ومن العجائبِ يا أبا الفيَّاض
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ومن العجائبِ يا أبا الفيَّاض | تبديلُك الإقبالَ بالإعراضِ |
أعزِزْ عليَّ بما رأيت فإنه | مرضٌ بُليتَ به من الأمراض |
ما إن أسيتُ لأن ظلمك هاضني | لكن أسيتُ لرأيكَ المنْهاضِ |
يا من صِناعتُه الدعاءُ إلى العُلا | ناقضتَ في فعلَيْك أيّ نِقاض |
أمِنَ العُلا تركُ الوفاءِ لصاحبٍ | لم تَقْضِه النكْراءَ عن إقراض |
عجبا لحضَّاض الكرامِ على الذي | هو فيه مُحتاجٌ إلى حَضَّاض |
وصفَ المكارم وهو فيها زاهدٌ | ورأى الجميلَ وفيه عنه تَغَاضي |
لم ألقَ كالشعراءِ أكثر حارِضاً | وأشدَّ معْتية ً على الحُرَّاض |
كم فيهمُ من آمرٍ برشيدة ٍ | لم يأْتِها ومُرَغّبٍ رفَّاض |
يا حَسْرتا لمودَّة ٍ أدبية ٍ | لم نفترق عنها افتراقَ تراضي |
ليس العتابُ بنافعٍ في قاطع | أعيا المشيبُ تتابعَ المقراض |
الآن أيقنَ بعد غَدْرِكَ رائدي | أنَّ البروقَ كواذبُ الإيماض |
خَذْ من حِبالك ما نكثتَ مُصاحِباً | يا صاحبَ الإنكاثِ والإنقاض |
فيما أفاد بك الزمانُ من النُّهى | عِوضٌ وفاءٌ منك للمُعتاضِ |
والودُّ حقٌ ما رأيتُ أداءَهُ | مُتَيَسِّراً لمطالبٍ بتقاضي |
جَمَحَ الغِنى بك جَمْحة ً مذْكورَة ً | فادفع أعنَّتَهُ إلى الرُّواضِ |
واسْوأتا إن ضاقَ ذَرْعُك بالغنى | عِند ادِّراعِ قميصه الفضْفاض |
رتَّبْتَ قدْرَك دونَ ما مُلِّكتَه | لا ظُلمَ أنت عليه أعدلُ قاضي |
ما سُخْطُنا لك خُطة ً مُسْخُوطة ً | تُضحي وأنت بها لنفسك راضي |
أإن اجتنيتَ جنَى الكرامِ لقيتَني | بتجهُّمِ البيضاءِ نبْذَ بياض |
يا جاني التمر اللذيذ مذاقة ً | ما لي أراك كآكل الحمّاض |
لا تُزهَيَنَّ بما مَلكتَ فلم تكن | من قَبْلها حَرَضاً من الأحراض |
قدْ كان قبرُ أبي شُراعَة مُطلِقا | لك أن تتيهَ بجرهِ الفيَّاض |
أبديتَ لي حبْلَ التكبُّرِ فاحتقبْ | عدلاً تبيتُ له بليلِ مخاض |
ولما هجوْتُك بل وعظتُك إنني | لا أجعل الأعراض كالأغراض |
فاكفُفْ سِهامَك عن أخيك فإنما | آسفتَه فرمَاك بالمِعراض |
ومتى هجَوْتَ مُعاتِباً لك مُنصِفاً | فلديهِ عزمٌ في هجائك ماضي |
واعلم بأنك إن وردْتَ على الذي | نهنهتَ عنه وردْتَ شرَّ حياض |
ومتى نَفَحْتَ من الهِجاء بنفحة ٍ | عالت فريضتُها على الفُرَّاض |
لستُ الحليمَ عن السَّفيه أخي الخنا | كلاّ ولا الواني عن الركَّاض |
قد جرَّبَتْ منّي الوقائعُ باسلاً | أبقى الزَّمانُ به نُدوبَ عِضاضِ |
أنا من يرى المكوى أقلَّ هِنائهِ | ويقابلُ الأخلالَ بالأحْماضِ |
فليبْرأ الجَرْبَى فلستُ كمن لقُوا | ما أبعد المِكْوَى من الخضْخاضِ |
أنا من سَمِعتَ به وحسْبُك خِبرة ً | بأخيك ذاك المُبرمِ النقَّاض |
فمتى حَلُمتُ لقيتَ أحنفَ دَهرِهِ | ومتى جهلتُ مُنيتَ بالبرَّاض |
فاعذِرْ أخاك على الوعيدِ فإنما | أنذرتُ قبل الرّمي بالإنباض |
أنذرتُ نبلي أنها إن أُرسلتْ | لم تُبقِ باقية ً من الأعراض |
واعلمْ وُقيتَ الجهل أن خساسة | بطر الغِنَى ومذلة الأنفاض |