أرشيف الشعر العربي

الأغوار .. والقمم

الأغوار .. والقمم

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .
العوالي تَحِنُّ للأَغْوارِ والدَّياجى تُطيحُ بالأَنْوارِ!
فَصَباحي يَطوِي الخُطى لرَباحٍ ومَسائي يَطْوِي الخطى لِخَسَارِ!

حيَّرَتْني نَفْسي فما أعْرِفُ ما تَحْتَوِيهِ مِن أَسْرارِ!

أَلِرُشْدٍ تَميِلُ. أَمْ لِضَلالٍ ولِنَفْعٍ تَمِيلُ أَمْ لِضِرارِ؟!
مِن صِبايَ الغَرِيرِ كنْتُ أُعانِي قَلَقاً مِن شُذُوذِها وعِثاري!

* * *

يا لَ نَفْسي من الضلالة والرشدِ ومن صولتي بها وانْدِحاري!
إنَّ حَوْلي مِن الأَنام كَثيرينَ أَراهُمْ في نَشْوَةٍ وافْتِرارِ!

ما يُبالُونَ ما أَصابُوا مِن الرُّشْدِ أو الغَيِّ.. في دُجًى أَوْ نَهارِ!

ليْتَ لي مِن خَلائِقِ القَوْمِ ما يَدْفَعُ عَنِّي غَوائِلَ الأَفْكارِ!
أَقْلَقَتْ مَضْجَعي.. فحالفني السُّهْدُ. ومالي عن هَوْلِها مِن فِرارِ!
كِشفارٍ تُدْمي وتُمْعِنُ في السَّطْوِ وهل نَامَ مُثْخَنٌ بالشِّفارِ؟!
يا ضَمِيري وأّنْتَ تُمْعِنُ في اللَّوْمِ وتُشْقي الجَريحَ بالأَفْكارِ!

أَتُراني أَطَقْتُ أَنْ أَسْلُكَ الدَّرْبَ قَوِيماً.. كَمَعْشَرِ الأَبْرارِ؟!

ثُمَّ كابَرْتُ واجْتَوَيْتُ وأَثَرْتَ اعْوِجاجي.. كَمَعْشرِ الفُجَّارِ؟!

لا. فَما اسْطَعْتُ عن عَمايَ انْحِرافاً أَوْ أَطَقْتُ النَّجاةَ مِن إعْصارِي!
لَمَ لَمْ تَأْسَ يا خَدِيني على الآبِقِ لَمْ تَحْمِهِ مِن الأَوْزارِ؟!
بِالَّذي فيكَ من شَعاعٍ. ومن رُشْدٍ يُضيئانِ دَرْبَهُ كالمَنارِ؟!

أَنْتَ مِثْلي الخَلِيقُ بالشَّجْوِ واللَّوْمِ. فَما ذُرْتَني عن الأَخْطارِ!

* * *

يا شَقائي الذي يُمَزِّقُ رُوحي لَسْتُ أَشْكُو مِن خَيْبَتي واعتِساري!
فلقد كُنْتُ أَسْتَبِيحُ حِمى الطُّهْرِ كَأَنِّي كَلْبٌ ثَوى في وجارِ!

وكَأَنِّي أَسِيرُ لِلْعالَمِ الأّحْمَرِ رَكْضاً كأَنَّني في قِطارِ..!

ثم أَقْعَيْتُ مِن وِنى.. وتأمَّلْتُ حياتي.. فقلت وَاهاً لعاري!

وحَوَالِيَّ ثُلَّةٌ عَرَفوا الدَّرْبَ سَويّاً.. فَلَيْلُهُمُ كالنَّهارِ!!

لَفَّهُمْ قَبْلُ ظُلُمَةٌ واعْتِكارٌ فَتَناءَوْا عن ظُلْمَةٍ واعْتِكارِ!
وأَنا ما أَزالُ في عُتْمَةِ اللَّيْلِ فَمَن لي مِنْها بِقُرْبِ انْحِسارِ!
رُدَّني مِثْلَهُمْ عن الغي.. يا رب فإِنِّي أَوَدُّ رَدَّ اعْتِباري!
فلقد ضِقْتُ بالمجُونِ وبَلْواها وأَدْمى رِجْلَيَّ طُولُ عِثارِي!
وانْكِساري أَخْنى عَلَيَّ وأَشْقى فَأَذِقْني لَذَاذَةَ الانْتِصارِ!

يا سَنى الرُّوح.. ما أَراكَ سِوى الحاني فَأَطْلِقْ مِن الأَثامِ إساري!

كنْتَ لِي الذُّخْرَ في الشَّدائِدِ والعَوْنَ.. فَيا طَالَما فَكَكْتِ حِصارِي!

ما تَخَلَّيْتَ.. والنَّوائِبُ تَتْرى والأَفَاعِي تُنُوشُني.. والضَّوارِي!

وأنا اليَوْمَ بَيْنَها قد تَعَرَّيْتُ وقد لَوَّثَتْ دِمائي إزَارِي!

لا تَذَرْني فَرْداً. ولَسْتُ بِفَرْدٍ.. وأنا مِنْكَ بَيْنَ أَهْلي ودَاري!

* * *

أَيُّهَذا النُّورُ الذي يَتَغَشَّانِي تَبارَكْتَ مِن ولِيٍّ وجَارِ!
كُنْتُ قَفْراً فَعُدْتُ رَوْضاً نَضِيراً بِزُهُورٍ شَذِيَّة.. وثِمارِ!
راحَ عَنْه اصْفِرارُهُ فَزَها الرَّوْضُ بِخُلْوٍ مِن سَلْسَلٍ واخْضِرارِ!

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (محمد حسن فقي) .

إلى الحاضرة .. الغائبة

أنا .. والشاعر العرفج

أنا والشعر

تنفيس .. وتقديس

الشاعر .. وليلاه


فهرس موضوعات القرآن