يا أخت هارون
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا أُخْتَ هـــارون ما أَنْصَفْتِ هارونــــاً | ولا الأمينَ ، وأَمجـــــاداً ، ومأْمونـــــــا |
يا أُختَ هـــارون هلاّ عُدْتِ فاتنــــــةً | عذراءَ تَلْبَسُ مــن دِيْبـــاجِ ماضينـــــا |
يا أُختَ هـــارون قد فاضَــت مدامعُنا | وحسبُ كأسِكِ فاض اليومَ غِسْلِينــا! |
يا أُختَ هارون ما أَبْقاكِ بيتَ دُجـــىً | وكان أَمْسُكِ شَمْســـاً في مآقيــــــنا؟ |
يا أُختَ هارون قَد جَفــتْ حناجُرنــا | من الصّرُاخِ وَقَدْ ذُلَّــتْ صَواريــــــنا |
دالَتْ عليــنا صروفُ الدَّهْرِ وأنْقَلَبتْ | صروحُنا فإذا راياتُنـــــا الدُّونــــــى! |
فأَيْنَ منكِ زمـــانٌ كان يَحْسَبُـــــــنا | فيه الطُغـــاةُ – على ظُلـــمٍ – بَراكينا |
وأَيْنَ عَهْدُكِ بالمجدِ الذي نَبَضَــــــتْ | طيوبُهُ في فمِ الدُّنيــــــا تَلاحيْنـــــا؟ |
كأننا لمْ نكنْ حَقْـــــــلاً لذي سَغَبٍ | وللعدالةِ - في ماضٍ - مَوَازِيْنــــــا |
يا أُختَ هارونَ يَومي صارَ يُخْجِلُني | وصارَ يُخْجِل "منصوراً" وهارونـــا |
أَكُلَّ يومٍ رُحى المأســاةِ تَطْحَنُنــــا | وَيَسْتَبيحُ الأســـى أَبْهى مَغانينـــا؟ |
نحنُ الذين غَرَسنا في أضالِعنا | سيوفنا وَعَبَثنا في روابينــــــــأ ! |
مُسَيَّرون جموعاً لا خيــار لها | ونَحْسَبُ القاتلَ المأجورَ حامينا ! |
رماحنا لم تنلْ إلاّ أحبَّتَنـــــــــــا | ونارُنا لم تنلْ إلا أهالينـــــــــــــا ! |
وأننا - فرطَ ما نسعى لِتَفْرِقَةٍ | ببعضنا - نَحنُ أطمعنا أعادينا |
يا أخت هارون والمأساة أفدحها | أنَّ الزرازيرَ تصطاد الشواهينا ! |
وأننا قد رَأينا تحتَ داجيةٍ | مشانقاً فحسبناها بَساتينــــا |
يا أخت هارون ألقينا هوادجنــا | إلى المصائبِ ندعوها وتدعونا |
يا أخت هارون أسْلَمْنا ركائبنا | عيوننا ، وَمَحَضنْاها مسارينا |
نمشي بها خَبَباً والحُزنُ يزحَمُنا | وقدْ نُطيلُ وقوفاً خوفَ آتينـــــا ! |
" عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدْت " لا وطني | في مُقْلتي ، ولم يصدحْ محِبّونـــــــا |
قَدْ غادَرتنا إلى قعرٍ مراكِبُنا | وأصْحَرَتْ منذْ أجيالٍ مَراسينا |
مساكنٌ قد تركناها على مَضَضٍ | وقد دَخَلْنا إلى أخرى مَساكِينــــــا |
نستَعْطفُ الدَّهرَ أن يزري بظالمنا | وأن يمنَّ على الأحبابِ بارينــــــــا |
يا أخت هارون أقسى ما نُكابِدهُ | أنَ الهوى صار بعضاً من معاصينا |
وحسبنا قدْ حَمَلْنا حُبَّنا نَسَغاً | فلا نعيشُ إذا مات الهوى فينا |
ويا " سماوةٌ " إنَّ الحبَّ صَيَّرنا | " ولاّدةً " تَستبي في البُعدِ " زيدونا" |
قلبي بهِ من عَذابِ الشوقِ مَذبَحةٌ | فهل ينوبُ لقاءٌ عن تجافينــــــا؟ |
ويا " سماوةُ " قنديلي به عَطَشٌ | لِنَجمِ لَيلِكِ .. لو عادتْ ليالينـــا! |
" بِنتُم وبِنّا " فلا الأعيادُ تقربنا | يوماً ، ولا منكم الأعراسُ تأتينا! |
"أضحى التنائي بديلاً من تدانينا" | وعن مباهجنا نابَت مآسينــــــــــا! |
"تَبَغْدَدَ " القَهرُ يا ولاّدتي فإذا | سَكِيْنَةُ النَّفسِ قد أضحَتْ سكاكينا! |
وما انتفاعي بمرآتي وقد فقأتْ | يدُ الصبابةِ والمنفى مآقينـــــــــا؟ |
نَنْأَى عن النَبعِ..عن دفءٍ وعافيةٍ | وقد غَدَونا - من البلوى - مجانينا! |
ولادتي أشِراعٌ دون صاريةٍ | يُغري الرياحَ فنأتيكمْ مُحيينا؟ |
حرائقُ قد أتيناها طواعيــــــــةً | بأرضِنا ، وعلى قَسرٍ منافينا! |
ويا سماوةٌ هل مازال شاطِِئنا | مُطارداً ورغيف الخبزِ مسجونا؟ |
ولاّدتي ليتنا لم نتخذْ قسماً | على الوفاءِ ....وليت الحُبَّ يجفونا! |
بيني وبينك - لي سرٌ سأفضحهُ : | حيناً أقومُ .. وأجثو باكياً حينـــا! |
يا أخت هارون ما زالت جَوارحنا | من بعدكم تشتهي غُسْلاً وتكفينـــا |
أنا أبن حقلِكِ ..مُدّي بأرغفةٍ | لأشكرنَّكِ خبزاً كان أو طينا |
أنا أبن حقلِكِ ..مُدّي بأرغفةٍ | سأشكرنَّكِ خبزاً كان أو طينا |