أرشيف الشعر العربي

غربة الرّوح

غربة الرّوح

مدة قراءة القصيدة : 8 دقائق .
أترعي الكأس أدمعا و رحيقا حقّ بعض الهموم أن لا نفيقا
سلم الجمر لي و عاش بقلبي أريحيّ اللّهيب عذبا أنيقا
يا شامي يا قبلة الله للدنيا و يا راحها المصفّى العتيقا
أترع الكأس من هواك لتروى كبدي من هواك لا لتذوقا
مزّقيها تغمرك طيبا و نورا لا تملّي الطيوب و التمزيقا
لملم الفجر ذكرياتي دما سكبا و مجدا غمرا و عهدا و ثيقا
لملم الفجر ذكرياتي فما لملم إلاّ أقاحيا و شقيقا
كبريائي فوق النجوم و لولاها لما كنت بالنجوم خليقا
جلّ شعري – أقيه الرّوح من كلّ هوان – و الشعر كالعرض يوقى
ما شكوت العدو كبرا و لكنّي شكوت المبرّأ الموثوقا
و أخا لي سقيته الودّ صرفا فسقاني من ودّه الممذوقا
طبعي الحبّ و الحنان فما أعرف للمجد غير حبّي طريقا
و كنوزي – و ليس تحرسها الجنّ تنادي المحروم و المرزوقا
لم يضق بالعدوّ حلمي و غفراني و أفدي بمقلتي الصديقا
لا أريد الإنسان إلاّ رحيما باختلاف الهوى و إلاّ شفيقا

***

لي قبور كنزت فيها شبابي و صبوحي على المنى و الغبوقا
يا قبور اللدات : كل شقيق حاضن في الثرى أخاه الشقيقا
وسعت هذه القبور فؤادي كيف تشكو – و هي في السماوات – ضيقا
كيف لا تنبت الرّياحين و الشوق و قلبي على ثراها أريقا
مقلتي يستحمّ في دمعها الطيف و تحنو فلا يموت غريقا
ينزل الجرح من فؤادي على الحبّ و يلقى التدليل و التشويقا

***

شامة الفتح نام ( فارسك) النجد و حقّ الوفاء أن يستفيقا
سبقته أحبابه للمنايا فرحمت المجلّى المسبوقا
و نعم عدت ( للعقيق ) و لكن فارق الأهل و اللدات (العقيقا )
أنا كالطّير ألف صحراء لفّته مهيض الجناح شلوا مزيقا
مات أيكي و مات وردي فلا تعجيل أعنى به و لا تعويقا
غربتي قد سئمت غربة روحي و مللت التّغريب و التّشريقا
غربتي غربتي على النّأي و القرب أراني إلى دجاها مسوقا
حدت عنها غربا و شرقا و طوّفت فما اجتزت سهمها المرشقا

***

(فارس) المجد لم تزغرد عذارى المجد إلاّ انتخى و كان و السّبوقا
و له الطّرفة المليحة تغني عن نقاش و تسكت المنطيقا
و بيان تخاله الوشي و الأطيا ب شتّى و اللؤلؤ النسوقا
فيه عمق البحار تزخر بالدرّ و فيه متارف الموسيقا
و ضمير يكاد يسرف في الحسّ فيجزي حتّى الخفيّ الدّقيقا
عالم يسكب العذوبة في العلم فتستاف عنبرا مسحوقا
يا لنسر تقحّم الشمس حتّى ملّ عزّ الشموس و النحليقا
حقّ عبئين من سنين و مجد أن يكفّا من شأوه و يعوقا
يهرم النسر فالطريق عثار ذكريات الصبا زحمن الطريقا
عبّ منها النسر الحبيس فردّته لدنيا الشموس حرّا طليقا
غمرت قلبه حنينا و أشواقا و يمناه لؤلؤا و عقيقا
عالم الذكريات نمنمه الخالق حتّى يدلّل المخلوقا
هو من أريحيّة الله ماشئنا رحيقا صفوا و مسكا فتيتا

***

حال بيني و بين لقياك دهر سامني عبئه فكنت المطيقا
أنزلتني على فروق رزاياه فحيّا عطر السماء (فروقا)
ضاق لبنان بي و كان رحيبا و تنزّى حقدا و كان رفيقا
ما للبنان رحت أسقيه حبّي و سقاني مرارة و عقوقا
أنا أغليته بلؤلؤ أشعاري و طوّقت جيده تطويقا
و زرعت النّجوم في ليل لبنان فرفّ الدّجى نديّا و ريقا
دلهتني (سمراء لبنان ) أطيابا و قدّا مهفهفا ممشوقا
و جمالا غالى بزينته الله و ثنّى و ثلّث التدقيقا
و عفافا ذاد الشفاه و خلىّ للعيون السّلاف و التّحديقا
جنّ قلب الدّجى بأهدابها الوطف فأغنى جفنا و كحلّ موقا

***

قد أرادوا لبنان سفحا ذليلا و أردناه شامخا مرموقا
و حمدت الجلىّ بلبنان لمّا كشفت لي اليقين و التلفيقا
إن عتبنا على الكنانة إدلالا فقد يعتب الصّديق الصّديقا
و هبتنا فرعونها و وهبناها على العسر يوسف الصدّيقا
كيف يشري العبيد كافور بالمال و كافور كان عبدا رقيقا
أرز لبنان لن يكون لكافور متاعا و للأرقّاء سوقا

***

يا قبور في الشام ربّ قبور أنزلتها النوى مكانا سحيقا
موحشات : إلاّ عزيفا من الجـ ـنّ يرجّ الدّجى و إلاّ نعيقا
هائمات كالنور طارت صبابا تي إليها فما استطعن اللحوقا
غرّبتنا العلى قبورا و أحياء و عاثت بشملنا تفريقا
و اغتراب القبور من حيل المـ ـوت ليخفى كنوزه و العلوقا
تسمع الرّيح حين تصغي حنينا من فؤادي على الثرى و شهيقا
ما لقومي غال الحمام فريقا منهم و العقوق غال فريقا
ظلم الكنز أهله فتمنّى أن يكون المبدّد المسروقا
فارقوني معطّرين من الفتح و خلّوا لي الأسى و الشهيقا
أظمأتني وجوههم حين غابت فأردت الذكرى سلافا و ريقا
عهدها بالخلوق عهد قديم ألفت غرّة المجلّى الخلوقا

***

يا لدات الفتوح ، نسقي منايانا و يسقينا الهوى ترنيقا
بيننا صحبة الاّباء و عزّ أمويّ يطاول العيّوقا
و كفاح كعصف ضجّ في الدّنيا رعودا هدّارة و بروقا
و المروءات كالغرائر في الرّيف ملاح لا تعرف التزويقا
و عقود من السنين نظمناها سجونا و كبرياء و ضيقا
نحن كنّا الزلزال نعصف بالشرق نرجّ الشعوب حتّى تفيقا
فابتدعنا من ألرؤى واقع الحقّ و من غمرة الظلام البريقا
نقحم الغامض الأشمّ من المجد و نأبى الممهّد المطروقا
نحن عطر السجون عطر المنايا نحمل الجرح مطمئنا عميقا
نحن كالشمس جرحها وهّج الدّنيا غروبا منوّرا و شروقا
نحن و الشام و الفتوحات و الأحزان دنيا تزيّنت لتروقا
ما درى الشرق قبلنا سكرة الحقّ و لا خمرها و لا الراووقا
نحن عشق للغوطتين براه الله حتّى يؤلّه المعشوقا
نحن في الكأس نغمة ، نحن في النـ ـغمة صهباء : صفّقت تصفيقا
خمرة النّور خمرة الثأر و الإيمان طابت بردا و طابت حريقا
يعرف الحقّ قيمة الجوهر الفرد و يغلى جديده و العتيقا
يعذر الحرّ حين لا يخطئ العزم و إن كان اخطأ التوفيقا
يا رئيسي من أربعين زحمناها إباء مرّا و بأسا حنيقا
أنت نشّأتني على الصبر و العزّ كما تلاهف الحسام الذليقا
مننتدى الشام و الوزارة ضماّنا عريقا يفي هواه عريقا
و هموم كأنّهن الأمانيّ جمـ ـالا و نشوة و سموقا
مترفات ترعرعت في فؤادينا و طابت شمائلا و عروقا
يرد الخطب منك قلبا سريّا و بيانا عفّا و وجها طليقا
من يعلّ النديّ بعدك بالشهـ ـد المصفّى و من يسدّ الفتوقا
هدرت بالنديّ خطبتك الشمّاء و الريق لا يبلّ الحلوقا
أنكرتك الحياة بالشيب و السقـ ـم فهيّء للفارك التطليقا
حمل الموت من لداتك شوقا يستحثّ الخطى و عتبا رقيقا
و كتابا من الهوى نمّوقه فأجادوا البيان و التنميقا
و طيوفا تبرّجت لكرى جفنيك حتّى يرضى و حتّى تليقا

***

غيّب القبر منك شمّاء مجد وعرة تزحم النجوم سحوقا
يتلقّاك (هاشم) في ربى عدن و يستقبل المشوق المشوقا
حيّ عنّي سعدا و قبّل محيّا كالضحى باهر السنى مرموقا
و أبا أسعد سقته دموعي و سليمان ( و النّديم ) الصّدوقا
و اسق (قدري) و (عادلا) و (جميلا) من حنيني طيب الهوى و الرّحيقا
و اشك حزني (لمظهر) و (نجيب) راع دهر أخاكما فأفيقا
لي حقوق على القبور الغوالي و يوفّى قبر الكريم الحقوقا

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (بدوي الجبل) .

الدمية المحطّمة

يا وحشة الثأر !

لا تذكري الماضي

حياة أسير القيد لفظ بلا معنى

يا قمر


فهرس موضوعات القرآن