بيوتنا وسر الفراغ العاطفي - خالد سعد النجار
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
بسم الله الرحمن الرحيمشبه الله عز وجل أوهن البيوت ببيت العنكبوت، وتلك حقيقةٌ قد يعيشها البعض وهو لا يدري، فكم منا يحيى في بيت من بيوت العنكبوت ووعيه مغيب على أن يدرك تلك الحقيقة، بل ومغيب على أن يقف على الأسباب التي أودت ببيته إلى تلك الحالة من الضعف الخفي، فبيته الذي يبدو للناظر من أول وهلةٍ متماسكٌ موزون البناء هو نسجٌ من خيوطٍ واهيةٍ أوهن من أن تصمد للمسة لامِس أو هَبَة ريح، ونعود فنسأل لماذا هذا الوهن؟ وكيف حدث دون أن ندري؟!.
الواقع أنه ثمة عوامل متعددة تتشارك في الوهن الخفي للبيوت.
لكن أحد أهم وأشهر تلك العوامل هو «الفراغ العاطفي» الذي يعود غالبًا إلى فتور وهج العاطفة بقدرٍ كبير بين الزوجين بعد الزواج ، ففي مرحلة الخطوبة يجد الخاطب الطاقة والنشاط الكافيين لإظهار وإثبات اهتمامه بالإنسانة التي لفتت انتباهه، فتراه يغدق عليها الهدايا والعناية الخاصة جدً.
وبعد أن يبلغ هدفه ويستحوذ عليها بالزواج، ويطمئن إلى أن الزوجة التي أرادها وناضل للحصول عليها قد امتلكها بل كسبها، ينقل اهتمامه إلى «شيء آخر»! مما تقتضيه ضروريات الحياة، فتستفيق الزوجة مع مرور الأيام بعدما تدرك التراجع في اهتمام زوجها بها - إن لم نقل انعدام هذا الاهتمام - مما يدفعها إلى الشعور بأنه خدعها، وبما أن الزوجة ليست من النوع الذي يتجاهل انفعالاته وعواطفه، وبما أنها تتألم لما آل إليه وضعها.
تحسم أمرها وترحل عاطفيًا من حياة زوجها، فتقاسي آلام الحرمان العاطفي في كل لحظة تعيشها معه.
كيف تشبع عاطفة زوجتك؟
يلعب الزوج دوراً حيوياً وكبيراً في إثراء المحبة وتوطيدها حينما ينجح في إرسال رسائل إيجابية لزوجته بأن زوجها هو ذلك الرجل الذي رسمته في خيالها.
يجسد القوة والحنان والتسامح.
يحتوي ضعفها وأنوثتها.
صبور أمام انفعالاتها في المنعطفات الصحية الطارئة ( الحيض والحمل والنفاس)، يقدّر اضطراباتها الهرمونية وحالاتها المزاجية المتقلبة.
يتعامل مع ظروفها النفسية بصبرٍ وجلد.
يمتص آلامها وأحزانها.
يقف في أزماتها موقف السند القوي الذي يحميها من عوز الحاجة وقسوة الأيام، كل هذه الصور سوف ترسم في قلبها ملامح جميلة تزدهر وتتألق مع الأيام حتى آخر لحظة من حياتها ..
ستحبه، ستعطيه دون حدود، ستتحول الحياة معه إلى جنةٍ وارفة الظلال، ستتغاضى عن قصوره في الجوانب الأخرى، لأنه بالنسبة لها الوطن، الحنان، القوة، الثبات ..
ستشعر به أباً وزوجاً وحبيباً وصديقاً، فما أغرب الرجال وهم يشتكون برود زوجاتهم العاطفي، وإهمالهن لجمالهن، وقساوتهن، وجفاءهن، وهم في كل هذا الخضم غير مدركين أن المعاني الجميلة تختفي من قلب المرأة حينما تكفر بالرجل.
• عندما تُخبر زوجتك أنك تحبها، فأنت تعلّمها أن تحبك ..
قد يعتقد البعض أن الشخص الذي يحبه لا يحتاج إلى سماع هذه الكلمة، أو أنه لن يأخذها مأخذ الجد، وربما يكون العناد أو التكبر هما ما يمنعنا من ذلك ..
ومهما كانت الأسباب لا يوجد مبرر يجعلك لا تقول لزوجتك «أنا أحبك».
• الكلام عن المشكلة أمام شخص يصغي بانتباه، مسألةٌ حيويةٌ بالنسبة للمرأة، فإذا لم تروّح عن نفسها مع الإنسان الذي يشاركها حياتها، يتفاقم غضبها الذي تصبه في النهاية عليه هو نفسه، لا لأنه منبع المشاكل التي تواجهها بل لأنه لم يكن البحر الذي تغرق فيه هذه المشاكل.
فإذا كفت زوجتك عن الإفصاح لك بكل ما يزعجها عليك أن تقلق لأن ثمة ما يقلق، وإن لم تعد زوجتك تطلعك على كل ما يعتمل في نفسها، فلأنها لم تعد تثق بك ولم تعد ترى في شخصك ملجأ لها وملاذا تفرغ فيه الضغط الذي تتعرض له.
• الرجال يميلون عادة إلى الاعتقاد بأن الكلام هدفه «تقديم المعلومات»، وبالتالي يصبح الهدف من الإصغاء هو تلقي المعلومات، أي التسليم بأن معلومات الشخص الآخر أكثر وفرة من معلوماتهم.
وهذا في الواقع اعتقاد خاطئ، فالإصغاء يعني الاهتمام بالآخر وبرغباته، فاسمع من شريكتك واسكت، وكف عن الاعتقاد بأن الإصغاء لزوجتك من دون إبداء لرأي تصرف لا يليق بك كرجل.
• لا تشعر زوجتك بأنها مُهانة لديك، بل يجب أن تشعرها أنها ملكةٌ معززةٌ مكرمة، ولا تنس الثناء عليها بين الفينة والأخرى أمام الأبناء وذويها وذويك في حضرتها وغيابها.
• تحتاج الزوجة أن تدرك أن زوجها يعطي أهمية أولى لمشاعرها وحاجاتها ورغباتها وأمانيها، فعندها تشعر باحترامه لها.
وهذا من خلال إظهار الزوج اهتمامه الحقيقي بها، ومن خلال تذكر المناسبات الخاصة التي تخصها كذكرى زواجهما، ومن خلال القيام بتصرفات إيجابية رومانسية تظهر اهتمامه بها كهدية باقة الورد ..
فالزهور لغة الحب العالمية والتاريخية، وهي لا تكلف كثيرًا، وتباع في طريقنا اليومي ..
فلماذا تنتظر دخول زوجتك إلى المستشفى لتقدم لها باقة من الزهور؟!
• لا تطيق المرأة أي انتقاد يوجه إليها بصدد مظهرها الخارجي على وجه الخصوص.
وقلما توجد امرأة راضية تماماً عن مظهرها الخارجي، وتراها تسعى باستمرار لأن تكتشف فيما لو كانت ما تزال جذابةً في نظر زوجها ..
لذا فعليك أن تسعى دائمًا - قدر إمكانك - للتأكيد لها أنك تجدها فعلاً جميلة ومثيرة ورائعة.
كيف تشجعين زوجك على تلبية حاجاتك العاطفية؟
الرجل يحتاج للتقدير والتشجيع حتى يستمر في العطاء، ويتوقف عن العطاء عندما يشعر أن شريكته تعتبر ما يقدمه فرضًا عليه أداؤه، إنه يحتاج للشعور بأن زوجته تقدر ما يقوم به، وتثق به وبإمكاناته، وبقدرته على القيام بالأعمال المطلوبة منه.
وفي كل مرة تقدر الزوجة ما قدمه لها الزوج فإنه يشعر بالحب، ويمنحها الحب في المقابل، فتذكري أن الحاجة الأولية للرجل هي «التقدير».
وكثيرًا ما تجهل المرأة القوة التي يحققها حبها، فتحاول دون داع أن تلتمس حب الرجل بأداء أعمال لا يريدها ولا يحتاجها، فالمصدر الرئيسي للحب عند الرجل هو «الاستحسان المحب لتصرفاته» فالرجل أيضا له خزان حب، ولكنه لا يملأ بما تفعله المرأة من أجله، بل يملؤه رد فعلها الإيجابي لما يقوم به، وتعبيرها عن شعورها نحوه.
والنساء مرهفات الحس وغالبًا ما تبكي لرؤية مشهد درامي، أو عندما يكسر ظفرها، أو عندما لا تعجبها قصة شعرها، والأسوأ من هذا أنها تتوقع من الرجل أن يغير كل شيء بحركة واحدة وكأنه ساحر! ..
بالطبع يحب الرجل المرأة العاطفية، ولكنه لا يحب سيل الدموع المنهمر لأنه ببساطة غير مبرمج على التعامل مع هذه المواقف ..
دعي دموعك جانبا، وتحدثي معه عما يضايقك.
وأخيرا لا يفوتنا التأكيد على أنه عندما يكون الزوجان أصدقاء في المقام الأول فإن الأمور تسير طبيعية من تلقاء نفسها، فالصداقة تحث الصديق أن يدعم صديقه ويحتمله ويعطف عليه، ويلتمس له العذر، كما أن الصداقة تسهل عملية التواصل، وتمهد الطريق لانشراح الصدور، كما أنها أيضًا تعني التزام الجدية إذا تطلب الأمر ذلك، فالصديق المخلص على اتصال دائم بصديقه، يجده وقت الرخاء، ولا يفتقده وقت الشدائد.