حيرة النفس
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
شجاها من عهودك ما شجاها | وجنّ الليل فأدركت أساها |
هفت لشبابها و صبت إليه | ورقّ لها النصيح فما لحاها |
و هيهات الشباب و أين منه | منى للنّفس تعثر في وجاها |
كبا و ركائب الأعوام فيه | من العشرين لم تنقل خطاها |
أيخذلني الشباب ضنى و سقما | أفول الشمس تغرب في ضحاها |
و ما عذر الشباب كبرت فيه | و لي نفس فتيّات مناها |
سقاها من سلافته كؤوسا | و حنّت للمزيد فما سقاها |
يراخي بالعنان لها وريدا | فإن وثبت لغايتها ثناها |
و تدعوها الفتون و هنّ سحر | فتطرق لا تلبّي من دعاها |
تريد و لا يرد و كلّ نفس | يجاريها الشباب على هواها |
يريها للمنى صورا ملاحا | فما همّت بها إلاّ أباها |
فبا ظلّ الشباب أتتك غرثى | فكان أذى القطيعة من قراها |
أطلّت هوانها فاذهب حبيبا | رعته على المغيب و ما رعاها |
و ضمّ إليك عقدك و هو درّ | لأزين من سوارك معصماها |
معذّبة إذا لمحت جمالا | هفت و جدا و عاودها ضناها |
و تنشد حبّها الأسمى و تأوي | إذا عيي السهاد إلى كراها |
فتلمح في الرؤى حسنا طريفا | و جلّ الحسن تخلقه روءاها |
تبّنته فجاء يهزّ عطفا | ببردتها و يخطر في حلاها |
و كدت و سحره سحر خفيّ | أرى فيه المحبّب من صباها |
*** | |
هداها الله من حيرى أضاعت | لبانتها و بارك من هداها |
نسائل عن أخيها من تلاقي | و كلّ أخيّة وجدت أخاها |
و أحسب أنّه أغفى كلالا | و مرّت في الظلام فما رآها |
أأخت الدّوح حسبك لا تغنّي | فأخت السّرب قد فقدت طلاها |
*** | |
و يا نفسي عبدتك عن يقين | و حسبي قد عبدت بك الإلها |
أحبّ الحسن في الحدق الرّواني | و في ثغر الفتاة و في لماها |
و في عطف يثير هوى ملحّا | إذا رفّت عليه ذوءابتاها |
و في نهدي منعّمة لعوب | و في ماء الخدود و في لظاها |
و في ضحك الطفولة و هو سحر | و في مرح الصّغار و في دماها |
أعانق قامة فيه و غصنا | و ألثم فيه سالفة وفاها |
برئت إلى الحقيقة من غواة | تفرّ من الصباح إلى دجاها |
تريد رضاك تقييدا و أسرا | و أين رضاك ربّي من رضاها |
و أنكر قدرة الخلاّق روح | رأى صور الجمال و ما اشتهاها |
لمن جليت بزينتها عروسا | و فيم أحبّها و لمن براها |
*** | |
عبدتك في الجمال و لا أبالي | ضلال النفس ذلك أم هداها |
ففي نفسي جحيمك من سيصلى | بها لشقائه و من اصطلاها |
و في نفسي السماء و فرقداها | و من سمك السماء و من رقاها |
و هل من أنّة خفيت و دقّت | أسى إلاّ و في نفسي صداها |
فيا لك من عمى و سلمت عينا | لو اختارت لما تركت عماها |
و يا لك حيرة عرضت لموسى | فضلّ سبيل غايتها و تاها |
أراد جلاءها نفر كريم | فجلّلها الغموض و ما جلاها |
فتحت سريرتي صفحات نور | و قد خبر الصحيفة من تلاها |
و زحزحت الحجاب عن الخفايا | و قلنا شقوة بلغت مداها |