رسالة إلى أبي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يفاجئني الذي اكتشفت : أنت في نفسي حللت ! | في صوتي المرتج بعض صوتك القديم | في سحنتي بقية منن حزنك المنسل في ملامحك | وفي خفوت نبرتي ـ إذا انطفأت ـ ألمح انكساراتك | وأنت .. | عازفا حينا ، | وحينا مقبلا | وراضيا ، تأخذني في بردك الحميم | أو عاتبا مغاضبا | فأنت في الحالين ، لن تصدني .. | وتستخير الله ، أنت تكون قد عدلت ! | يفاجئني أنك لم تزل معي | وأنت شاخص في وقفتي الصماء ، والتفاتاتي | أرقبني فيك ، | وأستدير باحثا لدي عنك | تحوطني ، فأتكئ | تمسك بي ، إذا انخلعت | تردني لوجهتي | مقتحما كآبة الليل المقيم | الآن ، عندما اختلطنا | صرت واحدا ، | وصرت اثنين ، | عدت واحدا ، | عنك انفصلت ، واتصلت | لم أدر كم شجوك النبيل قد حملت | أضفته لغربتي | ومن إبائك الذي يطاول الزمان .. كم نهلت | فاكتملت معرفتي | واتسعت أحزان قلبي اليتيم | بالرغم من أبوتك | وأنت ناصحي المجرب الحكيم | لم تنجني من شقوتك ! | *** | أبي تراك في مكانك الأثير مانحي سكينتك | وقد فرغت من رغائب الحياة | فانسكبت شيخوختك | على مدارج الصفاء والرضا | وصار قوس الدائرة | أقرب ما يكون لاكتمالها الفريد | هأنذا ألوذ بك | أنا المحارب الذي عرفته ، المفتون بالنزال | وابنك .. | حينما يفاخر الآباء ، بالبنوة الرجال | منكسرا أعدو إليك | أشكو سراب رحلتي | وغربتي | ووحدتي | محتميا بما لديك من أبوتي | ولم يزل في صدرك الرحيب متسع | وفي نفاذ الضوء من بصيرتك | جلاء ظلمتي وكربتي | فامدد يدك الذي قد غاله الطريق | واخترقت سهامه صميمه .. فلم يقع | لكنه أتاك نازفا مضرجا | دماؤه تقوده إليك | زندبة في جبهتك | وصرخة مكتومة يطلقها .. إذا امقتع | هذا ابنك القديم ، | وابنك الجديد .. | يبحث فيك عن زمانه ، | وحلمه البعيد | فافتح له خزانتك ! | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (فاروق شوشة) .