إنما يبكي شجيُّ شَجَنَهْ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إنما يبكي شجيُّ شَجَنَهْ | لاكما يبكي خليّ دِمنَهْ |
أيها المأمون من نسيانه | أكذا أنسى ولو غبت سنه |
لاتكون مولى هواه في الأذى | لم يزل بالعبد حتى فتنه |
ثم خلاَّه وأهدى قلبه | للتباريح وأنْضى بدنه |
هل يُعافي العبدَ من محذورِهِ | أَنَّ أخلاقك أضحت جُنَنَه |
لم أكن قطُّ أرى أني أَرى | سَكناً مثلك ينسى سكنه |
أيها المُهدي لقلبي ظِننا | لاتدعْ قلبي يناجي ظننه |
مع أن الغدر شيءٌ لم أَخلْ | ن أخلاقك مَسَّتْ دَرَنه |
بل أرى العبدَ الذي استَعبدته | ثم سلَّطتَ عليه حَزَنَهْ |
هو عبدٌ تشتهي تَضميرهُ | بالمجافاة ِ وتَقلي سَمَنَهْ |
شعفاً بالقدِّ يامن قدُّه | أضحت الأغصانُ تحكي غُصنه |
أبقِ منه لاتدعه خائفاً | كلما هَزَّ نسيمٌ فَنَنَه |
بل أرى أنك لي مُمتحنٌ | فارحمِ العبد وخفّف مِحنه |
لن يُطيق الهجرَ عبدٌ نفسه | بهوَى سيدِه مُمتَحَنَهْ |
هَب لأسبوعٍ رسولاً واحداً | إن في ذاك لقلبي أَمَنَه |
وَيْحَ هذا القلب ماأَغفله | أيها المولى وأحلى وَسَنه |
لو يُراعي الرُّسْلَ منكم عاشق | نفسُه عندكُم مُرتهنه |
وهوى ً منه هواه كونُه | وطنياً لم يفارقْ وطنه |
لايلمْهُ لائمٌ في فعله | فله عُذرانِ عند الفَطَنه |
هَمّه المسكين في عِرفانه | رأيُ مولى ً لم يُبدِّل سُننه |
أوفِ مغبونَك ياغابنَه | لايكن عذلك فيمن غبنه |
كيفَ لاتُنزِلُه منزلة ً | من خصوص الأنس تُشْجي زَمنه |
هل توجَّدتَ على أخلاقه | أم غدا رأيك فيمن لعنه |
هل تعتَّبتَ على أفهامِهِ | أم هل استقصرتَ يوماً لَقَنه |
هل ترى الغفلة َ شابت حلمَه | أم ترى النكراء شابتْ فِطنه |
هل ترى العِيَّ يؤاخي صَمْته | أم ترى الغَيَّ يؤاخي لَسَنِه |
هل ترى الشك عليه غالباً | عند حق أم تراه يَقَنَهْ |
هل رأى منك قبيحاً بثه | أم رأى منك جميلاً دفنه |
هل لديه لك سر ذائع | أم أمانات غدت مُحتجنه |
هل لديه تُحفة ٌ مذخورة | عنك أم منفوسة ٌ مٌختزنة |
لا يَجُر مولًى جليلٌ سننا | في عُبيد لم يفارق سكنَهْ |
إنه أخلَقُ منه للهدى | في معانيه لدى من وزنه |
أنت من تسمو ذُراه أن تُرى | في ذَراه خِلَّة ممتهنة |
بيتُك البيتُ الذي من زاره | فابنُ عباسِك فيمن قَطَنه |
من يكن أصبح من حُجاجه | فلقد أصبحتُ ممتن سَدَنَهْ |
أعذِر الطرف الذي أجررتَه | في المعاني والقوافي رَسَنه |
لاتلُمه في عتاب مسرف | أنت قَوِّيت عليه مُننه |
أنت من يذكر ما قدَّمه | من مواعيدٍ وينسى إحنَه |
أنت من نَزَّه نجوى نفسِه | عن جِوار الهفوة ِ المُضطغنه |
هل يُداجين زُلالٌ قد صفا | وأبى طيبُ ثناه أسنه |
سيدٌ فات المداجاة َ به | سُؤددٌ ينفي تُقاه هُجنه |
عرف الله إلى أن خافه | ثم خاف الله حتى أمِنه |
فحكى غائبه شاهدَه | وحكى المكنونُ منه عَلَنه |
ما رأى الله خناً أطلقه | لا ولا غِل ضميرٍ سجنه |
يقبلُ الحمد ولا يوجبُه | وإن امتنَّ فأسنَى مننه |
لاكمن يغلط في أحكامه | يَهَبُ العُرف ويبغى ثمنه |
هكذا كلُّ كريم ماجد | جعل العرف صُراحا دَدَنَه |
ومتى راغ بشكرٍ رائغٌ | ذات يوم لم تجده شَجَنَهْ |
عجبي من مادح يمنُه | وهو المُعتقُ قِدما يَمَنه |
نبأ فاسأل به ذا يزنٍ | أو فسائل سيفَهُ أو يَزنه |
يابني وهبٍ حلَى دهِرِهمُ | كلما عدَّد دهرٌ زِينَهْ |
يستميحُ العطفَ منك عاشقٌ | لم تُنيلوه وكنتم فِتنه |
هل رآه الله أجرى ذمكم | ببيانٍ أو بلحن لحنه |
هل رآه الفَحْصُ قِرنا لكُم | ببِرازٍ أو كمُونٍ كَمنه |
هل تعييون بناءً شاده | طوله أو عرضه أو ثِخَنَهْ |
ليس بالمنكرِ إن لم تُجعَلوا | مُستقاه أن تكونوا شَطَنه |
قد سألتُ الناس ماأسألكم | فأبت مسؤولَهم تلك الهَنَهْ |
وإذا قد سلّموا المجد لكم | فحمى الحالبُ دوني لبنه |
وغدا يمنع مني تافها | لايرى شُكر بنيٍّ ثمنه |
والعُلا وَفقٌ لأخلاقكُم | لا لأخلاقهُم المؤتَفنه |
هل يُعير الجود وغداً زينة ً | ويعيرُ البُخْل حُراً أُبنَهْ |
كلُّ ثفر فله شُحنته | هكذا كان قَضى من شَحنه |
هل يعير البرُّ بحراً عِيسَه | أو يعير البحرُ برَّاً سُفنه |
قد بعثتمْ حربَ عَتْبٍ مُقلق | من وليّ فاستعدوا هُدنه |
والوزيرُ الحق إن لم تنصفوا | لتُصكن شكاتي أذنه |
فلكم من ماء وجهٍ ضانه | ودمٍ قد كان يجري حَقنَه |
أنتُم قومٌ إذا استخدمكم | مستعين الجاه كنتم مِهنه |
وإذا رجَّم قومٌ فيكُم | بالندى والصفح كانوا كَهنه |
فاخلُفوا الغيثَ إذا أخلَفنا | ومتى صاب فباروا مُزنه |
أنتُم آفاتُ أموالكُم | بالعطايا إذ سواكم خزنه |
سادة ٌ في الحق قدما قادة ٌ | وعلى اللَّوْماء فيه مَرَنه |
ونثا قومٍ دُخانات الندى | ولقد أضحى نثاكم دُخنه |
جلَّ كاسي طينُكم صِبْغتَهُ | كيف صاغ الطينَ لمّا عَجنه |
أوسعَ الأمرين فضلاً فأتت | صور الخلق تضاهي طِينَهْ |
لايُمنَّن عليكم مادحٌ | بمديح فيه وعشيٌ وَضَنه |
فله من فعلكم أمثلة ٌ | ينسِج الشعرُ عليها يُمنه |
ليَ مُدْنٍ منكُم مجتهدٌ | وصَل الله بخير قَرنه |
ومسوءٌ بدُنوي منكُم | ألزمَ الله يديه ذَقنَه |
يتظنَّى دُهنَه في شَعَثِي | شَعَّثَ الله ما دهنه |
قد أضاقت عَطَني نَكراؤُه | ضيَّق الله عليه عَطَنَهْ |
كم يُعَرِّيني من أفضالكم | ألبس الله عدوي كفنَهْ |
كم وكم بعدي من ظلكم | ظلل الله عليه جننه |
أنا من ينساكمُ خدمتَه | حين لاأجرتُه مُتَّزِنه |
أنا من أسلف فيكم بعدما | نسي الطابِنُ فيكم طَبَنَهْ |
عكف الرأيُ عليكم وحدكم | والهوى يَعبُد جهلا وثَنَه |