أنا والشعر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أعاني وما يَدْرِي الورى عن مُعاناتي | ولم يَسْمَعِ النَّشْجَ الأليمَ وآهاتي! |
وكيف وبَوْحُ الحُرِّ يَجْرَحُ رُوحَهُ | فيَطوِي على الدَّامي المُؤَرِّقِ.. والعاتي! |
ويُسْعِدَه الكِتْمانُ حتى كأّنَّهُ | ضَرِيحٌ يُوارِي بُؤْسَه في الغَياباتِ! |
ويَبْتسِمُ والأَضْلاعُ مِن وَقْدة الحَشا | تُحِسُّ بِإزميلٍ يَقُدُّ لِنَحَّاتِ! |
ويَحْسَبُني الرَّاؤون شَخْصاً مُرَفَّها | سعيداً بِماضِيَّ الحفيلِ.. وبالآتي! |
يَظُنُّونَ أن المالَ والمجْدَ جَنَّةٌ | وأَنَّهما مِرْقاتُنا للسَّماواتِ! |
وأنَّهما لُبُّ السَّعادِةِ.. والمُنى | لِطُلاَّبها تَأْتِي على غَيْرِ مِيقاتِ! |
شَجاني الأَسى مِمَّا يَظُنُّونَ جَهْرَةً | وقد هَتَفوا من جَهْلِهِمْ بِالعَداوات! |
ولو عَلِموا أَنِّي الشَّقِيُّ بِكُلِّ ما | يَظُنُّونَهُ سعْداً يُضِيءُ بِمِشْكاةِ! |
لَكَفُّوا عن اللَّغْوِ المَقِيتِ. وأَقْلَعوا | عن الظَّنِّ يُلْقي رَهْطَهُ في المَتَاهاتِ! |
فما السَّعْدَ إلاَّ في الرّضا فهو نِعْمَةٌ | مُبَرَّأَةٌ تٌفْضِي بِنا لِلْمسَرَّاتِ! |
فما مالُ قارُونِ.. ولا مَجْدُ قَيْصّرٍ | بِمُغْنٍ عن الباغي – إذا طاش – والعاتي! |
ولن يَضَعا في البالِ ذَرّةَ راحةٍ | سوى راحةِ الذِّئْبِ المُتَيَّم بالشاةِ! |
ولو أَنَّني خُيِّرتُ لاخْتَرت فاقتيْ | إذا منَحَتْني بالرِّضا.. رِفْعَةَ الذَّاتِ! |
فما المالُ والمجْدُ لِلْورى | إذا اسْتَأْذَبَا واسْتَشْريا غَيْرُ آفاتِ! |
ألا لَيْتَ أَهْلي الأقْرَبِينَ ورُفْقَتي | بَصائِرُ تسْتهْدي بِرُشْدٍ وإخْباتِ! |
فلا تَنْحَني إلاَّ إلى الله وَحْدَهُ | ولِلْمَجْدِ مَجْلُوّاً بأَصْدَقِ آياتِ! |
فقد تٌهْلِكُ الأطماعُ مَن شُغِفوا بها | وتَهوِي لٍلْقاع مِن دون أَقْوَاتِ! |
أّنِلْني الرِّضا – يا رَبِّ – غَيْرَ مُبارحٍ | حَنايايَ إنّي بالرَِضا خَيْرُ مُقْتاتِ! |
وبارِكُه بالإِلهامِ يَهْدى قَريحتي | إلى قممٍ شُمٍّ تَضُوعُ بأَبْياتي! |
قَصائِدُ غُرُّ ليس فيها تَمَلُّقٌ | ولا جَشَعٌ يُفْضِي بِها لِلْغوايات! |
فما الشِّعْرُ إلاَّ حِكْمةٌ وتَرَفُّعٌ | وإلاَّ سُمُوٌّ ما يَجِشُ بِسَوْءاتِ! |
ولكنَّه يَهْدي ويُعْلي ويَرْتَقي | إلى ذُرْوَةٍ تَشْفي الورى بالمُناجاةِ! |
إلى ذُرْوَةِ تَشْدو بِشِعْري وتَنْتَشِي | وتَهْتِفُ بالمُصْغِينَ والصَّخَراتِ! |