خلع الحياة على البلى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا الأمس يسلبك الخلود و لا الغد | هيهات أنت على الزمان مخلّد |
تتجدّد الدّنيا و قلبك وحده | دنيا تعيد شبابها و تجدّد |
لك من خيالك عالم متناسق | بهج تعاود خلقه و تدوّد |
أمّا البسيطة فهي فيه خميلة | ولع الرّبيع بها و رحت تغرّد |
و سكبت في الأنغام قلبك دمعة | لا كالدّموع و رحمة تتنهّد |
خلع الحياة على البلى فكأنّه | للبعث من قبل الأوان يمهّد |
قيس و ليلى بعد طول كراهمت | ثغر يرفّ ووجنو تتورّد |
بعثا كعهدهما القديم فمن رأى | تلك العيون يرفّ فيها الإثمد |
في كلّ قلفية حياة تجتلى | و منى تضوع و زفرة تتردّد |
صور الجزيرة ما جلوت من العلى | و الحسن لا ما أوّلته الحسّد |
الحبّ و الخيم المنيفة و القرى | و لبانة عند الغدير و موعد |
و سكينة الصحراء إلاّ هازجا | مرحا يعيد حداءه و يردّد |
*** | |
يا شاعر الدّنيا لقد أسكرتها | ماذا تغنّيها و ماذا تنشد |
خفّت بزينتها إليك مشوقة | سكرى تعبّ كؤوسها و تعربد |
و جلت على الشعراء قبلك حسنها | لكن أراك شهدت ما لم يشهدوا |
الزاهدين بها ولو كشفت لهم | سرّ الحياة المجتلى لم يزهدوا |
نظروا إلى خير الوجود و حسنه | شزرا كما نظر الضياء الأرمد |
أطريت فتنتها فدع في غيّه | من راح يعذل حسنها و يفنّد |
العبقريّة شعلة من نارها | حمراء ناضرة اللّظى تتوقّد |
و الشّعر و النّغم الشجيّ و رحمة | تسع الوجود و نقمة تتوعّد |
*** | |
يا فتنة الدنيا يذمّك معشر | و الحقّ كلّ الحقّ في أن يحمدوا |
ألهب نبوغك في الحياة و حبّها | و أنا الضمين بأنّه لا يخمد |
الكنز بين يديك فانثر درّه | إنّي أراه يزيد حين يبدّد |
ظلم الجمال أبا عليّ من رأى | أنّ الجمال غواية تتودّد |
و سموت في صور النعيم تعدّها | من نعمة الله التي لا تجحد |
الحقّ و الإبداع من نفحاتها | و الهير من أسمائها و السؤدد |
حبّ الجمال عبادة مقبولة | و الله يلمح في الجمال و يعبد |
*** | |
يا شاعر الدّنيا نديّك حافل | و الجمع مصغ و المواكب حشّد |
ينتظرون السّحر من جبّاره | هيهات دون السّحر باب موصد |
يشكى إليك و أنت رهن منيّة | و تزار في عنت الخطوب و تقصد |
و لقد يرجّى السيف و هو ملثّم | و لقد يهاب اللّيث و هو مصفّد |
فاذهب كما ذهب الرّبيع على الرّبى | منه يد و على القلوب له يد |
و لك الإمارة في البيان يقرّها | أمس الزّمان و لا يضيق بها الغد |
*** |