أرشيف الشعر العربي

فصل.. في أول الغياب

فصل.. في أول الغياب

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

غيابُكِ نافورةُ حُرْقْة

وأنا الضاميءُ (لمْ تروني شفتاكِ) أجلسُ على حافةِ حوضِ السيراميك

أمام مبنى دار الفنون

أتابعُ قطراتِ الماءِ.. وهي تتصاعدُ بقوةٍ، كأسلاكٍ ذهبيَّةٍ لا متناهيةٍ، سرعانَ ما تنحني...

وتعاودُ السقوط ثانيةً:

غيماً من الرَذَاذِ المتناثرِ – كشَعرِكِ الطويل –

على المارّةِ

وقميصي..

وغَيْرَةِ الفتياتِ

أو تنحدرُ دوائر، دوائر - كسنواتِ عُمري -

تتفرّقُ.. تَتَّسِعُ.. تَتَّسِعُ، وتَضِيعُ، في الزَحْمَةِ

لا شيءَ على السطحِ

غير فقاقيعِ الذكرياتِ تلوّنها أضواءُ الطرقِ الشاحبةِ

يا سيِّدتي.. يا ذاتَ العينين الواسعتين

تَعْرِفين كمْ من الكلماتِ ضاعتْ

وأَعْرِفُ كمْ من السنواتِ ستضيعُ

لا أحدَ، يوقف هذا الضياعَ المستمرَّ.. الذي يسمّونهُ - خطأً - أيّامَنا

لا أحدَ، يوقف هذين العقربين المتراكضين على ميناءِ عُمري

وهما يَقْضِمانِ في طريقهما كلَّ شيءٍ:

الشوارعَ، والكتبَ، وأمنياتي..

المطرَ، والرسائلَ..

الأصدقاءَ وإجازاتي القصيرةَ،

والمشاريعَ المؤجَّلةَ، والمطاعمَ..

إلّا أنتِ..

يا أنتِ، يا غيابكِ نافورةُ ندمٍ وحُرْقْةٍ واشتهاء..

أينما تذهبين..

ستطاردكِ الذكرياتُ..

أقولُ لكِ:

ما الذي ستفعلين غداً؟

حينما تنبشين شوارعَ بغداد، حنيناً وغربةً وبكاءً

ولا تجدينني..

أقولُ لكِ:

ما الذي سأفعلهُ غداً

بأيّامي..

حين لا أَجدُكِ..

* * *

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان الصائغ) .

المدير

اغنيات على جسر الكوفة

هندسة

وليمة شرف على جوع أمل دنقل

لا