جدة
يا مَغانِي الجَمالِ والسِّحرِ والفِتْنَةِ يا حُلْوَةَ الرُّؤى والمَخائِلْ! | |
حَضَنَ البَحْرُ دُرَّةً. وحَنا البَرُّ عليها.. بِرَوْضِهِ والخمائِلْ! | |
فَهْيَ فَيْحاءُ بَيْنَ بَرٍّ وبَحْرٍ.. | تَتَهادى .. وتزْدَهي بالجَلائِلْ! |
بالقُلُوبِ التي يُتَيِّمُها الحُبُّ | فَتَشْدو طرُوبَةً كالعنادِلْ! |
والعُقُولِ التي تُهَلِّلُ لِلفَنّ تَجَلَّتْ غاياتُهُ والوسائِلْ! | |
فَبَدَتْ لِلْعُيُونِ حُسْناً وفَنّاً | جاوَزَتْ فيهما الثُّغُورَ الحَوافِلْ! |
ما أَرى في مَدائِنِ العالَمِ الرَّحْبِ | كمِثْلَيْهِما . سوى في القلائِلْ! |
ما أُحَيْلى بواكِرُ الفَجْرِ يا جِدَّةُ فِيكِ.. وما أُحَيْلي الأَصائِلْ! | |
*** | |
قال لي مَن يَلُومُني في هَواها | فَتَنْتكَ العَرُوسُ ذاتُ الجَدائِلْ؟! |
قَلْتُ بَلْ كُنْتُ في هَواها أنا | الظَّامِىءُ. لاقي مِنْها كَرِيمَ المَناهِلْ! |
وأنا الكاسِبُ القَوافِيَ تَطْوِي | سَيْرَها لِلنُّجُومِ شُم المنازِلْ!! |
ولقد يُدْرِكُ الأَواخِرُ بالشِّعْر وبِالفَنِّ ما يَرُوعُ الأوائِلْ! | |
*** | |
أنا يا جِدَّةُ الحَبِيبُ المُعَنَّى | بِحَبِيبٍ ما إنْ له مِن مُطاوِلْ |
فاذْكُريني كَمِثْل ذِكْرايَ يا جِدَّةُ | يا مَوْطِنَ النَّدى والشَّمائِلْ! |
رُبَّ ذِكْرى تُؤَجِّجُ الفِكْرَ والحِسَّ | وترضي المنى وترضي الدَّخائِلْ! |
أَفَأَشْكو الهوى شِفاهاً وإلاَّ | أكْتَفي منه قانِعاً بالرَّسائِلْ؟! |
أَيُّ ما فِيكِ أَزْدَهى وأُغَنِّي | وهو شَيءٌ مِن العُلا والفَضائِلْ؟! |
مِن عُلُومٍ. ومِن فُنُونٍ تَأَلقْنَ | وأَشْعَلْنَ في حِماكِ المشاعِلْ! |
وازْدِهارٍ فاقَ التَّصَوُّرَ فاخْضَرَّتْ | قِفارٌ بِهِ وماسَتْ جَنادِلْ! |
حَقَّقَتْهُ الجُهودُ جَلَّلَتِ الثَّغْرَ | بِأَبْهى الحُلى. وأَبْهى الغَلائِلْ! |
قال عَنْها الرَّاؤونَ كانَتْ | فَعادَتْ. رَوْضَةً ذاتَ خُضْرَةٍ وجَداوِلُ! |
ولقد يُذْهِلُ التَّطَوُّرَ أَحْياناً | ويَحلُو بِهِ سَرِيرُ الحَناظِلْ! |
*** | |
إيهِ يا جِدَّةُ اطْمَأَنَّ بِنا العَيْشُ | وَقرَّتْ بِنا لَدَيْكِ البَلابِلْ! |
فانْعَمي بالحيَاةِ.. لا مَسَّكِ الضُّرُّ | ولا غَالَتِ الهناءَ الغوائِلْ! |
وسَقاكِ الحَيا بِوابِلِهِ العَذْبِ | وندَّاكِ بالسَّحابِ الهواطِلْ! |
*** | |
بَيْنَ أُمِّ القُرى وطَيْبَةَ مَثْواكِ | وعَزَّا فَرائِضاً ونَوافِلْ! |
فهي مجدنا الأثيل.. هما النجدة أن أعيت الخطوب الكواهِلْ! | |
لم أُجَغْرِفُ هُنا.. ولكنَّكِ الثَّغرُ لأقْداسِنا . ومَرْسى الأماثِلْ! | |
وسواءٌ كُنْتِ الجَنُوبَ أَمِ الشَّمألَ.. فالفضل للجدا والنَّوائِلْ! | |
*** | |
جَلَّ هذا التُّراثُ مَنَّ به الله عَلَيْنا. يَرُدُّ عَنَّا النَّوازِلْ! | |
ويَقِينا مِن الخُطُوبِ إذا نَحُنُ حَرِضْنا عليه حِرْصَ البواسِلْ! | |
فهو الجِدُّ حينَ يَخطُو إلى الرُّشْدِ | وتَخْطُو إلى الضَّلالِ المهازِلْ! |
*** | |
رُبَّ ماضٍ يَرْنو إلى الحاضِرِ الماثِلِ | يَرْجو مِنهُ اتِّقاءَ المباذِلْ! |
فهي تُفْضِي به إلى الدَّرْكِ تَعْوِي | في دَياجِيه عاتِياتُ الزَّلازِلْ! |
فاتَّقُوهُ.. فهل نَقُولُ اتَّقَيْناهُ؟! ونَسْعى إلى الذُّرى.. ونُناضِلْ؟! | |
النِّضالَ الذي يَعِيشُ به النَّاسُ كِراماً.. ويَحْصِدُونَ السَّنابِلْ؟! | |
أَيُّهذا الغَدُ الذي يَتَراءى شامِخاً. نحن في ارْتِقابِ الفَواضِلْ! | |
حاضِرٌ آمِلُ . ومُسْتَقْبَلٌ رَحْبٌ وماضٍ نَزْهو به. ونُطاوِلُ! |