ضحكَ الربيعُ إلى بكا الدِّيمِ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
ضحكَ الربيعُ إلى بكا الدِّيمِ | وغدا يُسَوِّي النبت بالقمَمِ |
من بين أخضرَ لابس كُمَماً | خُضْراً وأزهرَ غير ذي كُمَم |
مُتلاحِق الأطرافِ مُتسقٍ | فكأنَّه قد طُمَّ بالجَلم |
مُتَبلِّجِ الضَّحواتِ مُشرِقها | متأرِّجِ الأسحار والعَتَمِ |
تَجِدُ الوحوشُ به كفايتَها | والطيرُ فيه عتيدة ُ الطِّعَم |
فظباؤُهُ تُضْحي بمُنْتَطَح | وحمامُه تَضْحِي بمختصم |
أحذى الأميرُ ربيعنا خُلُقاً | يهمي إذا ما البرقُ لم يُشَم |
فالقطْرُ ضربة ُ لازم قسما | والصحوُ فيه تحِلَّة ُ القسم |
والروضُ في قِطَعِ الزَّبَرْجَدِ والْ | ياقوتُ تحت لآلىء ٍ تُؤم |
طل يُرقرقهُ على ورق | فكأنه در على لِمَم |
حشد الربيعُ مع الربيع لهُ | فغدا يهُزُّ أثائثَ الجُمم |
والدولة ُ الزهراءُ والزمن ال | مِزهار حسبك شافي قزم |
إن الربيعَ لكالشَّباب وإنْ | نَ الصيفَ يكسعه لكالهرَم |
أشقائقَ النُّعمانِ بين رُبَى | نُعمانَ أنتِ محاسنُ النِّعم |
غدتِ الشقائقُ وهْي واصفة | آلاءَ ذي الجبروتِ والعِظَم |
تُرَفّ لأبصارٍ يَجُلْنَ بها | لِيرَيْنَ كيف عجائبُ الحِكم |
عِبرة لأفكارٍ بعثن لها | لِيرَيْنَ كيف عجائبُ الحكم |
شُعلٌ تزيدك في النهار سنًى | وتُضيءُ في مُحْلَوْلك الظُّلمِ |
أعجِبْ بها شُعلاً على فَحَمٍ | لم تَشْتَعِلْ في ذلك الفحَم |
تلك التي تُهوي لتلثَمَها | وتَشمَّها بالأنفِ ذي الشَّمم |
وكأنما لُمَعُ السوادِ إلى | مااحْمَرَّ منها في ضُحَى الرِّهم |
حَدَقُ العواشق وسِّطَتْ مُقَلاً | نَهَلَتْ وَعَلَّتْ من دُموعِ دَمِ |
هاتيك أو خيلانُ غالية ٍ | أضحتْ بها الوجنات في ذِمم |
حذِرَتْ سِهَامَ العينِ حُمْرتُها | فغدتْ من التَّسويدِ في عِصَم |
هاتيك أو حُلكٌ مُزَرْفنة | عُقْرِبْنَ في الصفحاتِ كالحُمَم |
باحتْ بأطرافٍ لها نُقُبٌ | فبدتْ وسائرُها بمُكْتَتَم |
هاتيك أو غَنَمٌ على قُضُبٍ | بيضٍ يتيهُ بها على العُنَم |
لجأتْ إلى وجنات شاكية ٍ | ضيفيْن مِنْ ندم ومِنْ سدَم |
لا بَلْ مُقَرَّعة ٍ بِمُنْكَرة | صحَّتْ وقد كانتْ من التُّهَم |
فحكتْ لجانيها وقاحتَهُ | بالنَّكْتِ في الوَجَناتِ لا النَّغم |
أو إثمدٌ وسَمَ البُكاءَ به | حمرا مُضَرَّمة ً بلا ضرم |
أجراهُ صدٌّ ثم حيَّرهُ | عَطْفٌ نهاه بعدَ مُنسَجَم |
فأقام بين محاجرٍ سرقَتْ | حَدَقَ الظِّباء وبين مُلْتَثَم |
مِنْ كُلِّ مُكْمَلة مُجَلَّلة ٍ | بالحُسنِ من قَرْن إلى قَدَمْ |
شجى الإزارُ لها برابية ٍ | وجرى الوِشاح لها على هَضَم |
مُنَيِتْ بخَصْمٍ مثلِها حَكَمٍ | في كل قلبٍ أيَّما حكم |
سيّان قيمتُها وقيمتُهُ | في الحسن عند تفاوتِ القيم |
ذي مُردة توفيك سُنَّتُهُ | نورَ الهلالِ وصورة َ الصَّنم |
لو مرَّ بالأجداث آونة ً | لجرتْ به الأرواحُ في الرِّمم |
أو عُرِّضَتْ بُهَمُ الحروب له | لرحِمْتَ ثمَّ مصارعَ البُهَمِ |
أعجِبْ به يُهدي إلى رجمٍ | حيَّا ويبعثُ صاحبَ الرَّجمِ |
شُعِفَتْ به فأذاقها طرفاً | مما تُذيقُ مُحالفَ الكتَم |
فبكتْ بدمعٍ لا يُجادُ به | إلا لذي قَدْرٍ من الألم |
من مقْلة ٍ سقمَتْ فغايتُها | إعداءُ مافيها من السَّقم |
مظلومة ٌ ظلاَّمة ٌ أبداً | مُنيَتْ بِمُتَّهم بِمُتَّهم |
يا للشقائق إنها قِسَمٌ | تُزْهَى بها الأبصارُ في القِسَم |
ما كان يُهدي مثلها تُحَفاً | إلاَّ تَطَوُّلُ باريء النَّسَم |
وهو الذي أهدى لنا حَسَنَاً | ذا الحسنِ والإحسان في القُحم |
ملكٌ تريكَ من السَّدَى يدُهُ | ما لا يُصًوَّر منه في الوهَم |
أعطى فأنطقَ كل ذي خَرَسٍ | ودعا فأسمَعَ كُل ذي صمم |
وأرى البليغَ قُصورَ مُبْلغِه | فطوى شقا شِقهُ على وَكَم |
أعطى كما أعطاهُ خالِقُهُ | غَرضَ المُنَى ونهاية الهمم |
فكأنما ضمنَتْ فضائلهُ | خَرَسَ البليغِ ونُطْقَ ذي البكَم |
يا أسفا إنْ بذَّهُ حَسَنٌ | سبقَ القضاءُ ومِرَّة ُ الوذَم |
لأبي مُحَمَّدٍ الحميدِ يدٌ | خُلِقتْ لِسَحِّ الوَبْلِ والدِّيم |
لله تلكَ يداً لقد جُعِلَتْ | وفقاً لما فيه من الشِّيَم |
ولقد تفاوتَ والمُفاخرُهُ | كتفاوُتِ الوِجدان والعدم |
ما زال سائله وسائلهُ | مُتُيمِّمَي نارٍ على علم |
من نورِ حكمتِهِ بمُضْطَرمٍ | وبحورِ نائله بملتَطَمِ |
قُصِرتْ عليه كتابة ٌ بيدٍ | وبهاجسٍ وكتابة ٌ بفم |
أخَذَ المُعَلَّى فاستبدَّ به | دونَ القِداحِ وليسَ بالزُّلَم |
لكنهُ قلمٌ يسوسُ به | جِيلْين من عُربٍ ومن عَجَمِ |
يَمْرِيه خاطُرُه فيُمْطِرهُ | ما شاء من نِعَمٍ ومن نِقَم |
نَمْ يا أخا الحاجاتِ إنَّ له | كرماً إذا ما نِمْتَ لم يَنَم |
تتبسَّمُ الأشعارُ ضاحكة ً | عنه فما تَفْتَرٌّ عن هَتَم |
لولا افتنانُ النُّطْقِ في طُرُقٍ | ما قال مِقْولُهُ سِوى نَعَم |
حلَّتْ خلائقُهُ بُمُتَّسع | فعُفاة ُ نائله بمُزْدَحم |
يغدو جدا كفَّيْهِ مقتسماً | ليصون عِرضاً غيرَ مقتسم |
أغنى فلولا أنه نفسي | لم أُغْشَ عَقوتَهُ سوى لمَم |
لكنَّه الزادُ الذي اغتفرتْ | فيه العقولُ فواحشَ النَّهم |
للَّهِ كفُّكَ أيُّ مُلْتَمَسٍ | للسائلين وأيُّ مُسْتَلم |
ما إن تزالُ الدهرَ فوق يدٍ | تَمْتاح نائلها وتحتَ فم |
قل للخليفة ِ فُزْ بخدمته | فلْتَغْنَينَّ به عن الخدم |
ولينهضنَّ بفتْحِ ذي سُدَدٍ | ممَّا عناكَ وسدِّ ذي ثُلَم |
يُمْناً وحَزْماً غير ذي خلل | وصريحَ نُصْحٍ غير مُتَّهمِ |
وكفاكَ يمُن مُرَسَّحٍ فرجَتْ | بركاتُهُ في غُمَّة ِ الغُمَم |
من طرّقتْ ديمُ السماءِ له | نُبذتْ إليه مقالدُ السّلم |
قحطتْ فلما آن مَنْهَضُهُ | جادتْ بِغَوْثِ الناس والنَّعِم |
وكأنما إطلاقُ عُقْدتِه | أرضى الزمانَ وكان ذا أضم |
فغدتْ به الدنيا وما ظلمتْ | مُفْتَرَّة ً عن كلِّ مُبْتَسم |
لله ذاك اليُمْنُ إنَّ له | في المُلْكِ حرفاً غيرَ مُدَّغِم |
فاسعدْ بذاك اليُمْنِ واحظَ به | واضمُمْ عليه الكفَّ من أمم |
مِفتاح أبوابِ السماء يفي | لك بافتتاح الأرضِ والأُمَم |
واعضُدْ بذاك الرأي مَملكة ً | تحتاجُ ظُلَّتُها إلى دِعَم |
فلْتُنْصَرَنَّ على الطُّغاة ِ به | ولْتُكْفَيَنَّ السيفَ بالقلم |
ومُظفر وعظ العدا بِعِداً | حانوا فأهداهمْ إلى أزم |
نظرتْ إليه عيونُهُم فغدتْ | تلك العيونُ مراتعَ الرَّخم |
هل من وليٍّ غيرُ مُنْتَعِش | هل من عدو غيرُ مُصْطِلم |
هل من مُوَلٍ غيرُ مُقْتَبلٍ | هل من شتيت غيرُ منتظم |
لبس الزمانُ به شبيبته | من بعد ما أشفى على الهرم |
أيرود رائدُك الكُفاة َ وفي | أدْنى ديارِك عَيْمة ُ العِيمَ |
في ابن الوزير كلالُ بادرة ٍ | تُرِضِي النُّهَى ومضاءُ مُعْتَزَم |
أسدٌ إذا أسرى لمُقْتنِصٍ | أسرى من الخطِّيِّ في أجم |
فلِمَنْ يُسالِمُهُ سلامَتَهُ | ولمن يُحاربُ عطْسَة ُ اللَّجَمِ |
فوليُّهُ وعْلٌ على جبلٍ | وعدوهُ جَزَرٌ على وضم |
مُتَغَنَّم الضَّحكاتِ مُثْمِنُها | وله لقاءٌ غيرٌ مُغْتَنَم |
زجرتْ بني وهبٍ عقولهُم | أنْ يعْرِضوا لمغصَّة اللُّقمِ |
ودَعَتْهُمُ عوْداً نزاهتُهُمْ | أن يَعْرِضوا لمصارعِ التُّخَم |
شَدَّتْ بهم عُقَدُ الخلافة ِ فاش | تدت وحُلَّت عُقْدة ُ الكظم |
ولتُذْعنننَّ لك الأمورُ بهسوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِشُكْراً فإنك في الكُفران مأثومُ بذيء كم خاضَ أُمَّكَ أيري وهْي وادعة ٌوإنه لشديدُ الوعك مَحْمومُ بذيء ما بات يدخلُ من بابٍ لها وحَدٍحاشاه من كُلِّ جَوْرٍ إنه لُوم | حتى تُقادَ إليك بالرمم |
سوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِ | شُكْراً فإنك في الكُفران مأثومُ |
كم خاضَ أُمَّكَ أيري وهْي وادعة ٌ | وإنه لشديدُ الوعك مَحْمومُ |
ما بات يدخلُ من بابٍ لها وحَدٍ | حاشاه من كُلِّ جَوْرٍ إنه لُوم |