أيّهذا القتيلُ |
الذي نام في دمهِ شرفةُ الكونِ |
حقلاً .. |
وأغنية ركضت في المدى سوسنة |
. |
أيّهذا القتيلُ |
الذي ملأته العواصفُ |
واندفعتْ غربة الأرضِ في رئتيهِ |
فغادر من حزنه مئذنة |
. |
أيّهذا المحالْ |
لم تزل في الرؤى قدماكَ |
وبصمة شطأنكَ النزفُ |
بوصلة في اشتهاء الرياح ، ارتحالْ |
. |
أيّهذا المحالُ الذي |
في جبينه كينونة الكونِ |
مندلعٌ بالأغاني |
وفي دمه اللغة الكامنة |
. |
أيّهذا القتيلُ الذي |
كان يعبر فينا |
وهبتَ المسافة إيمانها |
وتركتَ خطانا تغادرها الأمكنة |
. |
ليس ممّا اعتراكَ الزمانُ |
ولا حدّ قامتكَ الكونُ |
يا سيد الروحِ |
والنطقِِ |
والنارِ |
يا سيد الأزمنة |
. |
فاستفقْ أيّهذا القتيلُ |
يحاصرنا اليتمُ |
تخنقنا الغضبة المزمنة |
. |
استفقْ |
فتحتكَ الخيول على الدهر أسئلةً |
شبَّ أخضرُها بالنيازكِ |
حطَّ على راحتيها التّكوُّن وانفجرتْ |
صرخة آسنة |
. |
أيّهذا القتيلُ |
أعطنا لحظة السرِ |
وامتدَّ كنه الوجودِ |
تخلّقْ بحزنكَ ناركَ أكثر |
من أن تكون سوى ممكنة |
*** |
تخلّقَ |
وانفتحتْ صحوة الريح بين أصابعهِ |
والجهات تلمُّ براحتهِ |
رغبةَ اللا مكان ، وعزلتَها الساكنة |
. |
ضربتْ في المدى روحه النهرَ |
وانتشرتْ |
كان يخرج من صدر هذا الزمانِ |
يسيلُ |
يسيلُ |
فهزّي إليكِ بفجر ولادته الكائنة |
. |
خذيهِ |
على يده كربلاء |
تغطّي ملامحه صهوةُ الغارِ |
في فمه عبوةٌ |
كفرتْ بالرؤى الداكنة |
. |
وهذا الصهيلُ |
خذيه ستولد من دمه المستحيلْ |
عواصم أمته الخائنة |
. |
سيولد عمّار، سلمان، كل العواصفِ |
كل الأعاصيرِ |
تولد من دمه قسمات النخيل |
. |
خذيهِ |
ومرّي به واطرقي باب كل الجراحِ |
طريقكِ خمسون حلماً |
فشدّي المسافة نحو الرحيل |
*** |
فلمّا أتتْ بهما قومها |
كفروا بالرؤى واستخفّوا بخطوتهِ |
قال إني .. |
وفي النزف متسَّع فاسرجوهُ |
سألقي عليكم حضارته الساخنة |
. |
فاستفاق على وقع أحلامهِ ذئبهم |
واستفزّته بين يديها المواويلُ |
كانتْ .. |
ويعرفها جيداً " آمنة " |
. |
كانتْ .. |
ويعرفها حين قال لها : |
إيهِ ما كان نخلكِ |
ما كان فوق يديكِ سماء |
. |
فكيف تردّي الوصايا |
وتأتين بابنتكِ الثامنة |
كربلاء |
. |
أشارتْ إليهِ .. |
أشارتْ إلى النخل في رئتيهِ |
فقالَ : |
أنا البحر إني الكتاب النبيُ |
ولكنهم صدّقوه بقتل أخيهِ |
على جسد البيّنة |
فكان الصليب يسير إلى دمهِ |
والخيولُ. |
لذا كان في عينهِ البحرُ |
كل النوارس في صدرهِ والحقولُ. |
لذا لم يكن يسعُ الزمنُ الصفرُ |
أغنيةً ركضت في المدى سوسنة |
. |
أيّهذا القتيلُ |
يعود إلى يتمه النخلُ |
تدخل في حزنكَ المئذنة |
*** |
صلاةٌ على قيح أضلاعها |
تزهر الشمسُ |
يمتدّ حقل الضياء |
تحطُّ على ركبتيهِ |
ومن نزق الكبرياء |
. |
تحطّ المرافئ متعبة في يديهِ |
ويتركها تستحمُّ بوديانهِ صبيةً فاتنة |
. |
يجيء يدثّره الليلُ |
يحمل أغنيةً .. |
يوقظ الفجر |
يتبعه للحقول دمُ الأنبياء |
. |
ويفتح نافذةً |
تولد الشمس منها |
وأشرعة النخل تعبر نحو السماء |
. |
وكان صبيٌّ هناكَ |
يقول لنخلتهِ |
إنه قد رأى سيداً وعلى ظهرهِ |
لستُ أدري |
قريبٌ من الجذع شيءٌ |
وفي نايهِ لمسات الدماء |
. |
وكان شبيهاً بجدي .. |
وكانْ |
إذا ما مشى |
يستفيق ويتبعهُ بالصلاة المكانْ |
. |
فلا تسأليني |
رأيتُ المواويل في فمهِ.. |
صبيةً يلعبونَ |
وكان يعيد لقلبي الكمانْ |
. |
وكان صديقاً |
قريباً من النخل يتبعه السنديانْ |
ويمشي حقولاً على الماء يمشي غناء |
. |
وكان صبيٌّ هناكَ يقولُ .. |
بأن الفصول التي عبرتْ دمه خائنةْ |
. |
والسيولْ |
وصمت القبيلة خائنةٌ خائنة |
. |
وكان يقولْ .. |
أيّهذا القتيلُ |
الذي نام في دمه شرفةُ الكونِ، |
حقلاً |
وأغنيةً ركضتْ في المدى سوسنة |
. |
أيّهذا القتيلُ |
وهبتَ المسافة إيمانها |
وتركتَ خطانا تغادرها الأمكنة |
. |
*** |
فأي رحيلٍ سيرحم للشام |
هودج أشلائكمْ |
وأي المنافي |
ستحملكم للمنافي التي سوف تسكنكمْ |
وأي قتيلٍ سيعرفكم بعد |
هذا الدخول المصير |
. |
وطن أم حقيقة.. |
يُصفّي مواويلهُ |
ثم يترك نصف اشتعالٍ على وجهكمْ |
ويسير |
. |
تداخل في بعضنا السيفُ |
وانطفأت لغة الحب عند دمي |
فاستفاق حديقةْ |
. |
فكيف تعودوا إلى حلمكمْ |
وطناً فوق رمحٍ ينامُ؟! |
هبوبَ أغانٍ مؤجلةً للفرار الأسير؟! |
. |
أيّهذا القتيلُ |
الشوارع في مُدُن الدم ليست صديقةْ |
وهذا النهار الشروق الأخير |
. |
تدجّجني |
عندما تستفيق يدي فوق جرحي |
الرصاصةُ حين تقولُ : |
أيا ولدي |
إن حلماً وراء النزيف يطولُ |
فخُذ نفساً |
الخَيار بأنْ للعدوّ جناحكَ يا ولدي لا تدير |
. |
الخَيار اليتيمُ |
تلمّسْ فؤادكَ واستنهضْ الريحَ |
من جسد النارِ |
إما تعود وتسبقكَ الطرقاتُ |
و إما ترفُّ على جسدي وتطير |
أيا ولدي. |