يا وحشة الثأر !
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
شاد على الأيك غنّانا فأشجانا | تبارك الشعر أطيابا و ألحانا |
ترنّح البان و اخضّلت شمائله | فهل سقى الشعر من صهبائه البانا |
هل كنت أملك لولا عطر نعمته | قلبا على الوهج القدسيّ نديانا |
أيطمع الشعر بالإحسان يغمره | و الشعر يغمر الدّنيا الله إحسانا |
لو شاء عطّر هذا اللّيل غالية | و نضّر الرمل أشواقا و ريحانا |
لو شاء نمنم هذا النجم قافية | و نغّم الفجر أحلاما و أوزانا |
لو شاء أنزل بدر التمّ فاحتقلت | به الندامى سرجا في زوايانا |
و لو سقى الشمس من أحزانه نديت | على هجير الضّحى حبّا و تحنانا |
تضيع في نفسي الجلّى و قد نزلت | من كبريائي آفاقا و أكوانا |
و ما رضيت بغير الله معتصما | و لا رأيت لغير الله سلطانا |
و لا عكفت بقرباني على صنم | أكرمت شعري لنور الله قربانا |
تبرّجت للشذى الأعلى مجامرنا | و زيّنت للهوى الأغلى خفايانا |
نبع من النّور عرّانا لموجته | فكحّل النّور أجفانا و وجدانا |
تفجّر الحسن في دنيا سرائرنا | هل عند ربّك من دنيا كدنيانا |
حضارة الدّهر طيب من خلاعتنا | و جنّة الله عطر من خطايانا |
من الغواية سلسنا هدايتنا | فكان أرشدنا للنور أغوانا |
*** | |
يا وحشة الكون لولا لحن سامرنا | على النديّ المصفّى من حميّانا |
نشارك الله _ جلّ الله _ قدرته | و لا نضيق بها خلقا و اتقانا |
و أين إنسانه المصنوع من حمأ | ممّن خلقناه أطيابا و ألحانا |
و لولا جلا حسنه إنسان قدرتنا | لودّ جبريل لو صغناه إنسانا |
و لو غمرنا نجوم الليل مغفية | أفاق أترفها حسنا و غنّانا |
ناجى على الطّور موسى ة الندام لنا | فكيف أغفل موسى حين ناجانا |
إن آنس النّار بالوادي فقد شهدت | عيني من اللّهب القدسيّ نيرانا |
نطلّ من أفق الدّنيا على غدرها | فنتجلى الرّاسيات الشمّ كثبانا |
و ما دهتنا من الجبّار عادية | إلاّ جزينا على الطّغيان طغيانا |
أديم حصبائنا درّ و غالية | ما أفقر النّاس للنعمى و أغنانا |
و أيّ نعمى نرجّيها لدى البشر | و الله قرّبنا منه و أدنانا |
تبكي السّماء و تبكي حورها جزعا | للحسن و الشعر في الدّنيا إذا هانا |
يا خالق القلب : أبدعنا صبابته | يا خالق الحسن : أبدعناه ألوانا |
ألقلب قصرك زيّنا عواريه | بالحسن حينا و بالإحسان أحيانا |
ألعاطلات من الأبهاء قد كسيت | شتّى اللّبانات أصناما و أوثانا |
قلب شكا للخيال السمح و حشته | فراح يغمره نعمى و أشجانا |
يا سيّد القصر لولانا لما عرفت | أفياؤه الخضر سمّارا و ندمانا |
يمنى السراب على الصحراء حانية | تضاحك الرّكب واحات و غدرانا |
قاع البحار أضاءته عرائسنا | و ندّت العدم القاسي عذارانا |
ننضّر البؤس عند البائسين منى | و العقل عاطفة و الثكل إيمانا |
و كلّ ذنب سوى الطغيان ننزله | على جوانحنا حبّا و غفرانا |
و همّ كلّ عفاة الأرض نحمله | كأنّنا أهله همّا و حرمانا |
نشارك النّاس بلواهم و إن بعدوا | و لا نشارك أدناهم ببلوانا |
ضمّت محبّتنا الأشتات و اتّسعت | تحنو على الكون أجناسا و أديانا |
سبحان من أبدع الدّنيا فكان لنا | أشهى القوارير من أطياب سبحانا |
ستنطوي الجنّة النشوى فلا ملكا | و لا نعيما و لا حورا و ولدانا |
يفنى الجميع و يبقى الله منفردا | فلا أنيس لنور الله لولانا |
لنا كلينا بقاء لا انتهاء له | و سوف يشكو الخلود المرّ أبقانا |
*** | |
تأنّق الشعر للأعياد حالية | و قطّف الورد من عدن و حيّانا |
سمح فبالريقة العذراء نادمنا | نهلا و بالشفة اللمياء عاطانا |
صاغ الهلال لتاج الملك لؤلؤة | و أنجم اللّيل ياقوتا و مرجانا |
يا صاحب التّاج لا تاج العراق على | كريم أمجاده بل تاج عدنانا |
جبريل حوّطه بالله فانسكبت | عطور جبريل أورادا و قرآنا |
لك الكنوز فتوحات منضّرة | فاغمر من الفتح يمنانا و يسرانا |
سدّت الغطاريف فتيانا وسادهم | أبوك في جنّة الفردوس فتيانا |
تبارك الله ما أسمى شمائلكم | لكم زعامة دنيانا و أخرانا |
فتحت عيني على حبّ صفا و زكا | فصنته لضياء العين إنسانا |
و في ظلال أبي غازي منضّرة | مرّ الشّباب مرور الطيف عجلانا |
نعمى لصقر قريش طوّقت عنقي | فكيف أوسع نعمى الله نكرانا |
و حين شرّدنا الطاغي و أرخصنا | حنا العراق فآوانا و أغلانا |
و من تقيّأ نعماء العراق رأى | بالأهل أهلا و بالجيران جيرانا |
إذا العواصف جنّت فيه هدهدها | عبد الإله و أرسى الملك أركانا |
نعمى الوصيّ كنعمى جدّه حليت | على ضحى النّور أفياء و أفنانا |
*** | |
يا صاحب التّاج دنيا الله ما عرفت | إلاّ عمائمكم في الشرق تيجانا |
لم يقبل الله إلاّ في محبّتكم | يا آل فاطم إسلاما و أيمانا |
غنّيت جدّك أشعاري و نحت بها | في مصرع الشمس إعوالا و إرنانا |
أصفيت آل رسول الله عاطفتي | و كنت شاعركم نعمى و أحزانا |
و ما رضيت جزاء مودّتكم | لا يعدم الحرّ أقواتا و أكفانا |
*** | |
أيكرم العيد شكوانا نزلت | عليك يا ابن رسول الله شكوانا |
ندّى شمائلنا بالذكريات كما | ندّى الخيال بنعمى الماء ظمآنا |
يروعني العيد ديّانا لأمّته | من أغضب العيد حتّى صار ديّانا |
تغرّب العيد في قومي و أنكرهم | على الميادين أحرارا و عبدانا |
مالي أرى الشمّ في لبنان مغضية | تطامنت للرزايا شمّ لبنانا |
لا صيد غسّان و الهيجاء ضارية | على السروج و لا أقيال مروانا |
و أكرم العيد عن عتب هممت به | لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا |
قد استردّ السبايا كلّ منهزم | لم تبق في رقّها إلاّ سبايانا |
دم بتونس لم يثأر له و دم | بالقدس _ هان على الأيّام _ لا هانا |
و ما لمحت سياط الظلم دامية | إلاّ عرفت عليها لحم أسرانا |
و لا نموت على حدّ الظبى أنفا | حتّى لقد خجلت منّا منايانا |
لو يعلم البدر في شعبان محنتنا | لما أطلّ حياء بدر شعبانا |
لو كان يعلم قتلانا ، بكت مزق | على الصحاصح من أشلاء قتلانا |
تهلهلت أمتّي حتّى غدت أمما | وزوّر الزطن المسلوب أوطانا |
و قد عرفت الرزايا و هي منجبة | فكيف لم تلد الجلّى رزايانا |
كفرت بالحسب السّامي إلى مضر | استغفر المجد إنكارا و كفرانا |
تطوى القبور على الموتى فتسترهم | و في القصور و في السلطان موتانا |
دعوا الجراح لوهج النّار سافرة | فالجرح يقتل إنكارا و كتمانا |
ذلّ الدّهاء أكاذيبا مزوّقة | فكان أكذبنا بالقول أدهانا |
ثارات يعرب ظمأى في مصارعها | تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا |
يا وحشة الثأر لم ينهد له أحد | فاستنجد الثأر أجداثا و أكفانا |
أفدي شمائل قومي ثورة و لظى | و عاصفا زحم الدّنيا و بركانا |
من أطفأ الجذوة الكبرى بأنفسنا | أدهرنا حال أم حالت سجايانا |
هي الكؤوس و لكن أين نشوتنا | و هي الحروف و لكن أين معنانا |
*** | |
ما للرمال الصوادي لا نبات بها | و تنبت المجد هنديّا و مرّانا |
عبدت فيها إله الشمس منتقما | معذبا و إله اللّيل رحمانا |
اللّيل يخلق فيها الحور مترفة | و تخلق الشمس جنّانا و غيلانا |
على الرّمال طيوف من كتائبنا | نشوى الفتوح و نفح من سرايانا |
لابن الوليد على كثبانها عبق | سقى الهجير من الذكرى فندّانا |
و في النسيم على الصحراء نرشفه | طيب المثنّى على رايات شيبانا |
*** | |
يا فيصلا في يمين الله تحسده | بيض الظبى هاشميّ الفتح ريّانا |
يا فيصلا في يمين الله منسكبا | كجدّه المرتضى يمنا و إيمانا |
يا فيصلا و حنت في الخلد فاطمة | تودّ لو قبّلت خدّا و أجفانا |
يا فيصلا و انتخت كبرا صوارمنا | و زغردت باسمك الحالي صبايانا |
يا فيصلا و رنا نجم لصاحبه | يقول : فيصل أحلانا و أسمانا |
كتائب الله من فهر و إخوته | فعطّر المجد ميدانا فميدانا |
لواء عدنان أنت اليوم صاحبه | فاقحم به الشرق : هذا الشرق دنيانا |
ما في االعراق و لا في الشام موعدنا | على الثنيّة من حطّين لقيانا |