بمنقاره |
فلا الكاسرات ولا الضيغم | ولا الشاة تمدح جزّارها |
عجبت من الضاحك اللاعب | وأهلوه بين القنا والسيوف |
يبيتون في وجل ناصب | فإن نصبوا ألجئوا للكهوف |
وممن يصفقّ للضارب | وأحبابه يجرعون الحتوف |
متى يذكر الوطن النّوم | كما تذكر الطير أوكارها؟ |