لعمري لقد غاب الرضا فتطاولتْ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
لعمري لقد غاب الرضا فتطاولتْ | بغيبتِه البَلْوى فهَلْ هو قادمُ |
تعرفتُ في أهلي وصحبي وخادمي | هواني عليهم مُذْ جفانيَ قاسم |
جَفَوْني وعَقُّوني وملُّوا ثِوايتي | فكلٌ مُلِيمٌ ظالمٌ وهو لائم |
فلو أبصرتني بينهم عينُ حاسدي | لأضحى وأمسى حاسدي وهو راحمُ |
أقاسمُ قد جاوزت بي كلَّ غاية ٍ | وليس وراء الحَيْفِ إلا المآثمُ |
كأنكَ قد أُنسيتَ أنك سيدٌ | له الفضل أو أُنسيتَ أني خادم |
أقصرتُ في فرضٍ فمثلي قصَّرتْ | به حالهُ عن كل ماهو لازمُ |
هل العسرُ كلُّ العسرِ مُبْقٍ عزيمة ً | ألا إنما حيث اليسارُ العزائم |
حلفتُ بمن أرجو لعطفكَ لُطْفَهُ | إذا أنت هزَّتكَ السجايا الكرائم |
لئن كنتُ في الإخلال بالفرض ظالماً | لهنَّكَ في رفضِ الإقالة ِ ظالم |
ولمْ لا وقد صُوِّرتَ من خير طينة ٍ | وأنت بفضلِ الحلم والجودِ عالم |
حنانيك لا تظلم بي المجدَ إنَّهُ | صديقٌ جليلٌ تتقيه المظالمُ |
وهبني عبداً مُذْنباً أو مُعطلاً | سليباً من الآلاتِ أين المكارم |
ألا فاضِلٌ يأوي لنُقْصانِ ناقصٍ | فَيُلْبِسَهُ من عفَوْه وهو ناقم |
ألا غارمٌ صفحا ليغنم سُؤدداً | وحمداً وأجرا إنَّ ذا الغُنمِ غارم |
إلا غانمٌ أحدوثَة الصدقِ في الورى | بغُرم الأيادي إن ذا الغُرمِ غانم |
ترفَّعْ إلى الطَّولِ العَليِّ مكانُهُ | فما تُشْبِهُ النُّعْمَى عليك السخائم |
ولا يُشْبهُ البدءَ الذي قد بدأتُهُ | من العُرْفِ أن تشكى عليه النقائم |
وهبني جفاني الإذنُ منك عُقوبة ً | على غيرِ جُرمٍ لمْ جَفَتْنِي الدَّراهم |
أتبلغُ أقدارُ الدراهم أنْ تُرى | تُباريكَ في هجرِ الذين تُراغم |
أبى ذاك أنَّ الله أعلاك فوقها | وأنك من آفاتِ ذي البخل سالمُ |
ومثلك لا يحتجُّ والخصْمُ ساغِبٌ | ولكنّهُ يحتجُّ والخصم طاعم |
فأشبِعْ وأوجِعْ بالبِعادِ مؤدّباً | فقد يُعْدم التقريبُ والبِرُّ دائم |
وكَمْ سفُهَ الهجرانُ والحلمُ صامتٌ | وكم خَرُقَ الإقصار والجودُ كاظم |
فقوِّمْ بما دون المجاعة ِ إنَّها | سِهامٌ حِدادٌ بلْ سيوفٌ صوارم |
وعاقِبْ بمحمودِ العقاب فإنَّهُ | سيكفيكَ مذمومَ العقابِ الألائم |
وأحسن من حُسْنِ العِقابِ اطّراحُه | إذا قلّبَ الرأيَ الرجالُ الأكارم |
وعزَّ على مولاكَ صَرْفُ اهتمامِه | إلى القُوتِ لكنْ أمرهُ مُتفاقم |
له شاغلٌ عن أنْ يسامِيَ همُّهُ | رضاكَ وقد أعْيَتْهُ فيه المراوِم |
على أنه لابد لي من طِلابهِ | وإنْ قيل مغرورٌ وإنْ قيل حالم |
ألا فاستمعْ مني بأُذْن سميعة ٍ | فذاك سميعٌ لؤْمُهُ مُتصامم |
أمستأثرٌ بالحلم قيسُ بنُ عاصمٍ | عليك ولم يعشرك قيسٌ وعاصم |
ومُنْفَردٌ بالجُود دونك حاتمٌ | وكعبٌ ولم يعشركَ كعبٌ وحاتم |
معاذَ الذي أعطاكَ ما أنتَ أهلهُ | من الدين والدنيا وضدك راغمُ |
تناومتَ عني بعد طول عناية | وقد نهستْ مني الخُطوبُ الأوازم |
فيا ليتَ شعري لا عدمتَ سلامة ً | ونُعمى لها ظلٌّ من العَيْشِ ناعمُ |
متى تنظر الدنيا إليَّ بنظرة ٍ | بعينك نحوي أيُّها المُتناوم |
هنالك أغدو والسرور محالِفٌ | بُنَيَّات قلبي والزمانُ مُسالم |
ويوميَ من إشراقِ وجهك شامسٌ | مضيءٌ ومن إغداق كفَّيْكَ غائم |
ألا إنَّ ثلما في السماحِ عقوبتي | كأني نظيرٌ أو كَفيٌّ مُقاوم |
أقِلْنِي عِثارَ الظنِّ منكَ فلم تزل | تُقيلُ التي فيها تُحزُّ الحلاقم |
وما قِبَلي حقٌّ وهَبْه فهبْهُ لي | فإنّك للوهَّاب لا المُتعاظِم |
وأنت الفتى كُلّ الفتى في فعَالِهِ | إذا ما وهبتَ الحقَّ والحقُّ قائم |
وأكرمْ بخصْم باع بالطَّوْلِ حقَّه | وآثر حقَّ المجْدِ وهوْ مُخاصم |
ولاسيَّما والخصمُ قاضٍ مُحَكَّمٌ | إليه القضايا والهباتُ الجسائم |
متى يهبُ الخصمُ المُطالبُ حقَّهُ | إذا لم يَهَبْهُ الخَصْمُ والخصمُ حاكم |
وأنَّى يكونُ المنكرُ الجُرْمَ عادلاً | إذا ما استوت أحكامُهُ والجرائمُ |
أنا العبدُ ساقتْهُ إليك نوائبٌ | شِدادٌ وقادتهُ إليك الخزائم |
يراه الورى ضيفاً ببابك صائماً | وهَلْ حسنٌ ضيفٌ ببابك صائم |
أمنْ بعدما ابيضَّتْ أياديك عندهُ | تُريه التي تبيضُّ منها المقادم |
بحقِّ الوزيرِ بنِ الوزيرِ وعَيْشِهِ | تأمَّلْ مليّاً هل على العَفْوِ نادم |
وهَبْ لي على ماكان مني مكانتي | وحَظِّي فإني سيىء ُ الحال واجمُ |
ولا تَنْس أنَّ الله سمَّاك قاسماً | لأنك في النعمى شريكٌ مُقاسِم |
تُقَسِّمُ في المعروفِ ما أنت مالكٌ | وتجْشَمُ فيه كُلَّ ما أنت جاشم |
وحاشاك من تمويه ظنٍّ وشُبْهة ٍ | يقولان إن المانعَ العفوَ حازم |
فإنْ قلتَ لي دَعْ وَصْلَ من أنت واصلٌ | صدَدْتُ بطَرْفِ العينِ والقلبُ دائم |
ولاحظتُهُ والخوفُ بيني وبينَهُ | كما تلحظُ الماءَ الظباءُ الحوائم |
كذلك لا أشري ولاءك طائعا | بما ملكته عبد شمس وسيم |
ولو سامني ذاك الوزيرُ أبيتُهُ | وأنكرتُهُ النُّكَرَ الذي هو صارم |
أأنزع إحدى مُقْلتيّ لأختِها | كذا طائعاً إنِّي هناك لآثمُ |
أحبكما حُباً مع القلبِ أصله | وأطرافُهُ حيثُ النجومُ النواجم |
هو الخوفُ والتأميلُ والرأيُ والهوى | فيا ليت شعر النفسِ كيف تصارم |
ولِمْ لا وقد أوضحتما لي طريقتي | فأضحى هُداها مُفصِحاً لا يكاتم |
وقفتُ بنورِ الفرقدَيِنْ على الهُدى | فقلبي على هذا وهذاك هائم |
ومن يُنكِرُ الحِرمانَ منكَ لواحدٍ | وربُّ الغِنى والفَقْرِ مُعطٍ وحارم |
سيحميك أن تلقى لساني صارماً | تذكُّرُ قلبي أنَّ سيفك صارم |
وإنِّي لأعفو عن رجالٍ وأتقي | رجالاً وأدري أيَّ قِرنٍ أصادمُ |
فإنْ سدَّ بابَ العذر فيما نَقِمته | هواكَ فلي بالرأي فيه مخارم |
أنا المرءُ لا يشقى الوفاءُ بغدرهِ | ولا شامَ مني ذلك البرقَ شائم |
ولنْ أتعدَّى الحقَّ في كُلِّ حالة ٍ | وإنْ سنَحَتْ فيه ومنْهُ الأشائم |
تمسكتُ بالأمر الجميلِ مبرّءاً | من الغِشِّ إلا ما توهَّم واهم |
وأُقسِمُ أني لم أُمِتْ لك نِعمة ً | عليَّ ولا أحيَيْتُ ما أنتَ كاتم |
ولا حارَبتْ نفسي عليك ولا اصطفتْ | عِداكَ ولا لاءمَتْ من لا تُلائم |
وسائلْ بما أُخفيهِ عيْنِي فإنَّها | تُتَرجمُ عني والعيونُ تراجم |
ألم تَرَها تسمو إليك كأنَّها | تُعانق في ألحاظها وتُلاثم |
ستعلمُ ما قدْري إذا رقد الهوى | فإنَّ الهوى يقظانُ والرأيُ نائم |
وللرأيِ هبات من النومِ يجتلي | أخو الرأي فيها ما تَغُمُّ الغمائم |
ومازالت الأشباهُ وهي كثيرة ُ | مجاهل فيها للبصير معالم |
وما قُلتَ لي في ذاك قولاً مُصَرِّحاً | ولكنه قد يَرْجمُ الغيبَ راجم |
وإني لسِكِّيتٌ وعندي معارفٌ | إذا ما استطال الجاهلُ المُتعالم |
وليسَ بشريرٍ ضليعٌ بحُجَّة ٍ | رمى باطلاً بالحقِّ حين يخاصم |
ولا واسمٌ عِرْضَ امرىء كان نالهُ | بسوء وإنْ لامتْهُ فيه اللوائمُ |
وما بي زُهدٌ في التفضُّلِ إنّه | لفضلٌ ولكن للرجال شكائم |
ولكنما الشريرُ مَنْ عمَّ شرُّهُ | وسُولم بدءا فأتلى لا يسالم |
وعاذ بإذعان له وتودُّدٍ | أخوه فلم تنفعه تلك التمائم |
وكافأ إحساناً بسوءٍ ولم يَزَلْ | يُراجِمُ بالمكروه من لا يراجم |
ولستُ بشتَّام الملوك وإن حموا | جداهم وهل لي في الملوكِ مشاتم |
وكيف بِهَدْمي ما بنتْهُ سعادة ٌ | وليس لما تبني السعادة ُ هادم |
عداني عن تلك العرامة ِ أنَّني | عليمٌ بأنَّ السيفَ مثليَ عارم |
وأنِّي شكورٌ للأيادي التي غدتْ | لها في رقابِ العالمين خواتم |
أأشتمُ من لولاه لم يك للهُدى | صِراطٌ ولا للشَّمْلِ بالعدلِ ناظم |
ومَنْ بعطاياه تَعيشُ نفوسُنا | وتقويمه الدنيا تموتُ الملاحم |
وإن امرأً يُمسِي ويُصبِحُ سالماً | من الناسِ في دار البلاءِ لسالم |
ومَنْ رام ثَلْمِي وانتقاصي فإنَّني | لمُنْتَقِصٌ ما اسطعتُ منه وثالم |
أيوجِبُ أنِّي ذو سلاحٍ مَذَلَّتي | لأعْزِلَ تُثْنَى عنه فيَّ العظائم |
علامَ إذاً يستوجبُ الشعرُ حمدَهُ | علامَ حبانيه وحَظِّي الهضائم |
أراني سَتَرْمي بي أقاصيَ هِمّتي | قلوصي ورحلي والفجاجُ القواتم |
ولله في حاوي يديه وأرضِهِ | مناديح تَرْضاها القِلاص الرواسم |
وما جلجل الوجناءَ بين قتودِها | كغضبة ِ حُرٍّ شيَّعتْها عزائم |