وقفَ الهوى بك بعد طولِ وجيفه
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
وقفَ الهوى بك بعد طولِ وجيفه | وأفاق من يلحاك من تعنيفِه |
ولقد يَرُوقكَ بارتجاج نبيله | قمرُ النساء وباهتزاز قضيفِه |
قَبحَ الهوى ملكُ السماء فلم يزل | دَيْنا يدينُ قويُّه لضعيفه |
ولحا الصِّبا بعد المشيب فإنه | شأوٌ يريكَ الحُر خلَفَ وصيفه |
يا جارتي أوْدَى بياضُ مُسرَّحي | وبريقُه بسواده ورفيفه |
والشيبُ ضيفٌ لا يزال موكلا | بمَعقَّة ٍ ومساءة ٍ لمُضيفه |
وأرى قوامي لجَّ في تقويسه | ولقد يلجُّ اللين في تعطيفِه |
إن يَحمني بيضُ المشيب وشيبه | مَرْعايَ من بيض الشباب وهِيفه |
أو يَقْرني دَهري مذيقَ حَليبه | فلقد قراني من وَريِّ سديفه |
ومنعَّم كالماءِ يشفي ذا الصدى | كشفائه ويشفُّ مثل شفيفه |
ممن له حُسن الرَّحيق وطيبُه | ومراحُ شاربه ومشيُ تريفِه |
تلقى جنى التفاح في وجناته | وترى جنى العُنَّابِ في تطريفِه |
متّعتُ منه مسامعي ومراشفي | بنثير لؤلئِه وماء رصيفه |
روّيتُ سامعتيَّ من ترجيعه | بيتي زيادٍ في سقوط نصيفه |
وطفقتُ أرشف ريقَه عن ثغره | حتى شَفيتُ جوى الهوى برشيفه |
فالآن بُدِّل صحوه من لهوه | لاهٍ وطول عزوفه بعزيفِه |
أنى لذي شيب نسيم نسيمه | أنى له التتريف من تنريفه |
نسخَ الزمانُ سخافة ً بحصافة ٍ | فأتى حصيفُ الرأي دون سخيفِه |
وطوى المشيبُ تَغزُّلي بتجملي | فطوى لذيدَ تمتُّعي بعفيفه |
ما زال مرتادُ الزمان مطوِّفاً | حتى أصاب الرشدَ في تطويفِه |
عفَّى بإسماعيلَ في شيبانه | ما كان من حَجَّاجه وتثقيفه |
لبس الزمانُ من الوزير وعهدِه | بُرداً تحار العين من تفويفه |
ناهيكَ من حُسن الرَّواءِ جميله | عفِّ المغيَّبِ في الخلاء نظيفه |
أوليس تطريفُ الزمانِ بمثله | ما شئْت أو ما شاء من تطريفِه |
خُصَّ الوزير ببيتِ مجدٍ زاده | بيديه تشريفاً على تشريفه |
لو لم يُسقَّف بالسماء بناؤه | عَجَزتْ ظلال المزنِ عن تسقيفه |
يا حاسباً حسَب الوزير وحقُّه | أن يعجز الحُسَّاب عن تنْصيفِه |
أنَّى تروم يداك إحصاءَ الحصى | ويداه دائبتان في تضعيفِه |
لم يخلُ دهرٌ فيه إسماعيلهُ | من أمن خائفه وخوف مخيفه |
منجاة ُ هاربه محل طريده | مَنهاة طالبه غياثُ لهيفه |
قدرٌ يبور المترفون بسيفه | بحرٌ يلوذ المعتفون بسفينه |
وهبَ الزمانُ له فضائلَ نفسه | ورجالِه فحكاه في تصريفه |
لا حزم قَشْعمِه تراه يفوتُه | في النائبات ولا شذى غِطريفه |
وكأنما إشراقُه وسماحُه | إغداقُ مشتاه وصحو مصيفه |
وترى له نِعماً كجوِّ ربيعه | وكروْضه وكطِّيبات خريفه |
بسطتْ يداه العدلَ في سلطانه | حتَّى استوى بدنيه وشريفه |
جُزي الوزيرُ عن الرعية صالحاً | بنواله والرفق في تثقيفِه |
يعِدُ العقوبة َ فهي في تأخيره | ويرى المثوبة فهي من تسليفِه |
يا سائلي عن جوده بجزيله | ورضاه من شكرِ امرىء ٍ بطفيفه |
أضحى حليفاً للسماح ولم يكن | ليراه ربك غادراً بحليفه |
نغدو بمدح فيه أيسرُ حقِّه | فنحوز كل تليده وطريفه |
واسوأتي واللَّه من تطفيفه | إذ لا تخاف هناك من تطفيفه |
نمتاحه والجَوْرُ في توظيفنا | ويسُوسُنا والعدل في توظيفِه |
متطوِّلٌ نشتطُّ في تكليفنا | أبداً ولا يشتط في تكليفِه |
أمواله وَقْفٌ على تثقيلنا | وثناؤنا وقف على تخفيفه |
وبه نحُوك الشعرَ فيه لأننا | تَبَعٌ لمفتقر الفعالِ مَقِيفه |
يبني العلا ونقول فيه فإنما | تأليفُنا يُحذى على تأليفه |
عجباً له أنَّى يشيب معاشراً | يتعلمون الشعر من توقيفه |
كم جاد فيه من مديحٍ لم يَجدْ | عن نحت شاعره ولا تحذيفه |
غيث نعيش بصوبه ونرى العِدى | ضعفين تحت لهيبه ورجيفِهِ |
متبادرين قصيفَه بوميضه | متناذرين حريقَه بقصيفِه |
ليثٌ تَراعى الوحشُ حول حريمه | وترى الأسودَ مجانباتِ غريفه |
متبادراتِ دليفه بزئيره | مُتناذرات وثوبه بدليفهِ |
كم قد نجا منه الرفيق وما نجا | منه العنيفُ بلفِّه ولفيفه |
كالريح والزرعُ استكانَ لمرِّها | وعتتْ فلم تقدر على تقصيفه |
وتماتن الجِزع الأبيُّ مُهزُّه | فأتت عليه ولم تُرَع بحفيفه |
ملك تضمَّن لي بلوغَ محبتي | عند اعتلال الدهر أوتخويفه |
فإذا رهِبتُ أقلّني في رَبعه | وإذا رغبتُ أحَلني في ريفه |
ما قلتُ فيه كأن إلا أعوزتْ | أشبَاهُه فعجزتُ عن تكييفه |
لكنني استفرغتُ في تشبيهه | جُهدَ المُطيق وحدثُ عن تحريفه |
فأريتُ معناه العقولَ كما يُرى | معنى كلام المرء في تصحيفه |
ولواصفٍ في جُملة ٍ من وصفه | شغلٌ لعمر أبيك عن تصنيفِه |
يا من إذا ناديتَه بصفاتِه | دون اسمه بالغت في تعريفِهِ |
كم ظلِّ يأسٍ مطبِق كشَّفتَه | عند اعتقاد اليأس من تكشيفه |
بك طِيف تدبيرٌ يكيِّف لطفه | سدَّا صلاح الناس في تكييفه |
يبني الكثيفَ من اللطيف وإنما | تكثيفُ ذي التحصين من تلطيفِه |
متخصراً قلما نحيفاً جسمُه | في وزن ضخم الشأن غيرِ نحيفه |
للَّه أيُّ مصدَّر ومردَّفٍ | يهتزُّ بين ثقيله وخَفيفه |
ناهيك عن صدر ومن تَسْنينه | ناهيك من ردفٍ ومن تسنيفه |
كُسِيَ المهابة َ كلها بغَنائه | في كلِّ نازل مضلِعٍ ومُطيفه |
فترى السنان يلوح في تصديره | وترى الحسام يلوحُ في ترديفه |
وظليم أسفارٍ إذا افترش الفلا | بارى الظَّليم فزفَّ مثل زفيفه |
كلفتُه حملي إليك فخفَّ بي | وابتاع خطوتَه بقرب أليفه |
يمَّمتُ وجهك أهتدي بنجومه | عند احتشاد الليل في تسجيفه |
وصدتُ عما قال فيك مجرِّبٌ | لا عن مقالة عائف ومعيفه |
ومؤمَّل أغنيْتَه ومؤمِّلٍ | رجَّى غناك لججتَ في تسويفِه |
لم تألُ في تقديم مالك غائظاً | لمسابقٍ لم تألُ في تخليفِه |
فاسلم وكن أبداً أمام عِنانه | سبقاً وكن عُمراً وراء رديفه |
وأما وأشراف الرجال أليَّة ً | من مخلص يغنيك عن تحليفه |
ليشنّفنهمُ بمدحِك صائغٌ | لا تكبر الآذان عن تشنيفه |